حركة "حماس" تُغير من استراتيجيتها المستقبلية في التعامل مع الأزمة الفلسطينية

أكد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خالد مشعل، مساء الاثنين، أن "حركته جزء من المدرسة الفكرية لجماعة الإخوان المسلمين ولا تتنكر لتاريخها أو فكرها، ولكننا تنظيم فلسطيني مستقل بذاته وليس تابع لأي تنظيم هنا أو هناك"، في اشارة الى تنظيم "إخوان مصر".

جاء ذلك في مؤتمر صحفي، عقده مشعل في العاصمة القطرية، الدوحة، مساء أمس، وأعلن خلاله تفاصيل الوثيقة السياسية الجديدة لـ"حماس" التي حملت عنوان "وثيقة المبادئ والسياسات العامة". وقال ردًا على سؤال حول إمكانية قبول "حماس" بالمبادرة العربية للسلام: نحن "مستعدون لأن نتعاون مع أي جهد عربي أو دولي أو إسلامي يحقق لشعبنا الحرية لكن على أسس ثوابت شعبنا". وتابع: "التفاوض مع إسرائيل أداة ووسيلة وحماس تتعامل معها كسياسة قابلة للتغيير وليست ثابتة، واليوم نتبنى عدم التفاوض المباشر لأن الأخير يفتقر إلى موازين وقوى وظروف تسمح بنجاحه".

وفي تعليقه على رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للوثيقة السياسية الجديدة، اعتبر مشعل أن "إسرائيل تريد إضعاف حماس التي تعمل بدورها عكس ما يريده الاحتلال الذي لا يحترم إلا لغة القوة".  وكان ديفيد كيز المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أعلن الحركة تحاول أن "تخدع" العالم ببرنامجها الجديد هذا، "لكنها لن تنجح". وأضاف أن الحركة حفرت الخنادق وأطلقت آلاف الصواريخ على المدنيين الإسرائيليين، مضيفا "هذه هي حماس الحقيقية".

وفي ما يتعلق بواقعية إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، قال مشعل: "حماس غير متوهمة بأن يؤدي قبولها ببرنامج يسمح بدولة على حدود 1967، إلى إقامة الدولة فعلا. فنحن ندرك أن إقامة دولة بدون أوراق قوة ومقاومة وتضحيات لإجبار العدو على الرحيل لن يكون". وأضاف: "إسرائيل لن تعطينا دولة على حدود 1967، إلّا بإرادة دولية تجبرها على ذلك، أو أن يتحرك الشعب والأمة وأحرار العالم لإجبارها".

وكانت حركة "حماس" نشرت في وقت سابق من مساء أمس، وثيقتها السياسية الجديدة التي حملت عنوان "وثيقة المبادئ والسياسات العامة". وتضم الوثيقة 42 بندًا، وجاءت تحت 12 محورًا، وهي "تعريف الحركة، وأرض فلسطين، وشعب فلسطين، والاسلام وفلسطين، والقدس، واللاجئون وحق العودة، والمشروع الصهيوني، والموقف من الاحتلال والتسوية السياسية، والمقاومة والتحري، والنظام السياسي الفلسطيني، والأمة العربية والإسلامية، والجانب الإنساني والدولي".

وعرفت الحركة نفسها في الوثيقة على أنها "حركة تحرر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية، هدفها تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني، ومرجعيّتها الإسلام في منطلقاتها وأهدافها ووسائلها". ولم يتطرق البند إلى انتماء الحركة لجماعة "الإخوان المسلمين"، على غرار الميثاق الذي أصدرته الحركة عام 1988.

وحدّدت الحركة حدود فلسطين من نهر الأردن شرقًا إلى البحر المتوسط غربًا، ومن رأس الناقورة شمال فلسطين التاريخية، وحتى أم الرشراش (إيلات) جنوب فلسطين التاريخية. وجدّدت الحركة تأكيدها على عدم "تنازلها عن أي جزء من أرض فلسطين، مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط، ومهما طال الاحتلال، وترفض أي بديل عن تحرير فلسطين تحريراً كاملاً، من نهرها إلى بحرها".

