كانبيرا ـ ريتا مهنا
وصفت منظمة العفو الدولية، المعاناة الإنسانية التي تكبدها طالبو اللجوء إلى أستراليا، بـ "التعذيب"، وذلك عقب تحفظ الحكومة الفيدرالية عليهم في المعتقل، والذي يقبع قبالة جزر المحيط الهندي، بعيدًا عن أعين الإعلام خلال الأعوام الماضية.
وتمكن أحد الباحثين العاملين لدى منظمة العفو الدولية، من إجراء حوارات مع حوالي مائة شخص، من طالبي اللجوء، وموظفي المعتقل الحاليين والسابقين، للحديث عن المعاناة الكبيرة التي يشعر بها اللاجئين عند تحويلهم للإقامة في المعسكر النائي.
وأكد أحد العراقيين، ويدعى إدريس، أن الظروف التي واجهوهها في مركز الاعتقال في أستراليا كانت سيئة للغاية، قائلًا "ربما كانت أسوأ مما كنا نعانيه من جراء الحرب التي دفعتنا للهرب من بلادنا، ولا يمكنني العودة، ولكني هنا أموت ألف مرة. ففي العراق، لا يحتاج الموت سوى الإصابة بطلقة واحدة أو الإصابة في انفجار أحد القنابل، لينتهي الأمر سريعًا، بينما هنا يبدو الموت بطيئا ليبقى الألم طويلًا".
وأوضح فتى أخر، يدعى علي خرسا، ويبلغ من العمر 19 عامًا، أنه قضى حوالي ثلاثة أعوام داخل أسوار المعتقل، ليرى أهوالًا لم يراها في حياته من قبل. وأضاف "لقد هربنا من ويلات الحرب في سورية، ولكن ما رأيناه هنا كان أصعب من أي وقت مضى".
وزعمت المنظمة الحقوقية أن هناك انتهاكات واسعة يشهدها المعتقل، موضحة أن المعاناة التي يشعر بها طالبو اللجوء المحتجزين هناك تصل إلى حد التعذيب بحسب القانون الدولي العام. وأوضحت صحيفة "ديلي ميل" أن الحكومة الاسترالية ترسل طالبي اللجوء الذين يحاولون دخول البلاد عبر البحر، إلى المعتقلات.
ويعدّ معتقل نارو أحد أهم تلك المعتقلات، حيث أنه يتواجد بداخله حوالي 400 رجل وإمرأة وطفل، وتعرض هذا المعتقل إلى انتقادات كبيرة بعد تسريبات نشرتها صحيفة "الغارديان" في أغسطس/آب الماضي حول الانتهاكات التي ترتكبها السلطات الأسترالية بحق طالبي اللجوء.
وكشفت الباحثة انا نيستات، أنها أجرت مقابلات مع حوالي مائة شخص، من بينهم طالبي لجوء، ولاجئين، إضافة إلى موظفين عاملين في المعتقل، موضحة أنهم رسموا بالفعل صورة حقيقية للاجئين الذين نزحوا إلى اليأس المطلق. وأضافت "يعاني قطاع كبير من اللاجئين المحتجزين في "نارو" من حالات الإصابة بوباء "إيذاء النفس". وأشارت إلى أن كافة المعتقلين الذين تحاورت معهم يعانون من مشكلات تتعلق بالصحة العقلية أصيبوا بها بعد وصولهم إلى المعتقل.
وتمثل الأمر الذي ساهم بصورة كبيرة في زيادة معاناتهم، في عدم كفاية الرعاية الطبية المقدمة لهم، بينما الأطفال تعرضوا للكثير من سوء المعاملة والضرب والتهديدات من قبل العاملين في المعتقل. وسمحت السلطات الأسترالية لطالبي اللجوء بحرية اللجوء داخل معسكرهم منذ نهاية العام الماضي، إلا أن تقاريرًا تواترت بشأن تعرض بعض السيدات للاغتصاب والضرب عند خروجهن من المخيم.
واتهمت منظمة العفو الدولية الحكومة الأسترالية بالعمل داخل المعتقل وراء حصون من السرية، وأنه لم يتم السماح سوى لعدد قليل من الباحثين والإعلاميين، لدخول المعتقل والإطلاع عما يدور بداخله.