تحتضن الشواطئ المصرية بمساحات شاسعة كنزا اسمه" الرمال السوداء " تلك الرمال المتوافرة على سواحل مصر المطلة على البحر المتوسط من رشيد الى رفح بطول ٤٠٠ كيلو متر ، وتنتشر بفعل التيارات البحرية والامواج فى تلك المناطق الى جانب تواجدها فى الكثبان الرملية ، وترجع اهميتها الاقتصادية لاحتوائها على نسبة كبيرة من المعادن ذات الأهمية الاقتصادية التي يمكن أن تعود على مصر بملايين الدولارت سنويا. ونظرا لاهمية الرمال السوداء قررت الحكومة تشكيل لجنة فنية لدراسة مشروع لاستغلال الرمال السوداء من كل جوانبه وحددت الحكومة ٣١ ديسمبر القادم موعدا للانتهاء من تلك الدراسة وتقديم تقرير يتضمن توصيات محددة وبرنامج متكامل للتنفيذ. وترجع تسمية الرمال السوداء بهذا الاسم لانه يغلب عليها اللون الداكن لاحتوائها على كثير من المعادن الثقيلة كخامات الحديد ، حيث تحتوى على نسبة صغيرة من المعادن المشعة ، والمعادن النادرة كالذهب ، كما تحتوى على نسبة عالية من عنصر " التيتانيوم " الداخل فى صناعة هياكل الصواريخ والطائرات ذات الارتفاعات العالية لمقاومة الظروف الكونية. ويستخرج منه الألمنيت عالي الجودة والمستخدم في صناعات الأصباغ وتغليف أنابيب البترول تحت سطح الأرض وتبطين الأفران ، بالاضافة الى استخدامه فى المفاعلات النووية لكبح جماح التدفق النيترونى داخلها . والرمال السوداء هى رواسب شاطئية سوداء ثقيلة تتراكم على بعض الشواطئ بالقرب من مصبات الانهار الكبرى وتتركز بفعل تيارات الشاطئ على الحمولة التى تصبها الانهار فى البحر ، وطبقا لآخر مسح جوي قامت به هيئة المواد النووية مصرية فان مصر تعد واحدة من أهم وأغنى الدول التى تتوافر بها الرمال السوداء ، اذ توجد عند منطقة الراس السوداء بالقرب من رشيد ، ويوجد ما يقرب من 11 موقعا على السواحل الشمالية تنتشر بها تلك الرمال بتركيزات مرتفعة، وكشفت آخر دراسة جدوى قامت بها شركة (روش) الاسترالية عن أن العائد الاقتصادي من موقع واحد فقط من الـ11 موقعاً ستعود على مصر بأكثر من 255 مليون جنيه سنوياً ، أي ما يعادل أكثر من 5ر46 مليون دولار، فاستغلالها يوفر على مصر ملايين الدولارات التي تنفقها في استيراد واحد فقط من تلك المعادن كالزكون الذي يعتبر أحد العناصر الأساسية في صناعة السيراميك التي تزدهر بها مصر،‏ بالإضافة إلى معادن أخرى أهمها الحديد والجرانيت والمونازيت ومعدن التيتانيوم الذي يستخدم في صناعة أجساد الطائرات والغواصات وقضبان السكك الحديدية‏.‏ ورغم أن مصر تملك أكبر احتياطي من الرمال السوداء في العالم‏ ،‏ إلا أن تلك الصناعة متوقفة فيها منذ ٤٤ عاما وليس هناك سوى بعض الدراسات النظرية تضاف اليها محاولات غير ناجحة لاقامة مشروع لاستغلال الرمال السوداء فى مصر و فصل المعادن التي توجد في الرمال للاستفادة منها في إقامة صناعات ضخمة وهو ما دعا وزارة الكهرباء للتأكيد على ضرورة استغلال هذه الثروة التى يقدر الاحتياطي التعديني المؤكد من الرمال السوداء بحوالي 285 مليون طن تحتوي على متوسط قدره 4ر3 بالمئة من المعادن الثقيلة بطول 22 كيلومتراً في القطاع الغربي الذي يقع شرق البرلس كما يوجد احتياطي تعديني مؤكد في القطاع الشرقي بحوالي 48 مليون طن تحتوي على متوسط 1ر2 بالمئة من المعادن الثقيلة به بخلاف امتدادات مستقبلية للخام وهي أرقام اقتصادية بشكل