رئيس الوزراء فيكتور أوربان في اجتماعه الانتخابي الأخير في هنغاريا

تسعى المعارضة المجرية إلى منع فيكتور أوربان، رئيس الوزراء الأوتوقراطي في البلاد، من الفوز للفترة الثالثة على التوالي، وذلك خلال التوجه إلى صناديق الاقتراع الأحد. ويحتل حزب "فيدز" الذي يتزعمه أوربان مرتبة عالية في استطلاعات الرأي الرسمية، حيث حصل على حوالي 40% من الأصوات، لكن الهزيمة انتخابية مفاجئة لمرشح فيدز في انتخابات بلدية عمدة هودزفارساري الشهر الماضي، أثارت تساؤلات حول فكرة ما إذا كان السيد أوربان لا يقهر إلى حد كبير.

وفي تلك المسابقة، كانت مصابيح الشوارع العادية، يزعم أنها جزء من عملية تزوير للمشتريات، بلغت ملايين من الدولارات، وساعدت على التعجيل برد الفعل السياسي الذي شهد هزيمة فيدز في معقله والذي كان يحكم فيه رئيس البلدية دون انقطاع منذ التسعينات. وكشف تحقيق أجرته الوكالة الأوروبية لمكافحة الغش "OLAF" عن وجود "مخالفات خطيرة في عقود بقيمة 40 مليون يورو لتحديث إنارة الشوارع في 35 مدينة في جميع أنحاء المجر، بما في ذلك مدينة رئيس الوزراء، والتي فازت بها شركة كانت مملوكة آنذاك لنجل السيد أوربان، وهو استفان تيبوركس.

وعززت الفضيحة المزعومة أحزاب المعارضة التي وضعت جانبا خلافاتها الإيديولوجية لتتحد خلف مرشح مستقل واحد، منتصرا انتصارا أذهل قيادة حزب فيدز الذي أغرق المدينة بمشاريع تنموية في الاستعداد للانتخابات، ويقول المرشح الناجح، بيرتر ماركي زاي، إن حملته التي خاضت معركة صعبة للغاية توصلت إلى تلخيص الكيفية التي استحوذ بها حزب أوربان الحاكم على الكثير من أجهزة الديمقراطية المجرية لدرجة أن معركة عادلة في الانتخابات الوطنية باتت شبه مستحيلة.

وتحدث السيد ماركيز زاي عن صراعه مع وسائل الإعلام المحلية التي يسيطر عليها الصحافة الصديقة للفيديز والبيروقراطية المحلية، حيث رفضت وسائل الإعلام بيع مساحات إعلانية له، ورفضت المطاعم والمباني العامة استئجاره للاجتماعات، ولم تقبل لجنة الانتخابات المحلية إلا شكاوى فيديكس وأيدتها، متجاهلة مجموعة من انتهاكات الحزب الحاكم، وقال ضاحكا " المطعم الوحيد الذي وافق على إعلانتنا تم إغلاقه بحجة مخالفة القواعد الصحية".

وكانت الشركة الوحيدة التي باعت مساحة إعلانية للإعلانات مملوكة لشركة "لاجوس سيميكسكا"، وهي تابعة لأوربان ولكن انفصلت عنه في عام 2015، وأصبحت شخصية وحيدة من المعارضين بين الأوليغاركيين الذين صنعوا ثرواتهم في عهد أوربان.

ويعتقد السيد ماركيز زاي أن انتخابات يوم الأحد تمثل إحدى الفرص الأخيرة لتخفيف قبضة فيدز على السلطة التي بناها على شبكة من المصالح الاقتصادية والسياسية المتعمقة التي تهدف إلى إقصاء المعارضين، قائلا "هناك خطر كبير بأن يكمل فيدز أسره للدولة والمجتمع المدني". وعادة ما يفجر أوربان مثل هذه الشكاوى، ويستمتع بما يسميه "ديمقراطيته غير الليبرالية"، وشنّ هجمات على المؤسسة الليبرالية الدولية، متجسدة في شكل الملياردير الخيري جورج سوروس، الذي أصبح عبوهم السياسي، وفي الوقت نفسه، ركز أوربان على تقديم رسالة حملة شعبية لجماهير الناخبين الريفيين والأقل تعليما الذين يشكلون قاعدة دعمه، وقد وعد بزيادة الأجور والمعاشات وزيادة حجم التهديد من الهجرة بلا مبرر.

