الجزائر - عمّـار قـردود
قرّرت السلطات الجزائرية، عدم استقبال أي مسؤول فرنسي من طرف الرئيس الجزائري مهما كان مستواه باستثناء الرئيس الفرنسي.
وتقضي الأعراف الدبلوماسية والبروتوكولية في الجزائر بأن يُستقبل أي مسؤول أجنبي رفيع المستوى يقوم بزيارة رسمية للجزائر من طرف رئيس الجمهورية، لكن زيارة وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان للجزائر يومي 12 و 13 حزيران/يونيو الجاري شذت عن القاعدة، حيث أن رئيس الديبلوماسية الفرنسية غادر الجزائر نحو بلد إفريقي موريتانيا أو السنغال و ليس إلى المغرب ليرافق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته إلى المغرب بداية من الأربعاء، مع العلم أن الرئيس ماكرون لم يصطحب معه أي من أعضاء الحكومة الفرنسية أو رجال الأعمال الفرنسيين إلى المغرب واقتصر الأمر على زوجته بريجيت ماكرون، بدون أن يُحظى المسؤول الفرنسي الرفيع باستقبال من طرف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بسبب القرار الذي تم اتخاذه من طرف السلطات الجزائرية بعدم استقبال أي مسؤول فرنسي مهما كان مستواه باستثناء الرئيس الفرنسي لا غير و إن لم يُعلن عن ذلك بصفة رسمية، لكن الإعلام الفرنسي أشار بـــ"خبث شديد" إلى ذلك و تساءل: هل سيستقبل الرئيس الجزائري بوتفليقة الرئيس الفرنسي ماكرون عند زيارته المنتظرة قريبًا للجزائر؟ وهل الجزائر اتخذت موقفًا حازمًا ضد المسؤولين الفرنسيين بعد حادثة رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق إيمانويل فالس الذي زار الجزائر في نيسان/أبريل 2016 و حُظي باستقبال من طرف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، حيث ظهر الرئيس الجزائري في وضع صحي مترد وبدا مرهقًا وشارد الذهن. وخلقت تلك الصورة المسيئة للرئيس الجزائري، التي نشرها فالس عبر صفحته الرسمية بموقع "تويتر"، أزمة دبلوماسية بين فرنسا والجزائر انتهت بقرار السلطات الجزائرية عدم استقبال الرئيس الجزائري أي مسؤول فرنسي بغض النظر عن مستواه باستثناء رئيس الجمهورية الفرنسية؟.
لكن ورغم عدم استقبال وزير الشؤون الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان من طرف الرئيس الجزائري، إلا أن الإعلام الفرنسي لم يثير "الضجة" التي ألف إثارتها من خلال تساؤلاته غير البريئة حول الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة هذه المرة، رغم أن المسؤول الفرنسي قدم إلى الجزائر خصيصًا للتحضير لزيارة الرئيس الفرنسي القريبة إلى الجزائر.
وأفاد مصدر دبلوماسي جزائري لـ"العرب اليوم" بأنه لم يتم برمجة أي لقاء بين الرئيس الجزائري ووزير الشؤون الخارجية الفرنسي وأن كل ما تتناقله وسائل الإعلام الفرنسية وحتى الجزائرية من أخبار ومعلومات حول برمجة لقاء استقبال للمسؤول الفرنسي من طرف بوتفليقة غير صحيح.
ولم يعتد بوتفليقة أن يتخلف عن استقبال مسؤولين أجانب بهذا الحجم، وخاصة من الدول المؤثرة إقليميًا مثل فرنسا، التي زار رئيس الوزراء السابق برنار كازنوف، البلاد، من دون أن يحظى بلقاء الرئيس، وكذلك وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان.
