عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية


 أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري بوزارة الآثار، أن سيناء تضم مجموعة من الموانئ القديمة التاريخية التي كان لها دور حضاري بارز عبر كل العصور، والتي يجب العمل على استثمارها تجاريا وسياحيا.
وطالب ريحان بإحياء تلك الموانئ وإعادة تشغيلها وإنشاء أرصفة جديدة بها، باستثناء ميناء "دهب" حيث له طبيعة سياحية خاصة، وربطها بالجزيرة العربية وجنوب شرق آسيا كما كان سابق عصرها لتشكل أسطولا تجاريا عربيا مع ميناء "نويبع" وميناء العقبة وموانئ الحجاز واليمن وموانئ السواحل الأفريقية المطلة على البحر الأحمر.
واستعرض ريحان - في تصريح له اليوم - أهم تلك الموانئ، ومنها ميناء "القلزم" (السويس) الذي كان يعد من أهم الموانئ للتجارة مع الهند في القرن الثاني الميلادي، وأصبح في صدر الإسلام الميناء الرئيسي لمصر على البحر الأحمر، وأهم الموانئ التجارية وأهم محطات طريق الحج إلى مكة الكرمة منذ عام 1885، وكذلك محطة هامة لنقل المقدّسين المسيحيين في طريق رحلتهم المقدسة إلى القدس عبر سيناء، مبحرين في نفس السفن مع الحجاج المسلمين.
وأضاف أن ميناء "عيون موسى" (35كم جنوب السويس) كان به محجر صحي قديم وقد اتخذته حكومة مصر محجراً للحجاج قبل انتقاله لطور سيناء، وكان أهل السويس لعهد قريب يصطافون في عيون موسى، وقد بنى بعضهم هناك منازلا من الحجر لقضاء الصيف بها.
وأشار إلى أن ميناء "أبو زنيمة"، الذي يقع على الجانب الشرقي من خليج السويس (135كم جنوب السويس)، كان يستخدم لخدمة أعمال التعدين بسرابيت الخادم ووادي المغارة ونقطة لشحن وتفريغ السفن الخاصة ببعثات التعدين المصرية المرسلة على البحر الأحمر.
وتابع أن ميناء "الطور المملوكي" (280كم جنوب السويس) شهد قمة ازدهاره في الفترة من 648هـ ، 1250م إلى 922هـ -1516م لخدمة التجارة بين الشرق والغرب في العصر الإسلامي حيث ترد منتجات جنوب شرق آسيا عن طريق البحر الأحمر إلى ميناء الطور على خليج السويس، وكانت ترد منتجات الغرب عن طريق ميناء "القلزم" إلى ميناء الطور الذي ظل عامراً حتى عام 1930 رغم افتتاح قناة السويس 1896، إلى جانب ميناء شرم الشيخ الذي يقع بين رأس محمد ورأس نصراني.
وأوضح أن ميناء "نبك" (الذى يبعد 25كم شمال ميناء الشرم) وهو أقرب ميناء لأرض الحجاز حيث يقابله على الشاطئ الحجازي ميناء "الشيخ حميد" وبينهما 9كم، وكان موقعاً لتجار الإبل والغنم التي تنقل من الحجاز عام (1324هـ / 1906م) وبالميناء آبار عذبة وبستان نخيل.
وأكد ريحان أهمية ميناء "دهب" (75كم شمال شرم الشيخ) حيث كان ميناء العرب الأنباط بسيناء ويعود تاريخه إلى القرن الثاني قبل الميلاد وبداية الأول الميلادي مع ازدهار نشاط الأنباط البحري ووجود شبكة طرق لهم امتدت عبر سيناء، لافتا إلى أنه كان هناك طريق للأنباط من "أيلة" (مدينة العقبة الآن) على رأس خليج العقبة إلى ميناء "دهب"، ومنها يتوغل لداخل سيناء وكانت عاصمتهم البتراء.
وأضاف أن ميناء "دهب" كان همزة وصل ضمن شبكة طرق للأنباط بين المحيط الهندى والبحر المتوسط، حيث كانت بضاعة الهند تأتي إلى اليمن عن طريق عدن، وكان أهل اليمن ينقلونها مع محاصيلهم إلى الحجاز، وكان الأنباط ينقلونها من الحجاز إلى البتراء ومنها إلى "أيلة" على رأس خليج العقبة إلى ميناء "دهب"، ومنها يتوغل لداخل سيناء براً إلى "وادي فيران"، ماراً بجبل موسى، ومن "وادي فيران" إلى "وادي المكتّب" (سمى كذلك لكثرة الكتابات به النبطية واليونانية والعربية) - "سرابيت الخادم" - "وادي النصب" - "وادى غرندل" - "رأس سدر" - "عيون موسى" إلى ميناء "القلزم"، ثم برا حتى نهر النيل ومنه للإسكندرية ومنها للقارة الأوروبية.
وطالب خبير الآثار بتنظيم رحلات بحرية سياحية تطوف بكل هذه الموانئ لزيارة المواقع الأثرية والسياحية بها، مما يساهم في تنشيط سياحة خليجي السويس والعقبة وامتداد البحر الأحمر جنوبا لجذب التجارة والسياحة الأفريقية والربط التجاري والسياحي بين الدول المطلة عليه، وتيسير رحلات الحج عبر هذه الموانئ لتقصير المسافة وتقليل النفقات، علاوة على المشروعات التجارية والسياحية الجديدة بالمناطق حول هذه الموانئ وفتح المجال للاستثمارات العربية في التجارة والسياحة.