الدقهلية - رامي القناوي
فقدت مدينة المنصورة الفن المسرحي، في ضوء اهتمام قصر الثقافة هناك، بالأعمال المسرحية الخاصة بالأطفال فقط، واستغلال قاعات قصر المنصورة في إقامة المؤتمرات والندوات الخاصة بالأحزاب وعدم استغلال تلك المساحة الشاسعة التي أقيم عليها هذا القصر في استضافة أعمال مسرحية خاصة في الأعياد والمناسبات. فيرجع تاريخ بناء هذا المسرح إلى الستينات، من القرن الماضي، حيث قامت وزارة الثقافة بإنشاء المسرح الذي يقع علي مساحة3500 متر مربع،علي كورنيش النيل، واستغرقت عملية البناء وقتا طويلا، لظروف نكسة 1967و حروب أكتوبر المجيدة عام1973، ليعود من جديد الاهتمام بالمسرح، واستئناف العمل فيه، حيث تم افتتاحه بعد أكثر من10 سنوات من البدء في إنشائه. ويضم القصر الثقافة أكبر قاعة مسرح على مستوى مصر، فهي أكبر من قاعة دار الأوبرا، فتسع 1200 كرسي، مقابل 1060 كرسيا فقط في دار الأوبرا، ويتكون من4 وحدات رئيسية،الأولى هي قاعة المسرح للتجهيزات التكنولوجية الحديثة لنظم الإضاءة والصوت والمؤثرات وتحريك الديكور وملحق بها غرف خاصة للممثلين والممثلات و مكتبة ضخمة بها أكثر من35 ألف كتاب، ومرجع ومجموعة نواد متخصصة كنادي السينما والفنون التشكيلية والأدب، والمرأة وتكنولوجيا المعلومات. أما الوحدة الثانية فتشمل مركز ثقافة الطفل في المنصورة المتخصص في تقديم جميع ألوان الخدمة الثقافية والفنية لأطفال وطلائع المنصورة والدقهلية ويضم مكتبة متخصصة ومسرحا صيفياً يطل على نهر النيل مباشرة، والوحدة الثالثة تضم أقسام الشئون الفنية والثقافية والمكتب الفني والتخطيط والمتابعة وإدارات الشئون القانونية والمالية وهذا الفرع يقوم بتخطيط البرامج الثقافية لكافة المواقع الموجودة بالمحافظة والتي يبلغ عددها40 موقعاً ثقافياً، على مستوى المحافظة، موزعة مابين قصر وبيت ثقافة ومكتبات فرعية، إلا أن كل تلك الإمكانيات لم تستغل لصالح جمهور مدينة المنصورة، وأصبح الاهتمام بالفن المسرحي والثقافي معدوم. أما المكان الثاني فهو مسرح المنصورة القومي الذي يعد نسخة من مسرح الأزبكية ومسرح سيد درويش بالإسكندرية والذي تحول إلى دار أوبرا، إلا أن مسرح المنصورة أصبح مهجورا يسكنه الأشباح والفئران، الأمر الذي دفع اليابان إلى تقدمت منحة قدرها 21مليون يورو لتطويره، وفقدت مرتين متتاليتين دون وجود سبب حقيقي. و أقيم مسرح المنصورة القومي منذ أكثر من 100 عام، على الطراز الإيطالي في باكورة تتشابه مع مسارح نابولي وروما وتم إنشائه بشارع البحر المطل على النيل مباشرة وعلى بعد أمتار قليلة من مبنى مديرية امن الدقهلية الجديدة . ودل عدد من السجلات الورقية بدار المحفوظات في القلعة أن المبنى كان من ملحقات قصر أمينة هانم زوجة الخديوي توفيق وبني عام 1870 ثم قام المهندس الإيطالي، أ. ماريللي عام 1902م بتصميمه وإعادة بنائه ليحتوي على ديوان مجلس بلدية مدينة المنصورة و حجرات و صالة لإقامة حضرات أعضاء المجلس البلدي بالإضافة إلى مسرح (تياترو) يتسع ل650 مقعداً، وبه كازينو المجلس البلدي وصالة للبلياردو– كان يتوسط القوس الكبير المسرح،تاج ملكي مذهب، ويتدلى منه ساعة كبيرة. وفى عام 1940 تم تخصيص صالة المسرح للمطافئ حتى عام 1964 عندما تم إعادة افتتاح مسرح المنصورة القومي في عيد الدقهلية القومي 7 أيار/مايو 1964 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كانت