ألقى الفيلم الفلسطيني "جيرافادا" ، الذي عرض ضمن فعاليات الدورة السادسة لبانوراما الفيلم الأوروبي بالقاهرة ، الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني تحت وطأة الاحتلال والحصار الإسرائيلي المتواصل ، من خلال "زرافة". وعلى الرغم من غرابة الفكرة لكنها نالت إعجاب الكثير من مشاهدي الفيلم الذين اعتبرو أحداثه تميل إلى لغة السينما السلسة والبسيطة في عرض القضية ، بعيدا عن الخطابات الرنانة. وتفاعل المشاهدون كثيرا من الأحداث التي وصلت ذروتها مع قصف إسرائيلي لمزرعة بقلقيلية تسبب في مقتل ذكر الزرافة ، فيما تعاني أنثى الزرافة من حالة اكتئاب شديدة جراء رحيل رفيقها ، وتنعكس تلك الحالة على نجل مالك المزرعة ، الذي يعاني هو الآخر من حالة اكتئاب ويرفض تناول الطعام ، وبات مصير الطفل معلقا بمصير الزرافة. وبدأ مالك المزرعة رحلة البحث عن علاج للزرافة داخل إسرائيل من صديقة فرنسية وإسرائيلي يعمل بحديقة حيوان في تل أبيب ، وتتصاعد الأحداث بعد فشل كل وسائل علاج الزرافة ، ليدرك أن الحل الوحيد في جلب رفيق لها يعوضها عن ذكر الزرافة الذي قتل جراء القصف. وهنا تبدأ رحلة أخرى من المعاناة في الدخول إلى إسرائيل وسط مشاهد مأساوية بسبب الجدار العازل الذي تشيده إسرائيل بدعوى حمايتها من هجمات الفلسطينيين ، لكن الهدف يستحق المعاناة من جانب صاحب المزرعة ، فالأمر لا يتعلق بالزرافة وحدها ، ولكن أيضا بإنقاذ حياة نجله الوحيد المثير في الأمر أن صاحب المزرعة ينجح بالفعل ، بالتعاون مع صديقته الفرنسية والشخص الإسرائيلي ، في سرقة ذكر الزرافة من إسرائيل ، ويحاول العودة به إلى مزرعته ، ليسلك طرقا جبلية وعرة، للاختباء عن أعين جنود الاحتلال الإسرائيلي. وعندما ينجح في تلك المهمة ، وتستعيد الزرافة حيوتها ، ينعكس ذلك على الطفل الذي يعود إلى النشاط والحيوية مرة ثانية، لكن الطفل والزرافة يفقدان الأب ، الذي اعتقلته سلطات الاحتلال ، بتهمة سرقة "الزرافة". المخرج الفلسطيني راني مصالحة اعتبر أن الفيلم يروي مأساة الشعب الفلسطيني من خلال البحث عن ذكر للزراف كي يتم إنقاذ أنثى النوع نفسه الوحيدة بالبلدة ، مشيرا إلى أنه انطلق بأحداث الفيلم من حادثة حقيقية وقعت عام 2002، عندما قتل ذكر زرافة جراء قذف إسرائيلي إبان الانتفاضة الثانية. وفي تصريحات للنشرة الفنية بوكالة أنباء الشرق الأوسط ، برر مصالحة اختياره للزرافة بأنه حيوان له الكثير من المعاني ويجذب الانسانية وهي رسالة لما يحدث في فلسطين. وأوضح أنه عانى كثير خلال تصوير الفيلم ، حيث جرى التصوير بين مدينتي نابلس وقلقيلية، معتبرا أن رسالة الفيلم الأهم معاناة الشعب الفلسطيني جراء الجدار العازل الذي تشيده إسرائيل بدعوى حمايتها من الهجمات. والفيلم كتب رانى مصالحة فكرته ، وشاركه السيناريو كاتب فرنسي ، ودافع خلاله عن إظهار الطفل بالفيلم ذي علاقة خاصة بالحيوانات الموجودة بالمزرعة ليتناسب مع نشأته ووالده المتعلق به بعد أن فقد أمه ، مضيفا "هو طفل رومانسي وهو ما تعمدت الإشارة له حيث رفضت أن أجعله طفلا تقليديا مهتما بألعاب الفيديو". وأشار المخرج الفلسطيني إلى أن السينما سلاح قوى للمقاومة وترك العنان للحلم بالدولة الفلسطينية وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني. والفيلم سيتم عرضه في فلسطين أول فبراير القادم بنابلس ثم رام الله ثم بيت لحم ثم القدس وأخيرا في غزة. يذكر أن المخرج الفلسطيني راني مصالحة يقيم في فرنسا ، وبدأ عمله السينمائي في شركة "مصر العالمية للأفلام" مع المخرج الراحل يوسف شاهين وشركائه كمساعد متنج ، كما عمل مع المخرج رشيد بو ضياف في فيلمه "الخارجون عن القانون" وعمل كذلك مع المخرج هنري سليم وبراون دمونت، وقدم من قبل فيلمه القصير "إلفيس من الناصرة".