لبنان يتطلع لعودة السياحة الخليجية

 

رغم المخاوف الجدية من الفراغ في منصب الرئاسة، فإن الساسة اللبنانيون باتوا أكثر تفاؤلا بأن بلادهم تجنبت الأسوأ وأنه الأمور قد تتجه نحو الأفضل او على الأقل نحو هدوء سياسي رغم احتمال استمرار الفراغ الرئاسة إلى شهر سبتمبر المقبل كما قال مفتي لبنان مالك الشعار.
وأحد مظاهر التفاؤل هو تطلع اللبنانيين إلى عودة السياحة الخليجية إلى بلادهم هذا الصيف بعد عودة السفير السعودي على عواض عسيري إلى بيروت ولقائه الهام مع وزيري الداخلية نهاد المشنوق والسياحة ميشال فرعون حيث تلقى السفير السعودي تأكيدات من الوزيرين بحرص السلطات اللبنانية على أمن وسلامة المواطنين السعوديين أثناء تواجدهم في لبنان.
في المقابل، طلب الوزيران المشنوق وفرعون من السفير السعودي إبلاغ السلطات السعودية والمواطنين السعوديين باستقرار الوضع الأمني ودعوتهم الى المجيء إلى لبنان لقضاء عطلة الصيف.
وفي هذا الإطار، قال وزير الداخلية اللبناني في تصريح له اليوم إن "هناك الكثير من المؤشرات التي تؤكد أن قرار الحظر الخليجي سيرفع عن مجيء الرعايا العرب إلى لبنان وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي"، مضيفا: "منذ يومين زارني السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري وأبلغني أنه ليس هناك من حظر على السعوديين ودعاهم إلى العودة لزيارة لبنان ولكن هذا الأمر يحتاج إلى وقت قليل وإلى إعلان مشترك".
هذا التحسن في الوضع الأمني وعودة السفيرة السعودي واحتمالات عودة السياحة الخليجية يأتي في إطار تغير لطريقة تعامل القوتين الأكبر في لبنان وهما تيار المستقبل وحزب الله وحلفائهما الإقليميين السعودية وإيران على التوالي مع خلافاتهما ، فبعد أن كانت العلاقة تقارب القطيعة وتصل أحيانا إلى درجة عض الأصابع بات هناك تفاهم على تحييد لبنان عن الخلاف حول سوريا .
ورغم استمرار الخلاف حول انتخابات الرئاسة اللبنانية ، فأصبح هناك تنسيق امني عالي المستوى بين حزب الله وتيار المستقبل ، واللافت أن هذا التنسيق يقوم به أحد صقور تيار المستقبل وهو نهاد المشنوق وزير الداخلية ، واللواء أشرف ريفي حليف التيار المقرب والمشهور بتصريحاته اللاذعة ضد حزب الله ورغم ذلك فإنه أحد مفاتيح التفاهم الأمني بين الجانبين.
وأثمر هذا التفاهم الأمني والسياسي عن إنجازات كبيرة للحكومة الحالية برئاسة تمام سلام أبرزها وقف القتال في طرابلس بعد مايقارب العشرين جولة كبدت المدينة مئات الضحايا وتدهور اقتصادي، وانتهت جولات القتال بأقل ثمن وبات زعماء المسلحين في الجانبين السني والعلوي فارين أو وراء القضبان بعد أن رفع الغطاء السياسي عنهم من قبل تيار المستقبل وحزب الله .
كما أسفر هذا التفاهم عن بداية حل لمشكلة قرية الطفيل اللبنانية المحاصرة من جانب حزب الله وقوات النظام السوري والتي لايوجد أي طريق يربطها بالأراضي اللبنانية إلا عن طريق سوريا، حيث تم توفير ممر لأبنائها بالتنسيق مع حزب الله.. كما نجحت الحكومة في ملف التعيينات التي كانت مجمدة بسبب الخلافات السياسية.
ويسهم هذا التفاهم في توفير قدر من الطمأنينة إذا تحققت التوقعات بعدم انتخاب رئيس للبلاد قبل نهاية ولاية الرئيس اللبناني الحالي ميشال سليمان في 25 مايو الجاري وإذا طال أمد الفراغ السياسي ، خاصة أن انتخاب رئيس تتداخل فيها الصراعات والتسويات الدولية والإقليمية مع التوازنات المحلية والطموحات الشخصية للزعماء المسيحيين.
كما انعكست هذه المواقف على الأمن الجنائي حيث نجح الجيش وقوى الأمن عبر تنفيذ الخطة الأمنية في القضاء على كثير من عصابات الجريمة خاصة الخطف والتي باتت تشكل عبئا إضافية على الأمن بل على التعايش بين الطوائف خاصة في منطقة البقاع.
ونتيجة عملية التبريد للصراعات هذه وإدارتها من قبل الاطراف اللبنانية والإقليمية بات لبنان مهيئا ولو بشكل تدريجي لاستعادة مقومات اقتصاده الأساسية وأهمها السياحة التي تشكل عصب الاقتصاد في مناطق كثيرة في لبنان.
وفي هذا الإطار.. تستعد مدينة جبيل اللبنانية التاريخية لإطلاق موسم صيف واعد ، من خلال مهرجان سياحي (مهرجان بيبلوس الاسم التاريخي للمدينة) يجمع بين الموسيقي وجمال الطبيعة وعبق التاريخ الذي يميز المدينة التي تعد من أهم المناطق السياحية في لبنان .
ويتطلع المسئولون عن المدينة وغيرها من المدن والبلدات اللبنانية إلى أن يكون هذا الصيف بداية لعودة السياحة الخليجية تدريجيا بعد أن اختفى السائح الخليجي ولم يستطع أن يحل السائح العراقي محله، أو النازح السوري الثري نظرا لأن السياح الخليجيين يشكلون نحو 60 % من عدد السائحين في البلاد.
وتفيد تقارير وزارة السياحة اللبنانية إن عدد الوافدين بلغ خلال العام 2013 بلغ نحو 1.2 مليون وافد، بينما كان عددهم في عام 2012 نحو 1.3 مليون وافد، كما بلغ عددهم في العام 2011 نحو 1.6 مليون، أي بتراجع كبير عن عام الذروة في عام 2010 حيث بلغ عددهم نحو 2.1 مليون سائح.
وأعرب وزير السياحة اللبناني ميشال فرعون عن تفاؤله بموسم سياحي جيد خاصة فيما يتعلق بعودة السياحة الخليجية ، ولكنه قال هذا الامر "الذي سيتطلب بعض الوقت لاعطاء ثماره، إذ لا يمكن أن تتحسن الامور بين ليلة وضحاها"، موضحا أنه "رغم المحاولات الحثيثة لضرب الثقة بسبب الخيارات السياسية، بدأنا نلمس تدفق السياح من الدول الخليجية والاردن وتركيا ومصر، بمجرد تحسن الوضع الامني".
وكشف فرعون في تصريح لجريدة النهار اللبنانية عن تحسن في أداء القطاع الفندقي بشكل كبير "إذ أن نسبة الحجوز في بعض فنادق العاصمة بلغت 100%، بينما تراوح الإشغال في المناطق خارج بيروت بين 60 و70%".