ستائر المسرح في الافتتاح من القطيفة ذات اللون الأحمر المشغولة بخيوط الذهب. وقال المدرس المساعد بهندسة المنصورة المهندس دكتور مهند فودة لــ"عرب اليوم" إنه قام بتوثيق وتصوير حالة مسرح المنصورة القومي الإنشائية في ديسمبر الماضي، وتبين أنها في تدهور مستمر، حيث سقطت أجزاء خرسانية جديدة من الأسقف بسبب الممارسات غير المسؤولة للمسؤولين بالحي، ومجلس المدينة المتمثلة في تشوينات عشوائية أعلى السطح واستمرار تسرب صرف دورات المياه الخاصة به ومياه الأمطار فوق سقف المسرح. وأضاف أن المسرح الملكي الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1870 وأعيد بناؤه في عام 1902 بعد أن وضع أحد المهندسين الإيطاليين تصميمه الحالي المقام وفقا للطراز المعماري الإيطالي. وأشار إلى أن هذا المسرح التاريخي مهدد بالهدم والفناء تماما إذا لم يتم التدخل السريع لإنقاذه. وأكد مدير عام دار العرض السابق بمسرح المنصورة القومي سعد رزق أن المسرح شهد أقامة أهم العروض المسرحية، حيث وقف عليه كل من جورج أبيض، و يوسف بك وهبي، الذي قدم على خشبته عرض مسرحي لموسم كامل، كذلك أقامت عليه السيدة أم كلثوم عدد من الحفلات الغنائية في الثلاثينات وأوائل الأربعينات، وقدم عليه الفنان محمد صبحي مسرحية علي بك مظهر، ويوسف شعبان مسرحية مطار الحب. وقال إنه رغم أهمية المسرح، إلا إنه تم استقطاع أجزاء كثيرة منه على مر تاريخه بداية من تحويل صالة المسرح إلى مطافئ، ثم تحويلها إلى كازينو المسرح الذي كان يخدم الجمهور في استراحات العروض إلى مقر لبنك الدقهلية ثم فرع لبنك المصرف المتحد"حالياً"، وتحويل غرف الممثلين خلف خشبة المسرح لمعرض للأسر المنتجة، وتأجير الاستراحات الخاصة بالممثلين للأفراد واستغلالها في أنشطة تجارية. واستكمل مدير عام المسرح القومي بالمنصورة عادل عفر الحديث فيقول أن المسرح تم إغلاقه عام 2005، وتوقفت جميع أنشطته التي كانت تمارس عليه، وأصبح المسرح في حالة يرثى لها، وفي عام 2010 قامت القوات المسلحة بعمل مقايسة تقديرية لمشروع ترميم المسرح وتحويله لصرح ثقافي متكامل، دار أوبرا المنصورة ومسرح وسينما وفندق لإقامة الفرق من الخارج وبلغت التكلفة حينذاك 22 مليون جنيه، حيث عرضت حكومة اليابان تقديم منحة لمشروع الترميم والإحلال والتجديد وتحويله لدار أوبرا المنصورة ضمن منحة من حكومة اليابان إلى دول العالم الثالث. واشترطت حينها إخلاء المبنى بالكامل من الأنشطة الغير ثقافية كالبنك ومجلس المدينة ومعرض الأسر المنتجة والمحلات، ولم نحصل على المنحة وقتها لصعوبة إخلاء تلك الأنشطة، إلا أن حكومة اليابان قدمت منحة جديدة لدول العالم الثالث لعام 2013 بذات الشروط وانتهت مهلتها في يناير 2013. وأكد أنه تم العرض سريعا على محافظ الدقهلية اللواء صلاح الدين المعداوى لإنقاذ المسرح وإخلاء المبنى من هيمنة مركز مدينة المنصورة والأسر المنتجة وبنك المصرف المتحد حتى نتمكن من الحصول على المنحة، وإقامة سرح عملاق في المنصورة، إلا أن المحافظ وعد بإخلاء المبنى من كافة الأنشطة المخالفة لشروط المنحة وهو ما لم يتحقق وتسبب في ضياع وإهدار. وقال إن المنحة التي تقدمت بها اليابان لن تحمل الدولة أي أعباء مادية في أعمال الترميم والتجديد ومنح المدينة أوبرا تاريخية مجهزة بأحدث النظم و التقنيات الحديثة ،وتسبب تباطؤ الإدارة المحلية في الدقهلية في إهدارها مرتين .