وكشفت الخارجية الفرنسية، أن هذه الزيارة التي تأتي في إطار تعزيز الشراكة الثنائية بين فرنسا والجزائر، تهدف للتحضير لمواعيد مقبلة بين مسؤولي البلدين تتم على مستوى أعلى. وأوضحت الدبلوماسية الفرنسية حسب برنامج زيارة وزير الخارجية جون إيف لو دريان الذي نشرته على موقعها الرسمي، أن هذا الأخير سيتم استقباله من طرف الوزير الأول الجزائري عبد المجيد تبون، للحديث قضايا ذات صلة بملفات التعاون الثنائي الى جانب مسائل أخرى حول الأزمات التي تهم الطرفين بالمنطقة.
وبدا واضحًا من خلال برنامج الزيارة، أن وزير الخارجية الفرنسي لن يحظى باستقبال من طرف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وهو الأمر الذي أثار عدة تساؤلات واستفهامات، لأنه اعتاد المسؤولين الفرنسيين على استقبال حار من طرف الرئيس الجزائري، وكان بوتفليقة -قبل حادثة فالس-يستقبل أي مسؤول فرنسي بغض النظر عن مستواه حتى و إن كان مجرد رئيس بلدية فرنسية، لكن و منذ أبريل/نيسان 2016 زار عدد من المسؤولين الفرنسيين الجزائر دون أن يُحظوا باستقبال من الرئيس الجزائري، لعل أهمها زيارة رئيس الوزراء الفرنسي السابق برنار كازنوف الذي زار الجزائر في أبريل/نيسان الماضي لمدة يومين، رغم أن بعض المصادر أفادت آنذاك بأن مصالح الرئاسة الجزائرية نظمت لقاء استقبال لرئيس الوزراء الفرنسي من طرف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مساء الأربعاء 5 نيسان/أبريل الماضي على الساعة 16.30 مساء في الإقامة الرئاسية في زرالدة بولاية تيبازة-وسط الجزائر-،لكن اللقاء تم إلغاءه بسبب "الوضع الصحي المتدهور للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة" وهي المرة الثانية التي يتم فيها إلغاء مواعيد استقبال لوفود أجنبية من طرف الرئيس الجزائري بعد قرار تأجيل زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى الجزائر يوم 26 شباط/فبراير الماضي بسبب "التعذر المؤقت" لبوتفليقة لاستقبالها إثر التهاب حاد للشعب الهوائية الّم به. كما تم إلغاء زيارة للرئيس الإيراني حسن روحاني كانت مقررة إلى الجزائر خلال شهر مارس/آذار الماضي وإن كان الإعلان عن ذلك جاء من طرف طهران وليس الجزائر.
كما أن زيارة كازنوف جاءت بهدف إزالة التوتر الذي علق بين البلدين بعد زيارة سلفه مانويل فالس، في العام الماضي، على الرغم من الطابع البروتوكولي الواضح لزيارة برنارد كازنوف للجزائر، بسبب قرب انتهاء فترة ولاية الاشتراكيين في فرنسا واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، لكن مجيء المسؤول الفرنسي الرفيع إلى الجزائر، كان له دلالات رمزية وسياسية قوية، تؤشر إلى رغبة باريس في تأكيد أهمية الجزائر ومحورتيها في علاقاتها الإقليمية والدولية. ولكن و مع ذلك رفضت الجزائر برمجة لقاء بين كازنوف و بوتفليقة في رسالة واضحة المعاني للمسؤولين الفرنسيين بأن الرئيس الجزائري خط أحمر لا يجب تخطيه في إحالة على ما بدر من رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق إيمانويل فالس.
لكن لبعض المتتبعين للشأن الجزائري آراء آخرى، حيث أوضحوا لـ"العرب اليوم" أن عدم استقبال الرئيس الجزائري لوزير الخارجية الفرنسي خلال زيارته الأخيرة للجزائر جاء كرد واضح من طرف الجزائر عن غضبها من زيارة الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون للمغرب قبل الجزائر،رغم أنه منذ حوالي عقدين من الزمن درج الرؤساء الفرنسيين عن زيارة الجزائر كأول بلد قبل المغرب و هو الأمر الذي حدث مع جاك شيراك، ثم نيكولا ساركوزي و فرانسوا هولاند. وأنه ما كان على ماكرون أن يشذ عن القاعدة خاصة وأنه تلقى دعمًا قويًا من طرف الجزائر لوصوله إلى قصر الإليزيه في فرنسا.
