بيروت ـ ننا
أحيا الجنوب الذكرى السنوية الثامنة عشرة لشهداء مجزرة قانا والمجازر التي ارتكبها العدو الاسرائيلي خلال عدوان عناقيد الغضب في نيسان عام 1996، باحتفال اقيم عند نصب شهداء مجزرة قانا، في حضور عقيلة رئيس مجلس النواب رندى عاصي بري، عقيلة رئيس التنظيم الشعبي الناصري ايمان سعد، مسؤولة مكتب شؤون المرأة المركزي في "حركة امل" رباب عون، رئيس الحركة الثقافية في لبنان امين عام الشؤون الخارجية في مجلس النواب بلال شرارة، فنانين وطلاب جامعيين، وفود من القوى الفلسطينية وكشافة الرسالة الاسلامية واندية كشفية، ممثلين عن جمعيات اهلية، ذوي الشهداء، وقوى سياسية وفاعليات بلدية.
استهل الاحتفال بالنشيد الوطني ثم القت سعد وعون كلمتين ركزتا فيهما على "ضرورة ابقاء ذاكرة الشهداء، خصوصا شهداء المجازر الصهيونية، حية في وجدان الامة".
بعدها القت بري كلمة قالت فيها: "في زمن القيامة من فوق الجلجلة ومن البلدة التي اختارها رسول المحبة والسلام عيسى المسيح، مكانا لمعجزته الأولى في قانا الجليل، لكم من قانا في أسبوع قيامة السيد المسيح، الذي أنكره أصحابه ثلاثا قبل صياح الديك من أجل ثلاثين من الفضة، لكم السلام من قانا ورحمة الله و بركاته".
اضافت "على الفطرة نشأ أطفال الجنوب، وحفظوا عن ظهر قلب، كما سائر أطفال العالم أن السماء هي مكان لضوء القمر، ومساحة للنجوم المتلألئة، وهي مرتع للشمس الصبية تمارس فيها فعل الحقيقة وكبد السماء. وبالفطرة أيضا تعلم أطفالنا أن غيوم السماء حتى لو كانت سوداء، لا تحمل في طياتها الا الخير والمطر ولا يختبئ خلفها الا الفراشات".
وتابعت "ففي مثل هذا اليوم من العام 1996، كسرت المشيئة الشيطانية الفطرة البشرية والانسانية لكنها لم تنتصر. كانت عيون الأطفال المختبئة تحت خيمة الأمم المتحدة تنظر الى السماء، وتفتش خلف الغيوم، تنتظر قدوم فراشات الربيع، ومطر نيسان، وضوء الشمس. لكن غاب عن بال الطفولة المسكونة بالبراءة أن وحشا حديديا كان قد أطاح بكل الآمال، وخرق سكون السماء، وقتل الفراشات حاملا معه موتا زعافا لعشرات الأطفال والنساء والشيوخ في كنف الأمم المتحدة. كنف السلام المزعوم. فبين غمضة عين ورفة قلب تلاشت الأحلام واختلطت الأشلاء بالأشلاء، والدماء غيرت لون الربيع والغيوم حبست أمطارها والشمس احتجبت عن السطوع، وكانت قانا على موعد جديد مع المعجزة. قانا هي شهادة طفولة وقيامة وطن".
وأردفت "الصورة هي نفسها، والوجوه هي نفسها، وان اختلفت الأسماء من المنصوري الى النبطية الفوقا وسحمر ويحمر. قتل ممنهج بدم بارد، والجلاد واحد. قتلة السيد المسيح ولصوص الهيكل والأنبياء الكذبة، هم الاسرائيليين الذين أبقاهم العالم استثناء لا تنطبق عليه القوانين الدولية".
