أنقرة - العرب اليوم
لمّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أن واشنطن قد تقبل بسيطرة بلاده على منطقة آمنة محتمل إقامتها في شمال شرقي سورية، بحسب مقترح أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في ظل رفض دول غربية إرسال قوات لها إلى هذه المنطقة. وأشار إلى خطوات محتملة للجيش التركي في تل أبيض وتل رفعت؛ لمنع تكون ما سماه “حزامًا إرهابيًا” قرب حدود بلاده.
وعن إقامة منطقة حظر للطيران في سورية، قال أردوغان في ردود على أسئلة لمجموعة من رؤساء تحرير الصحف التركية، نشرت أمس (الاثنين)، إن الولايات المتحدة لمّحت إلى أنها ستبقي على جزء من قواتها في سورية بعد الانسحاب منها، إدارة الرئيس دونالد ترامب طلبت من ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا إرسال قوات إضافية إلى المنطقة، لكن هذه الدول أجابت بـ”الرد السلبي”، وأضاف: “تركيا لم ترَ إشارة من الولايات المتحدة على نية لتنفيذ عملية في المنطقة، وستعقد بلاده اجتماعًا حول تنسيق انسحاب القوات الأميركية من سورية، ستتم خلاله مناقشة سبل إنشاء، وأبعاد منطقة آمنة مزمعة في سورية”.
كانت وزارة الدفاع التركية ذكرت، في بيان السبت الماضي، أن وزير الدفاع خلوصي أكار اتفق مع نظيره الأميركي بالوكالة مارك إسبر، في اتصال هاتفي ليل الجمعة، على إرسال وفد أميركي إلى تركيا خلال الأسبوع الحالي لمناقشة الملف السوري، بما في ذلك الانسحاب الأميركي والمنطقة الآمنة.
وترغب تركيا في السيطرة على المنطقة الآمنة “المحتملة”، في شرق الفرات، وإخلائها، وكذلك مدينة منبج في غرب الفرات، من وحدات حماية الشعب الكردية، التي كانت ولا تزال، حليفًا موثوقًا لواشنطن في الحرب على تنظيم “داعش”، بينما ترغب الولايات المتحدة في أن تتواجد قوات من دول التحالف الدولي للحرب على “داعش”، في المنطقة الآمنة، وتقديم ضمانات بحماية حلفائها الأكراد.
وحتى الآن لم يتم الكشف عن مساحة المنطقة الآمنة أو أبعادها وتشير تصريحات المبعوث الأميركي إلى سورية، جيمس جيفري، إلى إبعاد وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها تركيا “تنظيمًا إرهابيًا”، وامتدادًا لحزب العمال الكردستاني (المحظور) في سورية، لمسافة معينة.
ورأى أردوغان ضرورة أن تصل المنطقة الآمنة إلى عمق 30 إلى 40 كم داخل الأراضي السورية انطلاقًا من الحدود التركية، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن الولايات المتحدة لم تفِ بوعودها المتعلقة بإخراج وحدات حماية الشعب الكردية من منطقة منبج بمحافظة حلب شمال سورية (بموجب اتفاق تركي - أميركي على خريطة طريق في المنطقة وقع في 4 يونيو (حزيران) 2018)... وقال: “هدفنا الحالي هو تطهير تلك المنطقة من الإرهاب بأسرع وقت من أجل تسليمها لأصحابها (السوريين)”.
وكشف الرئيس التركي عن “خطوات مرتقبة” للجيش التركي في منطقتي تل أبيض وتل رفعت شمال سورية؛ بهدف تحويل ما يسميه “الحزام الإرهابي” (منطقة سيطرة الوحدات الكردية) إلى منطقة آمنة.
وأضاف، أن القوات التركية تحضّر لتنفيذ عمليات في تل أبيض وتل رفعت... “وقد نقلت الموضوع إلى زعماء كل من روسيا والولايات المتحدة وألمانيا، خلال مباحثاتي معهم مؤخرًا على هامش قمة مجموعة العشرين في اليابان”.
