دبي ـ وكالات
احتضن بيت الشعر، الجلسة الأولى من جلسات الندوة الفكرية المصاحبة لمهرجان الشارقة للشعر العربي، وقدم للجلسة نواف يونس مدير تحرير مجلة دبي الثقافية واشترك فيها كل من الدكتور حمادي صمود بورقة بعنوان “المقاربة الثقافية للشعر” والدكتور رشيد بنحدو بعنوان “الأبنية المحتجبة في النص الشعري العربي” . استهل حمادي صمود حديثه بالقول إن مفهوم النقد الثقافي الرائج في الدراسات النقدية في المشرق العربي هو مفهوم غائب في المغرب العربي، نتيجة لأنه مفهوم غير معروف في الدراسات النقدية الأوروبية التي يتصل بها المغاربة بشكل مباشر، فهو مفهوم مرتبط بالبيئة الثقافية الأميركية ولم يستقر بعد، وقد استقاه المشارقة من هناك . وحلل صمود أصول نشأة هذا النقد التي تعود إلى عدة منجزات في مجال الفكر والنقد الأدبي والتحليل النفسي، وبالتحديد أعمال جوليا كريستيفا في مجال السيميوطيقا، وتحليل جاك لاكان النفسي المبني على مكاسب الشعرية على مذهب رولان بارت، وفلسفة التفكيك عند جاك دريدا التي تأثر بها الأميركيون بشكل مباشر، وقد صبت كل تلك الأطروحات على اختلاف منابعها في اتجاه إعادة النظر في الثابت والمستقر من الأطروحات الأدبية والفكرية، وتفكيك الخطابات، وفتح آفاق جديدة للتأويل، تطبيقاً لما عرف بمفهوم تفكيك الميتافيزيقا عند هيدغر الذي يعني تحطيم كل سلطة مهيمنة على النص، وكل هوية أو ذات قبلية سابقة على التأويل، ومفهوم الانفصام بين الدال والمدلول عند فيلسوف التحليل النفسي جاك لاكان الذي ألغى به مفهوم التلازم بين الدال والمدلول عند سوسير، فالعلامة لا تشير دائماً إلى معنى محدد، وهي تأويلية ومنفتحة على كل الاحتمالات . وخلص حمادي صمود إلى أن كل تلك الأطروحات وغيرها صبت في اتجاه تكون نوع من النقد التحليلي للخطاب قصد الكشف عن أبعاده الأيديولوجية والثقافية والإنثروبولوجية، وأدت إلى انفتاح مفهوم النص وتجاوزه الحدود التقليدية، وإلغاء ما بين الأجناس الأدبية من فروق، بل تجاوزت النص الأدبي إلى معالجة كل أشكال الخطاب الأخرى ووضعها على قدم المساواة . ورقة الدكتور رشيد بنحدو “البنيات المحتجبة في الشعر العربي”، قسم فيها أشكال العلاقة بين النص الذي يكبته أي شاعر وبين نصوص سابقة عليه إلى ثلاثة أنواع من العلاقات هي: علاقة الدرجة الأولى وهي علاقة حوار (التناص)، وعلاقة الدرجة الثانية وهي علاقة سطو (السرقة)، وعلاقة الدرجة صفر “الاحتجاب” وهي التي تنتقل فيها بنية من نص سابق إلى نص حاضر في غفلة من مؤلفه، فالبنيات المحتجبة عند بنحدو هي تلك النصوص التي تشكل خلفية ثقافية لشاعر ما وتفعل فعلها في نصه الذي يكتبه بحيث يظهر أثرها بشكل تلقائي في نصه من خلال بنية لفظية أو شكلية أو إيقاعية أو غيرها، وقال إن هذا الشكل من الظهور أثار اهتمامه في نصوص لبعض الشعراء مثل محمود درويش وأدونيس ونزار قباني والسياب وغيرهم . وقد طبق رشيد نموذجاً لهذا الاحتجاب على قصيدة لنزار قباني رأى أنها تحتجب داخلها بنية لقصيدة للشاعر الفرنسي جاك بريفير .