ميناء ينبع البحري

تشهد ينبع خلال العامين المقبلين، نقلة نوعية في خدمة حجاج بيت الله الحرام، إذ تقرر إنشاء مدينة متكاملة للحجاج والمعتمرين في ميناء ينبع البحري بتكلفة (65) مليون ريال، كما تقرر فتح المجال لاستثمارها من قبل القطاع الخاص، وفق المنهجية التي ترقى لخدمة الحجاج ورعايتهم منذ وصولهم للمملكة حتى مغادرتهم بعد قضاء نسكهم.

تعد ينبع قديمًا بموقعها المتميز على الساحل الغربي جنوب المدينة المنورة، محطة مهمة في درب الحجاج القادمين من البحر والبر، ويخترقها طريق المدينة المنورة- مكة المكرمة، إذ يقع درب الحاج الذي يعد بداية الطريق البري لحجاج شمال أفريقيا إلى الأراضي المقدسة في الجزيرة العربية، ويعده مؤرخون محطة برية كبرى لخدمة الحجاج قديماً، كما يعد من أقدم الموانئ التي عبرها حجاج بيت الله الحرام إلى المملكة في طريق وصولهم إلى المشاعر المقدسة في مكة المكرمة لأداء نسكهم، ومن ثم مرورهم بالمدينة المنورة والتشرف بالصلاة في المسجد النبوي الشريف والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كما يعد ميناء ينبع البحري المنفذ الوحيد لحجاج البحر القادمين من جمهورية مصر العربية.

والميناء الذي يصنفه المؤرخين، بأنها المحطة الأهم لإستراحة الحجاج القادمين عن طريق البر، إذ لم يكن ميناء ينبع معروفًا في القرون الأولى ولم يشتهر إلا في القرنين الأخيرين بعد أن أصبح الحج بالبحر متيسرًا، كما كانت ينبع المحطة البرية والبحرية للحجاج، وكذلك التجار من الشام ومصر وغيرهما ذهابًا وإيابًا، فأصبحت سوقًا للبيع والشراء، فقصدها التجار من الداخل والخارج، لذلك إزدهرت أسواقها وكثرت الحوانيت وخصوصًا في موسم الحاج، حيث يباع فيها التمر والخضروات، والمياه، والفول والعليق، إضافة إلى قيام حرف وصناعات لخدمة السفن والتجار والحجاج، خاصة حرفة وصناعة دباغة الجلود التي يعمل منها القرب لحمل المياه.
 
وأشار عدد من المؤرخين إلى أن ينبع من المدن المهمة التي كان يمر بها ركب الحاج المصري والشامي، إضافة إلى وقوعها على درب التجارة المتجهة إلى الشام ومصر ذهابًا وإيابًا، ويقيم بها الحجاج والتجار ثلاثة أيام على الأقل للراحة والإستزادة من خيراتها، معتمدين على ما يجلب إليها من القرى المجاورة لها والقادمين لتصريف منتجاتهم في الدكاكين المنتشرة بها من القماش والجلود وما يحتاجه السكان والمارة عليها، وساعد على ازدهارها قربها من المدينة المنورة.
وعلى رغم التكهنات حول درب الحاج القديم الذي يمر بينبع، إلا أن متخصصًا في علم الاجتماع أكد أن رحلة قافلة حجاج مصر لعام (1884) كانت آخر القوافل مرورًا بالطريق التاريخي المعروف محلياً بـ"درب الحاج"، معللاً إنقطاع مرور الأقدام وأخفاف الإبل على الطريق بتحويل محطة سفر حجاج مصر إلى السفر بحرًا من ميناء سفاجا إلى ينبع على متن العبارات البحرية.