الجزائر - الجزائر اليوم
يبدو أن الحجرة التي ألقاها الرئيس التركي، رجب الطيب اردوغان، في بركة العلاقات الجزائرية الفرنسية الراكدة منذ نحو سنة، خلف تطورات لم تكن لتحدث، فقد حاول الطرف الفرنسي توجيه رسائل إلى الجزائر، فيها شيء من المغازلة
فبعد يوم واحد من التوضيح الذي قدمته الجزائر بشأن ما نقله أردوغان عن الرئيس عبد المجيد تبون، خرج وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، ليعبر، لكن بحذر شديد عن استعداد بلاده لفتح ملف الذاكرة، الذي يعتبر من الملفات التي ما انفكت تسمم العلاقات بين الجزائر وباريس.
لودريان وخلال حلقة مشتركة بين قناتي “ار تي ال” و”ال سي أي” وصحيفة “لوفيغارو” حول الجدل الذي أثارته تصريحات أدلى بها مؤخرا الرئيس ايمانويل ماكرون، الذي قارن بين فترة استعمار الجزائر واعتراف فرنسا في 1995 بالمسؤولية عن ترحيل يهود إبان الحرب العالمية الثانية، قال: “السؤال الذي يطرح في العلاقات بين فرنسا والجزائر حول الذاكرة وكيف عاش الطرفان هنا وهناك، النزاع، مطروح. ويجب أن نعمل معا على الذاكرة”.
وكان الرئيس التركي قد قال إنه سمع من نظيره الجزائري أن فرنسا قتلت أكثر من خمسة ملايين جزائري في فترة الاحتلال، وأوضح أنه طلب وثائق بهذا الخصوص، كي يسلمها للرئيس الفرنسي، وهي التصريحات التي قالت السلطات الجزائرية بشأنها إنها أخرجت من سياقها.
غير أن خرجة رئيس الدبلوماسية الفرنسية لم تكن لتهدئة الأجواء مع الجزائر بقدر تطمين الأوساط اليمنية الفرنسية المتطرفة، التي لا تزال ترفض أي اعتذار من قبل الطرف الفرنسي على جرائم الاحتلال في الجزائر والتي ارتكبتها طيلة 132 سنة، وذلك من خلال توضيح ما صدر عن ماكرون مؤخرا، والذي شبه جرائم الاستعمار بـ”الهولوكوست”.
لودريان حاول التهوين من جرائم الاحتلال الفرنسي: “المحرقة (النازية لليهود) جريمة لا تطاق ولا يمكن مقارنتها بشيء آخر في أي مكان، يجب الاعتراف بها كما هي”، واعترف بأن الفرنسيين بدورهم “يحتاجون للحظة تذكير تاريخي وتثبت بشأن هذا الملف”.
المسؤول الفرنسي تحدث عن “آفاق جديدة ترتسم للعلاقات بين فرنسا والجزائر. وإذا كانت الذاكرة المشتركة ضمن هذا الأمر الجديد، سيكون ذلك نبأ سار للجميع”، في مغازلة للطرف الجزائري الذي “يعيش وضعا جديدا بالكامل سيؤدي بالتأكيد إلى تطورات مهمة”، في إشارة إلى وصول رئيس جديد لسدة قصر المرادية.
كلام الطرف الفرنسي عن ملف الذاكرة جاء بعد أن تحدث الطرف الجزائري في الرد على الرئيس التركي، عن وجود مساع لتجاوز أزمة الذاكرة بين البلدين، قال (الطرف الجزائري) إنها لا تحتمل دخول طرف ثالث تفاديا لتعقيد الموقف.
ويتضح من خلال انخراط الطرف الفرنسي في فتح ملف الذاكرة، أن باريس تسعى إلى ربح المزيد من الوقت في تجاوز مسألة الذاكرة، حتى لا تتدخل أطراف أخرى في هذا الملف الحساس، علما أن دخول تركيا على ملف جرائم الاحتلال الفرنسي في الجزائر لا يعتبر الأول من نوعه.