جيد طبقا للدراسات التي أجريت وأكواد التعدين الدولية. يمكن إنشاء مجمع صناعي متكامل لفصل المعادن من الرمال السوداء ، كل معدن يقام عليه صناعة حيث يمكن إقامة مجمع صناعي لأكثر من 22 صناعة كصناعة البويات القائمة على معدن كالإلمنيت بالإضافة إلى إنشاء صناعة الحديد الزهر والسبائك والكريستال والصناعات الحربية، ما يساعد على تنمية محافظة كفر الشيخ. واستغلال رواسب الرمال السوداء المصرية التى تمثل أكبر احتياطي في العالم‏ ،‏ وكان يتم فى الأربعينات بواسطة شركة الرمال السوداء المصرية حتى تم تأميمها العام ‏1961‏ تحت اسم الشركة المصرية لمنتجات الرمال السوداء‏،‏ فإنه منذ ذلك التاريخ أخذت الشركة في التعثر وتوقف الإنتاج وتمت تصفيتها العام ‏1969‏ تحت اسم مشروع تنمية واستغلال الرمال السوداء‏.‏ وتنتشر التركيزات العالية من المعادن ذات الأهمية الاقتصادية في الرمال الشاطئية في أربع مناطق على ساحل البحر المتوسط حول مصبات فرعي نهر النيل رشيد ودمياط الحاليين أو الفروع السبعة القديمة المطمورة وهي السهل الساحلي على جانبي مصبي فرعي رشيد ودمياط‏،‏ كما تحتوي التلال الرملية الشاطئية التي تقع شرق بوغاز بحيرة البرلس على كميات هائلة من تلك المعادن ،‏ وكذلك السهل الساحلي الممتد من شرق بحيرة البردويل حتى مدينة العريش شمال سيناء يمثل رابع هذه المناطق‏. ويقدر الاحتياطى الجيولوجي لرواسب الرمال السوداء المصرية بنحو مليار ومئة مليون متر مكعب من الرمال الجافة تكفي لتشغيل مصنع لاستخراج المعادن الاقتصادية لمدة مئة وخمسين عاماً بطاقة استهلاك للخام مقدارها ألف متر مكعب في الساعة على مدي أربع وعشرين ساعة في اليوم‏،‏ أي ‏24000‏ متر مكعب يومياً‏،‏ وعلى مدار ‏300‏ يوم تشغيل في السنة‏ ، وتملك منطقة رشيد اكبر احياطى من الرمال السوداء اذ يوجد بها500‏ مليون متر مكعب ، ويوجد فى منطقة دمياط 300‏ مليون متر مكعب ، فيما تملك منطقة بلطيم احتياطى يقدر بنحو 200‏ مليون متر مكعب ، بالاضافة الى 100‏ مليون متر مكعب في منطقة شمال سيناء وتترتب هذه المواقع حسب الإمكانات والمميزات التصنيعية حيث يتقدمها منطقة بلطيم تليها منطقة رشيد ثم منطقة دمياط ثم منطقة شمال سيناء‏.‏ والنيل هو مصدر إنتاج الرمال السوداء قبل العام 1962 توقف بعدها من ترسيبها مع آخر فيضان بعد إنشاء السد العالي ، وتتمركز مناطق تواجدها في شمال الدلتا وخاصة في الشرق من فرع رشيد حيث تتجه التيارات من الغرب إلى الشرق اخذه حمولة النهر من الغرب لترسبها شرقا بما فيها من طمي ورمال لتترسب الرمال الثقيلة وتظل الناعمة عالقة فتترسب الرمال السوداء والكوارتز على مدار السنين حسب كثافة المعادن وحسب طبيعة الشاطئ والأمواج والتيارات والمد . وشهدت مصر بدايات استغلال الرمال السوداء على يد احد اليونانين الذى كان ينقل الرمال السوداء من رشيد عبر ترعة المحمودية إلى حجر النواتية بالاسكندرية ، ثم يفصل المعادن بطريقة بدائية ويوزعها بشكل بسيط بعدها تحول المشروع لشركة قطاع عام وأصبحت بالفعل شركة للرمال السوداء آخر شارع النبي دانيال. وانفضت هذه الشركة في السبعينات بعد خلاف حاد بين هيئة المساحة الجيولوجية وهيئة الطاقة الذرية بالإضافة إلى أنتهاء الفيضان بعد بناء السد العالي ، وهو الٍمصدر الرئيسى للرمال السوداء مما ادى الى استقرارها جنوب السد العالى .