ويطلق على اللاجئين اسم "الغزاة المسلمون" الذين يهددون هوية المجر المسيحية، وقال في أحد المظاهرات الانتخابية "أوروبا في حالة غزو الآن"، محذرا من أن بروكسل تريد "إضعاف سكان أوروبا واستبدالها، لتطرح ثقافتنا جانبا". وإن الخطاب الخشن له جاذبية في المناطق الريفية في هنغاريا، لكن رغم كل هذا، فإن النهم المتراكم للادعاءات المتعلقة بالفساد لعملية إضاءة الشوارع التي وعدت السلطات الهنغارية بالتحقيق فيها هي واحدة من بين العديد من الفضائح، ويبدو أنها تأخذ شيئا من الخسائر، ومنذ وصول أوربان إلى السلطة في عام 2010، وتراجعت المجر بشكل لا يمكن إنكاره إلى مؤشر الفساد العالمي للشفافية إلى النقطة التي يقع فيها الآن خلف مونتينيغرو، وهي مقاطعة تتسبب قضايا الفساد فيها في تأخير انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وفي الفترة نفسها، تراجعت هنغاريا من 23 إلى 71 في مؤشر حرية الصحافة في منظمة مراسلون بلا حدود، وذلك بفضل الاستحواذ المنهجي على العقارات الإعلامية من قبل الأوليغارشية الصديقة لفيدز، وحذر التقرير السنوي للمجموعة في العام الماضي من أن "الشهية الجشعة للحزب الحاكم لا حدود لها"، ومع وجود أكبر حزب "فيدز"، فإن آمال المعارضة في تسليم أوربان لهزيمة مفاجئة في وقت لاحق اليوم ستعتمد على التصويت التكتيكي، والأمل في أن الحملات الشعبية والشبكات الاجتماعية يمكن أن تحدث الفرق.

إن السيد ماركي زي ليس متفائلا بشكل مفرط، حيث يقيم أن التصويت التكتيكي لا يمكن أن يساعد إلا في الهامش في السباقات الأولى في ما بعد على مقاعد البرلمان المجري البالغ عددها 106 مقاعد، مع تخصيص رصيد 93 مقعدا في البرلمان المؤلف من 199 مقعدا للتمثيل النسبي من قوائم الحزب الوطنية، ويقول "التصويت التكتيكي يمكن أن يحدث اختلافًا بنسبة 10 أو 15٪، وفي حالتي، لم يكن التصويت تكتيكيا ولذلك فاز به، وبما أن الأحزاب الأخرى أسقطت مرشحيها تماما، فإذا حدث هذا على المستوى الوطني، فلا شك في أنه سيتخلص من فيدز ".

ويمتلك السيد زي موقعا إلكترونيا يقدم النصائح للناخبين الذين سيرشحهم  في كل مقاطعة من أجل هزيمة فيدز، كما أنه وضع خطة من 12 نقطة لـ "تغيير النظام" في المجر، كما أنه يزيد الأمل بين "الأغلبية الصامتة" في المجر التي يمكن الوصول إليها عبر منصات مثل فيسبوك، وهي الساحة الإعلامية الوحيدة التي لا تستطيع آلة فيدز السياسية السيطرة عليها. وأشار إلى أن فوزه جاء على الرغم من تخلفه بنسبة 20% في استطلاعات الرأي التي جرت في عشية الانتخابات، على سبيل المثال، لم يعجب أي شخص من المدارس الحكومية بالبلدة صفحته ولكنه يعكس غضب المدينة، قائلا "لم يريدوا أن يروا أنهم يدعموننا، لكنهم ما زالوا يصوتون".

وتقول أوتيليا داند، الخبيرة الشرقية للاتحاد الأوروبي" ومع ذلك، فإن التنافس بين أحزاب المعارضة المتنوعة إيديولوجيا ونظام تمويل الأحزاب الذي يخصص الأموال استنادا إلى عدد المرشحين لحقول الحزب سيجعل من الصعب على المعارضة الإطاحة بالسيد أوربان".

وأضافت "من المرجح أن يؤدي الاقتراع التكتيكي ضد فيدز إلى مكاسب من المعارضة تتراوح بين 20 و25 مقعدا وهو ضعف ما فازت به في عام 2014 لكن ربما ليس كافيا لإسقاط فيدز"، موضحة أن فرص هزيمة أوربان تتراوح من 10 إلى 15%. وبينما تتصاعد فضائح الفساد ويتحرك فيدسز لتعميق قبضتها على مؤسسات الإعلام المجري والجامعات والمنظمات غير الحكومية، هناك مؤيدو فيدز السابقين الذين يعتقدون أن السيد أوربان، حتى وهو يمد السلطة، ويقترب من الإفراط في الوصول.

ويعتقد تاماس ميلار، أستاذ اقتصاد ومؤيد سابق في فيدز الذي ترأس المكتب المركزي للإحصاء في المجر بين عامي 1998 و2003، هو واحد من أولئك الذين خالفوا صفوفهم للوقوف ضد مرشح فيدز في مدينة بيكس، على بعد 200 ميل جنوب بودابست، أنه من المرجح أن يتم تقليص الحزب بشدة في جولة ميزانية الاتحاد الأوروبي المقبلة التي تبدأ في عام 2020، مما سيقلل من قدرة أوربان على تمويل جهازه السياسي الخاص.