و لعلى من المؤشرات التي تؤكد أن المسؤولين الجزائريين قد اتخذوا موقفًا حازمًا ضد المسؤولين الفرنسيين منذ تغريدة رئيس الوزراء الفرنسي إيمانويل فالس على تويتر، والجدل الواسع الذي رافقها إثر نشره صورة له مع الرئيس بوتفليقة، تُظهر الأخير في وضع صحي منهك. وأطلقت تلك الصور وقتها التساؤلات في الصحافة الفرنسية حول مدى قدرة الرئيس بوتفليقة على الحكم، قابله سخط عارم من الموالين للرئيس في الجزائر، أبرزهم مدير ديوانه أحمد أويحيى، الذي وصف ما أقدم عليه فالس بالعمل الدنيء، هو ظهور الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الأربعاء الماضي، عندما ترأس أول اجتماع مجلس وزراء للحكومة الجزائرية الجديدة، أين تم تقديم خطّط عمل الحكومة، ليتم عرضه أمام أعضاء البرلمان الجزائري يوم 18 حزيران/يونيو الجاري. مع العلم أنه في نفس موعد انعقاد مجلس الوزراء الجزائري بقصر المرادية بالجزائر العاصمة، كان وزير الخارجية الفرنسي متواجدًا بالجزائر و كان بالتحديد بمقر السفارة الفرنسية ،ما يعني أن أسباب عدم برمجة لقاء بينه و بين بوتفليقة ليس لأسباب صحية مثلما كانت تعتقد وسائل الإعلام الفرنسية و إنما هو قرار من السلطات الجزائرية برفض استقبال المسؤولين الفرنسيين من طرف الرئيس الجزائري مهما كانت مستوياتهم باستثناء الرئيس الفرنسي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أن الرئيس إيمانويل ماكرون كلفه بإجراء هذه الزيارة إلى الجزائر و نقل "رسالة الصداقة التي توجهها فرنسا و الشعب الفرنسي للجزائر و شعبها". وصرح الوزير الفرنسي قائلاً "قدمت في سياق تطبعه ثقة وإرادة لإضفاء حركية جديدة وشراكة نوعية على علاقاتنا بالنظر إلى العلاقات القوية التي تجمعنا والواجب تعزيزها في الأشهر والسنوات المقبلة" مضيفًا أن الزيارة المقبلة التي سيقوم بها إيمانويل ماكرون إلى الجزائر ترد كذلك ضمن جدول أعمال هذه الزيارة.
وأوضح الوزير الفرنسي أنه أجرى محادثات "جد معمقة" حول مسائل إقليمية ودولية شكلت مكافحة الإرهاب محورها المشترك. وأكد أن "هذا العزم هو الذي يجعلنا نأمل في حل سياسي في ليبيا" موضحًا أن الجزائر و فرنسا اتفقتا على "مضاعفة جهودهما للتوصل إلى حل سياسي شامل يسمح بالحفاظ على الوحدة الترابية لليبيا و دعم مسار سلام يفضي إلى استتباب السلام و الطمأنينة". وخلص إلى القول "لقد تحدثنا مطولاً حول الوضع في الساحل و مالي مع إرادة مشتركة في التوصل إلى تنفيذ اتفاق الجزائر الذي نتمسك به كثيرًا لأنه الوسيلة الوحيدة لمكافحة الإرهاب".
ورغم عدم اتضاح بشكل رسمي ما اذا كان عدم لقاء الرئيس الجزائري بالوزير الفرنسي يعود لأسباب سياسية أم صحية، لكن تقارير إعلامية جزائرية أشارت إلى أن جون ايف لودريان لا يحمل معه أي جديد بالنسبة للجزائر مقابل الامتيازات الاقتصادية التي حصل عليها المغرب من فرنسا.