وتابع أنه دعا القادة الثلاثة (ترامب وبوتين وميركل)، إلى دعم خطوات تركيا في المنطقة لوجيستيًا وجويًا، وإنشاء بيوت في هذه المناطق السورية، يعود إليها السوريون من تركيا. وذكر أن القادة الثلاثة يوافقونه الرأي في هذه المقترحات، “إلا أنه عندما يأتي الأمر إلى التنفيذ يقولون لا يوجد نقود”.
في الوقت ذاته، قال أردوغان إن “اجتماعًا فنيًا” سيعقد في العاصمة الكازاخية نور سلطان، يومي الأول والثاني من أغسطس (آب) المقبل (ضمن مسار آستانة)، لمناقشة الملف السوري، وبعده ستعقد قمة ثلاثية تركية – روسية - إيرانية تستضيفها تركيا أواخر أغسطس ذاته، تعقبها قمة رباعية في تركيا أيضًا تضم قادة كل من تركيا، وروسيا، وألمانيا، وفرنسا. ولفت إلى أن الهدف من هذه الاجتماعات هو الإسراع بتشكيل لجنة صياغة الدستور الجديد لسورية. مشيرًا إلى أهمية القمة الرباعية في هذا الإطار.
وبالنسبة للأوضاع في إدلب، قال أردوغان إن بلاده تواصل مباحثاتها مع الدول المعنية، وقواتها تواصل تواجدها بالمنطقة، وتنفذ أنشطتها في إطار اتفاقية سوتشي الموقعة مع روسيا في 17 سبتمبر (أيلول) 2018. مضيفًا أن أنقرة تسعى بـ”كل صدق” لتنفيذ مهامها بالمنطقة.
ولفت إلى أن تركيا برهنت، بالأدلة، لروسيا، أن الكثير من الصور بينها صور الأقمار الصناعية التي أرسلها الجانب الروسي من المنطقة، هي صور خاطئة، وأن من يتعرض للهجمات في القرى السورية بإدلب، ليسوا أعضاء الجماعات المتشددة، وإنما السكان الذين يسعون إلى استرداد منازلهم ومواصلة حياتهم. وأكد أن على روسيا إرغام النظام السوري على الالتزام باتفاقية سوتشي.
وأشار أردوغان إلى أن تركيا يوجد بها ما بين 4.5 و5 ملايين من اللاجئين الهاربين من الأزمات والنزاعات في المنطقة، معتبرًا استضافة كل هذا العدد وإدارة أمورهم دون مشاكل، نجاحًا في حد ذاته، قائلًا إن “تركيا تستحق الحصول على جائزة نوبل للسلام من أجل السياسة التي تتبعها في التعامل مع اللاجئين”.
في سياق متصل، واصل الجيش التركي إرسال تعزيزاته العسكرية إلى وحداته المتمركزة على الحدود مع سورية. وبحسب مصادر عسكرية، وصلت أمس، قافلة مكونة من 15 شاحنة إلى قضاء جيلان بينار المحاذي للحدود السورية، تحمل دبابات ومدافع وذخائر لأسلحة متنوعة.
وعلى مدى أسبوعين تواصل تركيا حشد قواتها وتعزيزها بالآليات المدرعة والأسلحة وسط حديث عن عملية عسكرية يحتمل أن تكون وشيكة في شرق الفرات، حشدت لها تركيا من قبل عشرات الآلاف من قواتها على الحدود وتأجلت بعد إعلان ترامب في ديسمبر سحب القوات الأميركية من سورية وإقامة منطقة آمنة.
قد يهمك أيضًا
مجموعة استثمارية عالمية تؤكّد أنّ تركيا تتجه صوب "الانهيار الاقتصادي"
توقّف 20 مركزًا طبيًّا ومستشفى عن الخدمة جرَّاء حملة التصعيد السورية