مؤسسة عبد الحميد شومان

تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان الثلاثاء المقبل، الفيلم الياباني "بعد العاصفة"، ويقدم المخرج الياباني كور-إيدا هيروكازو في فيلمه (بعد العاصفة) إنتاج 2016 دراما إنسانية هادئة ذات مشاعر عميقة وآسرة، شخصية ريوتا، الروائي المحبط الذي يبدو للوهلة الأولى كإبن وأب غير مسؤول وغير صالح اتجاه عائلته وطفله، مضى 15 عاماً على حصول ريوتا على جائزة أدبية عن روايته الوحيدة (الطاولة الفارغة)، ويأمل في متابعة طموحه وتجاوز خوائه الإبداعي الحالي، لكن وضعه المالي يضطره إلى العمل كمخبر خاص، وهو العمل الذي يخجل منه ريوتا، فيدعى أنه يعمل على بحث لروايته المقبلة.

ويصل  ريوتا الروائي المحتفى به قبل سنوات، الآن إلى الحضيض، مبدداً كل نقوده التي جمعها من خلال عمله كمخبر خاص في المقامرة، وهو بالكاد يستطيع أن يؤمن نفقات طفله.

بعد وفاة والده، تمضي كلاً من والدته المسنة وطليقته في حياتهما. يحاول ريوتا أن يستعيد ثقة عائلته، ويقاوم من أجل أن يستعيد السيطرة على حياته مرة أخرى، ومن أجل أن يجد حضوراً راسخاً له في حياة ابنه، ومن أجل أن يستعيد طليقته، فتُقدم لهم ليلة صيف عاصفة الفرصة كي يجتمعوا مرة أخرى بمن فيهم طليقته في منزل والدته.

فهل ستشكل هذه الليلة العاصفة نقطة انعطاف وتحول؟ هل سيتمكن ريوتا من مواجهة حقيقة أنه بات نسخة في سلوكه، وبشكل خاص في المقامرة عن والده المتوفي؟ وهل سيتمكن ريوتا من جَسر الهوة في العلاقة بينه وبين عائلته؟

ويغوص المخرج هيروكازو في (بعد العاصفة) كما في أغلب أفلامه، عميقاً في حياة الناس اليومية العادية، وفي العلاقات والروابط الإنسانية والعائلية، في الذاكرة، في الحب، في الطلاق والأسر المفككة، في المسؤولية، والغفران، وفي الآمال المحطمة، فثمة مسافة فاصلة بين ما نريد أن نكونه وبين ما نحن عليه الآن.

يقدم هيروكازو في فيلمه شخصيات هي مزيج فريد من الكآبة والقوة، فما أن تصل الحضيض حتى أن تنهض وتعيد المحاولة من جديد، وبالإضافة إلى الإخراج قام هيروكازو بمونتاج وبكتابة سيناريو (بعد العاصفة)، تاركاً بصمته الخاصة على بناء الحبكة، بحيث لا يجد المشاهد في طياتها مواجهة حادة أو مصالحة مريحة تجعل الفيلم ينزلق إلى الميلودراما، بدلاً من ذلك يخلق لحظات نادرة تتحرر فيها الشخصيات من أقنعتها، وتعود إلى نفسها مواجهة انكساراتها، وإحباطاتها، وأمانيها المتعثرة.

وعمل هيروكازو بعد تخرجه من الجامعة في شركة تلفزيوينة مستقلة، حيث أخرج العديد من البرامج الوثائقية التي حصلت على جوائز، وبعدها تمكن على مدار عقدين من الزمن أن ينتزع لنفسه مكانة سينمائية، ففيلمه (بعد العاصفة) عرض في قسم "نظرة ما" في مهرجان كان عام 2016، وهو الفيلم الثاني عشر من سلسلة أفلامه التي بدأها عام 1995، بالفيلم الروائي الطويل (خدعة الضوء) الذي حاز عنه جائزة أوسيللا الذهبية من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.

مروراً بفيلمه (مسافة) عام 2011، الذي تم اختياره للمشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي، وصولاً إلى فيلمه الشهير (من شابه أباه فما ظلم) عام 2013 الذي فاز عنه بجائزة لجنة التحكيم من مهرجان كان.