الجزائر - الجزائر اليوم
بينما تعرض 8 ناشطين أمس للمتابعة القضائية في الجزائر، بتهمة تلقي أموال من سفارة دولة أجنبية، بهدف «إعداد منشورات مستفزة تدعو إلى العنف خلال مظاهرات الحراك»، نظم آلاف من سكان منطقة القبائل مظاهرات كبيرة بمناسبة ذكرى مرور 41 سنة على ما يعرف بـ«الربيع الأمازيغي»، الذي يرمز لنضال طويل من أجل اعتراف الحكومة باللغة الأمازيغية، مكوّناً أساسياً في الهوية الوطنية.
وصرح المحامي عبد الرحمن صالح، عضو هيئة الدفاع عن معتقلي الحراك، لصحافيين، أن النيابة أحالت نشطاء جمعية ثقافية وفنية بحي باب الوادي الشعبي بالعاصمة، على قاضي التحقيق مساء أمس، في مؤشر على إيداعهم الحبس الاحتياطي. وتتميز هذه الجمعية، ورئيسها ناصر مغنين، بانخراط قوي في الحراك الشعبي، منذ بدايته قبل أكثر من عامين.
وكانت مديرية الشرطة قد أعلنت في بيان شديد اللهجة اعتقال 8 أشخاص، قالت إنهم «أعضاء جماعة إجرامية»، موضحة أنهم «ينشطون تحت غطاء جمعية ثقافية، لا تملك رخصة النشاط بحي باب الوادي».
وجاء في البيان أن الجمعية «اشترت بفضل تمويل من إحدى الممثليات الدبلوماسية، لإحدى الدول الأجنبية الكبرى بالجزائر، معدات وتجهيزات تكنولوجية حديثة، استعملتها في إنتاج أفلام ووثائق استفزازية، وفي إنجاز منشورات ولافتات تدعو إلى التحريض خلال المظاهرات الشعبية، أو ما يعرف بالحراك». مبرزاً أن النيابة «تمكنت من الوصول إلى مصدر التمويل الخارجي لهذه الجمعية»، من دون ذكر ما هو هذا المصدر، ولا الممثلية الدبلوماسية الأجنبية، التي موّلت الجمعية، حسب الشرطة.
كما أكد البيان أن «القائمين على هذه الجمعية اعترفوا بالدعم الخارجي، الذي كان تحت غطاء نشاط ثقافي مزعوم».
لكن نشطاء الحراك استنكروا اعتقال أعضاء «جمعية باب الوادي» الثمانية، واعتبروا التهم «خطة جديدة لتشويه الحراك بتهم كاذبة». ونشروا بحساباتهم في شبكة التواصل الاجتماعي أخباراً سابقة، نشرتها السلطات الأمنية، على سبيل التهكم منها، تعلقت باعتقال أشخاص وسط الحراك، وبحوزتهم «منشورات تحرّض على الإرهاب»، وآخرين يتبعون لـ«تنظيمات أجنبية معادية للجزائر».
في غضون ذلك، عرفت العاصمة أمس مظاهرة كبيرة لطلاب الجامعات، رفعوا خلالها الراية الأمازيغية، تعبيراً عن الاحتفال بـ«الربيع الأمازيغي». وحاولت السلطة منع المتظاهرين من التجمع بـ«ساحة الشهداء»، لكنهم كانوا بأعداد كبيرة، ما مكّنهم من كسر الطوق الأمني، والوصول إلى أهم الشوارع، مرددين: «بشوية بشوية (شيئاً فشيئاً) سنأتي بالحرية... ونضع في السلطة رئيساً يملك شرعية».
وسُمعت هتافات تنادي بحياة معتقلي الحراك، مع تركيز على 23 منهم بسبب إضرابهم عن الطعام في السجون منذ نحو أسبوعين. ورفع المتظاهرون صورة الصحافي رابح كراش، مراسل صحيفة «ليبرتيه» بأقصى جنوب البلاد، الذي أودعه قاضي التحقيق أول من أمس الحبس الاحتياطي، بسبب مقال عن مظاهرة محلية، عدَته النيابة «مثيراً للتمييز والكراهية في المجتمع».
وفي ولايات القبائل بالشرق، تيزي وزو وبجاية والبويرة، خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع ككل 20 أبريل (نيسان) من كل سنة، للتعبير عن تمسكهم بـ«الهوية الأمازيغية للجزائر». ولوحظ وجود مكثف لأعضاء «حركة انفصال القبائل»، التي لا تعترف بها السلطات، لكنها تتحاشى الدخول في مواجهة معها.
وتعود أحداث «الربيع الأمازيغي» إلى عام 1980. عندما تدخلت الشرطة لمنع محاضرة بتيزي وزو كان سيلقيها الكاتب الأمازيغي الكبير مولود معمري، موضوعها «البعد البربري للشخصية الجزائرية». وكان رد فعل المناضلين يومها عنيفاً، واندلعت مواجهات بين الطرفين خلّفت جرحى، واعتقالات في صفوف الناشطين. وظل الاحتقان حاداً بالمنطقة إلى أن تجددت المواجهات بشكل أكثر عنفاً في ربيع 2011. عندما قتل دركي شاباً في سن 18. وخلفت معارك الشوارع بين قوات الأمن والمحتجين على حادثة الشاب 128 قتيلاً. وكانت تلك الأحداث سبباً مباشراً في تعديل الدستور عام 2002 لتدوين الأمازيغية لغة وطنية، قبل أن تصبح رسمية في تعديل للدستور عام 2016.
قد يهمك ايضاً
حل البرلمان ضرورة لتسريع مسار التغيير لتجاوز الأزمة السياسية الحالية