كما أن الرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون قام الأربعاء الماضي بزيارة المغرب كأول زيارة له لبلد عربي و ثاني زيارة لبد إفريقي بعد مالي فيما لم يتضح بعد ما اذا كان سيزور الجزائر أم لا-رغم أنه تم الترويج لزيارة لودريان للجزائر على أنها زيارة تحضيرية لزيارة ماكرون للجزائر قريبًا-،وقد يكون عدم استقبال بوتفليقة للوزير الفرنسي راجع لهذا السبب وتعبيرًا عن غضب جزائري رسمي غير مُعلن في ظل اعتقاد قوي بأن فرنسا أصبحت تعطي أولوية أكبر للشريك المغربي على حساب الشريك الجزائري وهو شريك تقليدي كان يرتبط باتفاقيات تجارية واقتصادية مهمة مع فرنسا، حيث أنه لا توجد استثمارات ومشاريع فرنسية مهمة في الجزائر مقارنة بحجم الاستثمارات التي ضختها باريس في المغرب وعدد المشاريع الكبرى ومنها مصنع "رونو" على خلاف مصنع التركيب المتواجد بالجزائر. مع الإشارة إلى أن الاستثمارات الفرنسية في الجزائر قاربت 1,8 مليار يورو في العام 2015.
وتنظر فرنسا إلى المغرب باعتبارها مركزًا اقتصاديًا رئيسيًا وبوابة إلى الأسواق الواعدة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى فالاستثمار في المغرب أصبح أحد أهم أهداف بعض الشركات الكبرى والمتوسطة الفرنسية، بسبب اليد العاملة الرخيصة، فضلاً عن الإعفاءات الضريبية لسنوات عديدة، والإعفاءات الجمركية لعمليات الاستيراد والتصدير.
بعيدًا عن الاقتصاد، ترتبط فرنسا بعلاقات وثيقة مع المغرب على المستوى الثقافي خاصة وأن عنصر اللغة يساعد في تذليل العقبات في هذا المجال، وتستقبل الجامعات الفرنسية 61% من إجمالي الطلبة المغاربة الراغبين في استكمال دراستهم في الخارج والذي يصل عددهم إلى 300 ألف طالب، وهو أكبر عدد بين الطلبة الأجانب،وفي المقابل، توجد في المملكة 30 مدرسة فرنسية، نصف مجموع تلاميذها عددهم 300 ألف مغاربة.
وعلى عكس أسلافه من الرؤساء الفرنسيين، اختار ماكرون المملكة المغربية لتكون أولى محطاته في منطقة المغرب العربي ليكسر بذلك تقليدًا كان قائماً منذ عهد الرئيس الأسبق جاك شيراك، إذ كانت الجزائر دائماً هي المحطة الأولى في زيارات الرؤساء الفرنسيين إلى منطقة المغرب العربي، وكان ماكرون قد أعلن في أبريل الماضي أن المغرب ستكون وجهته الأولى التي سيزورها في حالة فوزه برئاسة فرنسا، حيث أنه قام بزيارة كل من الجزائر وتونس أثناء حملته الانتخابية ولم يتسن له زيارة المغرب وقتها، وشدد آنذاك على متانة العلاقات المغربية الفرنسية ووصفها بأنها "استراتيجية واستثنائية" وقائمة على صداقة "تاريخية" سيعمل على تقويتها وتعزيزها في مختلف المجالات.
وأعلن ماكرون وقتها أنه سيعتمد على شراكة المغرب من أجل إطلاق برنامج طموح لتعزيز العلاقات الثنائية مع "أفريقيا ودول المتوسط" من أجل محاربة الإرهاب، والدفاع عن حقوق الإنسان، ومساعدة الدول الأفريقية في مجالي الصحة والتعليم، وتحسين البنية التحتية.
في الوقت ذاته، حرص الرئيس ماكرون على إجراء مباحثات هاتفية مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أكد خلالها قيامه بزيارة إلى الجزائر خلال الأسابيع القادمة، كما أوفد وزير خارجيته جان إيف دريان، إلى الجزائر أول أمس، في زيارة عمل استمرت يومين تمهيدًا لزيارة الرئيس ماكرون المرتقبة و التي يرى المتتبعين للشأن الجزائري أنها لن تكون غدًا لعدة اعتبارات.