ووافقت الحركة بشكل مرحلي، على إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، على حدود عام 1967. وقالت تحت بند : "الموقف من الاحتلال والتسوية السياسية:"
- يُعدُّ منعدماً كلٌّ من تصريح "بلفور"، وصكّ الانتداب البريطاني على فلسطين، وقرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، وكلّ ما ترتّب عليها أو ماثلها من قرارات وإجراءات؛ وإنَّ قيام "إسرائيل" باطلٌ من أساسه، وهو مناقضٌ لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، ولإرادته وإرادة الأمة، ولحقوق الإنسان التي تكفلها المواثيق الدولية، وفي مقدّمتها حقّ تقرير المصير.

- لا اعترافَ بشرعية الكيان الصهيوني؛ وإنَّ كلّ ما طرأ على أرض فلسطين من احتلال أو استيطان أو تهويد أو تغيير للمعالم أو تزوير للحقائق باطلٌ؛ فالحقوق لا تسقط بالتقادم.

- لا تنازلَ عن أيّ جزء من أرض فلسطين، مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط، ومهما طال الاحتلال. وترفض حماس أي بديلٍ عن تحرير فلسطين تحريراً كاملاً، من نهرها إلى بحرها. ومع ذلك – وبما لا يعني إطلاقاً الاعتراف بالكيان الصهيوني، ولا التنازل عن أيٍّ من الحقوق الفلسطينية – فإن حماس تعتبر أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة.

- تؤكد حركة حماس على أن اتفاقات أوسلو وملحقاتها تخالف قواعد القانون الدولي الآمرة من حيث إنها رتبت التزامات تخالف حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، ولذلك فإن الحركة ترفض هذه الاتفاقات، وما ترتب عليها من التزامات تضر بمصالح شعبنا، وخاصة التنسيق (التعاون) الأمني.

- ترفض حماس جميع الاتفاقات والمبادرات ومشروعات التسوية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية أو الانتقاص من حقوق شعبنا الفلسطيني، وإنَّ أيَّ موقفٍ أو مبادرةٍ أو برنامجٍ سياسيّ يجبُ أن لا يمس هذه الحقوق، ولا يجوزُ أن يخالفها أو يتناقضَ معها

- تؤكد حماس أن ظلم الشعب الفلسطيني واغتصاب أرضه وتهجيره منها لا يمكن أن يُسمى سلاماً. وإنَّ أي تسويات تقوم على هذا الأساس، لن تؤدي إلى السلام؛ وستظل المقاومة والجهاد لتحرير فلسطين حقاً مشروعاً وواجباً وشرفاً لكل أبناء شعبنا وأمتنا.

وعن المقاومة والتحرير جاء في الوثيقة:
- إنَّ تحرير فلسطين واجب الشعب الفلسطيني بصفة خاصة، وواجب الأمة العربية والإسلامية بصفة عامة، وهو أيضاً مسؤولية إنسانية وفق مقتضيات الحق والعدل. وإنَّ دوائر العمل لفلسطين سواء كانت وطنية أم عربية أم إسلامية أم إنسانية هي دوائر متكاملة متناغمة، لا تعارض بينها.
- إنَّ مقاومة الاحتلال، بالوسائل والأساليب كافة، حقّ مشروع كفلته الشرائع السماوية والأعراف والقوانين الدولية، وفي القلب منها المقاومة المسلحة التي تعدُّ الخيارَ الاستراتيجي لحماية الثوابت واسترداد حقوق الشعب الفلسطيني.

- ترفض حماس المساس بالمقاومة وسلاحها، وتؤكد على حق شعبنا في تطوير وسائل المقاومة وآلياتها. وإنَّ إدارة المقاومة من حيثُ التصعيدُ أو التهدئة، أو من حيث تنوّعُ الوسائل والأساليب، يندرج  كلّه ضمن عملية إدارة الصراع، وليس على حساب مبدأ المقاومة.