وحيت "كل شهداء قانا في مجزرتيها الأولى والثانية لشهداء اسعاف المنصوري، والنبطية الفوقا وسحمر ويحمر، وكل شهداء عدوان عناقيد الحقد والغضب، وكل الشهداء الذين سقطوا في الحروب العدوانية الاسرائيلية"، معتبرة أنهم "القدوة، ودمهم الشعلة التي نشد دائما الرحال باتجاهها، عندما تلتبس على البعض وجهة الصراع، وهوية العدو. معهم دائما نتيقن أن من كانت اسرائيل عدوه فهي عدو كاف".
وقالت: "نلتقي اليوم في قانا، غير ما كنا نلتقي في الأعوام السابقة، حين كنا نرفع الصوت ونطالب بمحاكمة القتلة، الذين ارتكبوا المجازر بحق أبناء الجنوب وأبناء فلسطين. لم نأت اليوم لنكرر تلك النداءات، لأننا بتنا على يقين أن حق الشهداء لا يمكن أن يسقط بمرور الزمن، وان عدالة السماء أقوى من عدالة أهل الأرض، وان العدالة الدولية قد ماتت يوم قتل أطفال قانا تحت علمها، والضرب بالميت حرام".
أضافت "لكن نلتقي اليوم مع هذه النخبة من الفنانين اللبنانيين في معهد الفنون الجميلة، وجمعية الفنانيين اللبنانيين للرسم، وشعراء، ومبدعين كي نحفظ الألق والحياة في قضية الشهداء، لا سيما شهداء المجازر الاسرائيلية من بحر البقر ودير ياسين الى قانا والمنصوري والنبطية الفوقا، وهي مجازر يراد لنا أن نطوي كل فصولها المأساوية، والدامية ونسقطها من جدول ذاكرتنا من خلال اشغالنا بصفحة، وسجل جديد من المجازر بدأت تحجب الرؤيا عن السجل الاجرامي للكيان الصهيوني، وللأسف وبكل مرارة نقول نعم ما يرتكب على مساحة وطننا العربي اليوم، من قتل وسفك للدماء البريئة باسم الدين وباسم الحرية والديمقراطية هو مشتق بكل تفاصيله وبشاعته من أبجدية اسرائيل الاجرامية، حتى لو حمل مرتكبي هذه المجازر أسماء اسلامية".
وإذ شددت على "اهمية دور الاعلام في تسليط الضوء على عدوانية اسرائيل واجرامها".
اعتبرت ان "مسؤوليتنا واياكم، أيها الفنانون، يا من لم تتلوث ريشتكم أو حبركم بألوان الحقد والكراهية، أن نعيد تشكيل الحقيقة في الأمور التالية:
أولا: أن نعكس باللون والصوت والكلمة الصورة الحقيقية لجوهر الانسان في هذه المنطقة، وأن نجسد البعد الحقيقي لرسالات الله.
ثانيا: أن نؤرخ بالفن والثقافة لحقبة هي الأكثر اشراقا في تاريخ الأمة المعاصر، حقبة المقاومة والانتصار على اسرائيل، خصوصا في مرحلة يحاول البعض في الداخل والخارج شيطنة هذا التاريخ وتدنيسه وتدليسه.
ثالثا: النأي بالفن والثقافة والتراث عن أية اصطفافات طائفية ومذهبية وسياسية وابقائه قطاعا انسانيا راقيا فوق كل الموبقات، التي تريد للانسان في لبنان والمنطقة أن يتوزع على محاور الانقسام المذهبي البغيض.
رابعا: وهذا الأهم في زمن التحريف والانحراف، على عاتقكم وعلى عاتق مؤسسات الرأي ورجال الفكر، اعادة تشكيل الوعي وتصويب البوصلة نحو العدو الحقيقي لهذه الأمة وانسانها وتراثها وثقافتها وتاريخها وحاضرها ومستقبلها وهو العدو الاسرائيلي الذي نجده اليوم في قمة الشماتة والفرح في ظل انشغال العرب بعضهم ببعض".
بعدها افتتحت بري معرضا للصور واللوحات التشكيلية، شارك فيه فنانون ورسامون من معهد الفنون الجميلة، وجمعية الفنانيين للرسم، يؤرخ لشهداء المجزرة ويخلد دماءهم".