الجزائر - الجزائر اليوم
أكد رئيس حركة "مجتمع السلم" في الجزائر عبد الرزاق مقري، حرص الحركة على التواصل مع السلطة، على الرغم مما رآه سلوكا استعلائيا من السلطة تجاه المعارضة، وأعرب عن قناعته بأن قرار الحركة بالتصويت على مشروع تعديل دستور البلاد بالرفض ينبع من حرص على عدم مقاطعة السلطة، ولخص مقري، في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك"، أسبابا ثلاث دفعت حركة مجتمع السلم (حمس)، التي تمثل أكبر حزب إسلامي التوجه في الجزائر، لاتخاذ قرار بالتصويت بـ "لا" على استفتاء مرتقب في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل للتصويت على مشروع تعديل الدستور، وهي أن الدستور لیس توافقیا من حیث تشكیل اللجنة التي أعدته، ومن حیث غیاب الحوار، وعدم الاستجابة لمقترحات أساسیة للأغلبیة، وكذلك الجهة السیاسیة التي تبنته في البرلمان وهي أحزاب الموالاة التي ثار علیها الشعب في الحراك الشعبي، كما أنه یستجیب لتیار أیدیولوجي نافذ، ولكنه یمثل أقلیة لا تستطیع أن تنافس دیمقراطیا في أي انتخابات حرة ونزیهة".
وتابع قائلا "على الرغم من إیجابیات كثيرة في الدستور، إلا أنه يتضمن مواد مهددة لهویة البلاد ولاستقرارها، ولا یوجد فیه أي شيء یمكن من الانتقال الدیمقراطي ومن ذلك؛ لم یتم اعتماد بیان أول نوفمبر (البيان الذي أعلن فيه قادة جبهة التحرير الوطني بداية ثورة التحرير الجزائرية عام 1954 ) كمرجعیة أساسیة للدولة ضمن المواد الصماء".
كما انتقد مقري تكريس التعديل الدستوري لحياد المدرسة كمؤسسة تعليمية، موضحًا أن "الجمیع متفق على عدم تحزيب المدرسة والمسجد، ولكنهم (معدو التعديلات على الدستور) تجاوزوا ذلك وتعسفوا فوضعوا مواد، ستستعمل لمنع حضور الإسلام السمح الحضاري ذاته في المناهج التربویة، وفي دور المسجد".
وأضاف "لقد طالبنا بمنع استعمال اللغات الأجنبیة في الوثائق والمؤسسات الرسمیة حتى نوقف هیمنة اللغة الفرنسیة فلم یستجیبوا لنا"، وحول طبیعة النظام السیاسي، قال رئيس حركة مجتمع السلم"، "بالرغم من أن مطلبنا الأصلي هو النظام البرلماني، لكننا أبدینا استعدادنا للتوافق على نظام شبه رئاسي واضح تكون فیه قیادة الحكومة ومختلف شؤونها من الحزب الفائز الأول في الانتخابات التشریعیة فجاءوا بنظام هجین (رئاسوي) یقوض تشكیل أغلبیة برلمانیة بالحوار بین الأحزاب ویعطي الید الطولى لرئیس الجمهوریة في تشكیل الحكومة، وهذا بالإضافة للصلاحیات الواسعة لرئیس الجمهوریة التي زادت على صلاحیات الرئیس في الدستور الحالي".
وحول رؤيته لواقع الحریات، انتقد مقري عدم السماح بتأسیس الأحزاب بمجرد الإخطار، وتقیید تأسیس الجمعیات وكثیر من الحقوق الممنوحة بالإحالة إلي القانون، علاوة على ما وصفه بـ "التراجع الكبیر" في تشكیلة السلطة الوطنیة المستقلة لتنظیم الانتخابات، "حیث أصبحت كلها بالتعیین وبدون توافق، خصوصا مع الأحزاب التي كانت هي ضحیة التزویر".
وعن تبعات هذا القرار على علاقة الحركة برئيس الجمهورية، وإمكانية حدوث قطيعة مع السلطة، قال مقري "نحن لا نؤمن بالقطیعة، وأغلب تجارب الانتقال الدیمقراطي في العالم نجحت بالتوافق بین السلطة والمعارضة، ونحن معروفون في الساحة الجزائریة بأننا أصحاب مشروع " التوافق الوطني، وقد أطلقناه في 2018 وبقینا نلح علیه إلى الیوم. وبعد الانتخابات الرئاسیة الأخیرة حاولنا التوصل إلى توافق وشراكة لحل الأزمات، وتحقیق الإصلاحات بالحوار، وتوفیر بیئة مناسبة للتسییر الحكومي ولو بوجودنا خارج الحكومة، وللمنافسة النزیهة في الاستحقاقات المرتقبة، ولكن لاحظنا أن النظام السیاسي یریدنا أن نكون تابعين لا شركاء، وهذا ما لا نقبله".
وتابع مقري "رغم الأخطاء الكبیرة التي یقع فیها في مختلف المجالات الاقتصادیة والسیاسیة والثقافیة والإداریة بقى النظام السیاسي، كما من قبل، یظهر كثیرا من الاستعلاء. أظهرنا نوایانا الطیبة للتعاون ولكنه لا یرید. وعلیه ستكون الانتخابات هي الفیصل، وقد تكون الانتخابات المرتقبة فرصة إذا كانت نزیهة من كل الجوانب قبل المواعید وأثناءها وبعدها، أو تكون خطر على البلد إذا كانت خلاف ذلك".
وحول موقف الحركة من ضرورة تغيير تشكيلة البرلمان، قال رئيس حركة مجتمع السلم "بكل تأكید لأن البرلمان الحالي معطوب الشرعیة، ولا یمثل الموازین السیاسیة والاجتماعیة الحقیقیة، وغیر قادر على مواجهة الأزمات الكبرى المتوقعة"، كان الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، قد وقع، بوقت سابق، مرسوما لدعوة الناخبين للاستفتاء على مشروع تعديل الدستور مطلع تشرين الثاني/نوفمبر القادم.
وصادق البرلمان الجزائري بغرفتيه وبإجماع الحضور على مشروع تعديل الدستور، فيما شهدت جلسات التصويت في المجلس الشعبي الوطني، مقاطعة الأحزاب السياسية المعارضة، وأقر التعديل الدستوري الجديد بعض التعديلات العديدة المقترحة من طرف اللجنة المكلفة بكتابته، وكذا الأحزاب والجمعيات التي شاركت في النقاش؛ منها وضع ترسيم اللغة الأمازيغية كمادة صماء غير قابلة للتعديل، كما تم ذكر الحراك الشعبي الذي عرفته البلاد العام الماضي في ديباجة الدستور، كما سينص الدستور المعدل في حال اجتيازه الاستفتاء الشعبي على إمكانية إرسال وحدات من الجيش الجزائري خارج الحدود.
قد يهمك ايضا
افتتاح الجامعة الصيفية لحركة مجتمع السلم تحت شعار "الجزائر والعالم