وروّج المقربون من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى أنه "يفكر بعقله أفضل من الأصحاء"، حيث قال جمال ولد عباس الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني إن "بوتفليقة يمارس مهامه بشكل عادي ولا داعي للمزايدات". وأضاف أنه "زار مؤخرًا بوتفليقة ووجده يمارس مهامه بصفة عادية". وسبق لعبد المالك سلال الوزير الأول الجزائري السابق أن أجاب باقتضاب على سؤال وجهه له صحافي حول صحة بوتفليقة خلال زيارته للعاصمة التونسية بـ"صحة الرئيس بخير".و حتى مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحي قال أن الوضع الصحي لبوتفليقة بخير.لكن الواقع غير ذلك لأن ظهور الرئيس بوتفليقة بات نادرًا جدًا و هو الذي كان خلال عهدتيه الرئاستين الأولتين "-من 1999 حتى 2009-دائم الظهور في التلفزيون الرسمي الجزائري و وسائل الإعلام الجزائرية و حتى الدولية"،و نشير إلى أن بوتفليقة استقبل-أو بمعنى أصح تم إظهاره كذلك-منذ أيام وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، كما استقبل ضيفه الرئيس الكونغولي الذي قام بزيارة رسمية إلى الجزائر دامت 4 سنوات و ظهر الرئيس بوتفليقة في هذين المناسبتين بوجه شاحب يخفي الكثر من التعب و المرض....و لكن و بعد أيام قليلة فقط لم يتمكن الرئيس بوتفليقة من استقبال رئيس الوزراء الفرنسي و هو ما جعل معارضو الرئيس الجزائري يعتبرون أن "تعذره المؤقت عن استقبالا المسؤولين الأجانب بات دائمًا و هو أمر يستدعي تقديم توضيحات للشعب الجزائري حول حقيقة الوضع الصحي للرئيس و هل هو فعلاً من يحكم في الجزائر؟".
وبحسب المتابعين لتطورات الوضع الصحي للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة فأن المهتمين بصحة الرئيس، يعطونه مقوِّيات في غاية التركيز، حتى يتمكـن من استقبال هذا الضيف أو ذاك أو حتى يتمكن من الظهور على شاشة التلفزيون الحكومي الوحيد، كي يُـدفئ عواطف بعض الرأي العام المؤيد له أو كي يُعطي الانطباع بأن الأمور تسير على أحسن ما يرام في الجزائر.
وتسارع السلطات الجزائرية في كل زيارة يؤديها مسؤول أجنبي إلى الجزائر لعقد لقاءات مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في خطوة يبدو أنها تهدف إلى درء الإشاعات التي تتحدث عن عجزه الصحي، لكنها فشلت في إقناع الداخل والخارج بأن الرئيس بصحة جيدة ويمارس مهامه بشكل طبيعي. والمتأمل للأخبار التي تتحدث عن لقاء بوتفليقة برؤساء ولشخصيات، لا يتساءل عن المواضيع التي تمت مناقشتها، بقدر ما يركز على صورة الرئيس وما تحمله من دلالات ضعف لا تليق برئيس دولة محورية و قوة إقليمية بالمنطقة.
ويعاني الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي يرأس الجزائر منذ سنة 1999، من آثار جلطة دماغية جعلته يتنقل على كرسي متحرك منذ سنة 2013 ، لكن ذلك لم يكن مانعًا أمام ترشحه للانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 17 نيسان/أبريل 2014 ليفوز بالعهدة الرئاسية الرابعة و يبقى في سدة الحكم حتى سنة 2019 والغريب أن بعض مؤيديه في صورة الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس بدأوا يروجون لترشيح بوتفليقة لعهدة خامسة و ربما سادسة و لما لا عهدة رئاسية مدى الحياة مثلما فعل الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة.