بيروت ـ ميشال حداد
كشفت معلومات خاصة لـ "العرب اليوم" ان ثمة تحذيراتٍ تبلغها الفنان المعتزل فضل شاكر المتواجد في مخيم "عين الحلوة" الفلسطيني في جنوب لبنان، والذي بحقه مجموعة من المذكرات العدلية الصادرة عن القضاء اللبناني، مفادها ان الاجهزة الأمنية الرسمية تعد لخطة خاطفة لالقاء القبض عليه في مكان تواجده في حي التعمير واقتياده الى خارج مربعه الأمني بغية محاكمته وسجنه نتيجة الاتهامات التي الصادرة بحقه وتصب في خانة المشاركة في القتال ضد الجيش اللبناني في معركة "عبرا" في مدينة صيدا .
وتقول المعلومات إن التحذيرات التي سمعها فضل تفيد بأن السيناريو الذي تم استخدامه في القاء القبض على أمير "داعش" في عين الحلوة عماد ياسين، سوف يتكرر معه، وأن ثمة من يراقبه بغية الانقضاض عليه في اللحظة المناسبة، و هو أمر أدى الى اختفاء شاكر تمامًا عن الانظار في حي التعمير، ويقال أيضًا إنه لا يغادر منزله بتاتاً وسط حراسة خاصة من الشبان الذين كانوا قد هربوا معه من منطقة عبرا .وأشارت المعلومات أيضًا الى أن فضل اقفل هاتفه المحمول ربما خشية من رصد مكان تواجده عبر تقنيات المراقبة الحديثة، و ليس من المعروف اذا كانت الاجهزة الامنية اللبنانية قد قررت بالفعل القيام بعملية أمنية خاطفة للقبض عليه .
وكانت معلومات قد كشفت أن الفنان المعتزل فضل شاكر، يفكر جدياً بتسليم نفسه إلى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني و ليس مخابرات الجيش، ولكن ينتظر تسوية ملف شقيقه محمد عبد الرحمن شمندور الذي كان قد غادر مخيم "عين الحلوة" في صيدا في جنوب لبنان، و تسلمته القوى الأمنية اللبنانية و باشرت التحقيق معه و محاكمته بجرم انشاء مجموعة مسلحة هدفها النيل من هيبة الدولة، و تحديداً في إطار مرحلة الحركة الاسلامية الاعتراضية المسلحة التي قام بها الشيخ الموقوف أحمد الأسير ضد "سرايا المقاومة" التابعة إلى "حزب الله" .
ويدرك فضل أن ملفه الأمني مكتمل في الخارج، لكنه ينفي مسبقاً التهم المنسوبة إليه دون الخضوع إلى محاكمة داخل أروقة المحكمة العسكرية في بيروت، كون المعركة في منطقة عبرا في صيدا كانت مع الجيش اللبناني و ذهب ضحيتها عدد من الجنود والضباط. ومن المفترض أن يصار توضيح صورة شاكر تماماً وفق معطيات ميدانية خصوصاً أنه يظهر في "فيديو مصور" التقطته كاميرات المراقبة التي كانت موضوعة في المربع الآمن في جامع "بلال بن رباح" ومن حوله عدد من المسلحين قبل أيام من حصول المعركة والتي يؤكد هو أنه "لم يشارك فيها"، فيما يفيد الشيخ الأسير أنه "كان موجوداً خلالها، و قد هرب قبله وأرسل إليه بعدها عناصره لاخراجه بعد احتدام الاشتباكات" .
ويعيش فضل شاكر حاليًا أكثر من هاجس أمني، خصوصاً بعد التهديدات التي وصلته الى حي التعمير في مخيم عين الحلوة من مجموعات متطرفة لا تريد خروجه من المكان، فيما كانت الفصائل الفلسطينية هناك قد أنذرته لاكثر من مرة و نصحته بتسليم نفسه الى الدولة اللبنانية كون وجوده في المخيم يشكل أعباءً على عاتق من يتولى ادارة امنه لأن الأمر متعلق بالقتال ضد الجيش اللبناني، و يبدو أن عملية الخروج إلى السجن من أفضل الحلول الممكنة التي ستحافظ على حياة فضل و تنصفه في حال كانت هناك مخارج قانونية تبرر عدم مشاركته في معركة عبرا .
ووصلت معلومات الى " العرب اليوم " تقول إن هناك مفاوضات سرية تتم في الوقت الحالي كي يسلم فضل نفسه إلى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي قبل حلول العام الجديد، فيما هناك ملفات قانونية تواكب تلك العملية التي سيتم النظر فيها أمام المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت، بعد التحقيق مع شاكر لدى استخبارات الجيش اللبناني، كون الموضوع متصل بتلك الجهة الأمنية بشكل مباشر، و ليس باستطاعته أن يتجاوز هذه الناحية رغم أنه يفضل عدم المرور بالمحطة المشار إليها ربما خوفاً من الضغوطات خلال مراحل الاستجواب، أو خشية من انتقام المحققين الذين يمثلون الجنود والضباط الذين سقطوا في معركة عبرا .
في المقابل، مازال فضل شاكر يتحدث عن دوره الإيجابي في فضِّ الاعتصام الذي قطع خلاله الشيخ أحمد الأسير طريق الجنوب أمام جمهور "حزب الله" وحركة "أمل"، ويقول إنه "بذل مساعي لوقف تلك التحركات في الشارع بعد اجتماع حصل برعاية المنسق العام لتيار "المستقبل" أحمد الحريري. ويقول شاكر إن "مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب تسلمت أسلحة مرافقيه قبل فترة من حصول المعركة في عبرا، وإن هناك وثائق تؤكد تلك الناحية لديهم .
فهل خرج فضل شاكر إلى الحرية بعد هروبه الكبير، أو أنه سيدخل السجن ولن يغادره كونه متورطًا فعلاً في المعارك ضد الجيش اللبناني ؟ هذا هو السؤال .
الفنان المعتزل فضل شاكر كان قد اكد لـ "العرب اليوم " سابقًا، أن الجهات الأمنية والقضائية اللبنانية تعلم جيداً أنه بريء من التهمة الموجهة اليه، وأنه لم يُشارك في القتال ضد الجيش اللبناني في "معركة عبرا" شرق مدينة صيدا في جنوب لبنان، مجددًا القول بأن ثمة ضغوطُا سياسية ترمي عليه كل هذه الاثقال.
وقال شاكر في مقابلة خاصة مع "العرب اليوم": "إن أحد العاملين لدى محمد بركات أكد أمام المحكمة العسكرية "أن ليس لي أي مشاركة عسكرية خلال وجودي في صيدا لا من بعيد او قريب، وهي ناحية صحيحة لأنني اساسًا قررت مناصرة الثورة السورية و ليس الدخول في معارك قتالية ضد احد" .
وكشف شاكر عن أنه كان يُوَد تسليم نفسه إلى الجيش اللبناني مع أربعة من مرافقيه، لكن يبدو أن ثمة أمرًا ما حصل في الدقائق الأخيرة منعه من القيام بتلك الخطوة التي كان من المفترض أن تطوي ملف الملاحقات الأمنية بحقه بعد دخوله منطقة التعمير في مخيم "عين الحلوة" الفلسطيني بعد الأحداث العسكرية التي شهدتها منطقة عبرا شرق مدينة صيدا .
وذكرت معلومات خاصة لـ " العرب اليوم " أن مُرافق فضل شاكر المدعو محمد سميح شعبان بركات كان قد اعترف خلال التحقيق معه في المحكمة العسكرية اللبنانية أن فضل كان منشدًا و ليس له أي شأن في موضوع الأسلحة، وأن المرافقين الشخصيين كانوا هم من يحملون السلاح من أجل حمايته ، فيما أوضح الشيخ الموقوف احمد الأسير أن شاكر كان داخل المربع الامني لمسجد "بلال بن رباح" وقت المعركة، وأنه هرب قبلها مع بعض المرافقين لكنه عاد لإخراجه عبر الطريق الآمن .
وتقول المعلومات ايضاً ان حياة فضل شاكر داخل منطقة "التعمير" في مخيم "عين الحلوة" أصبحت في خطر بعد تلقيه تهديدات مباشرة من مجموعات متطرفة موجودة في محيطه بالقتل في حال تراجع عن فكرة الاعتزال و فكّر بتسليم نفسه الى الجيش اللبناني، وهي ناحية دفعت بشقيقه المدعو محمد شمندور الملقب بـ " ابو العبد " إلى تسليم نفسه كما فعل نجل الاخير وعدد من اتباعه و مرافقي الشيخ الاسير بفعل تلك التحركات من حولهم خصوصًا في مرحلة تشهد فيها ساحة المخيم تطورات كثيرة على المستوى الأمني بعد اغتيال عدد من الاشخاص من قبل المتطرفين .
واعتزل فضل شاكر الفن عام 2012 ، وأعلن تأييده للثورة السورية ومن ثم ظهر إلى جانب شيخ مغمور في منطقة صيدا يُدعى أحمد الأسير واتجهت بوصلة الطرفين نحو معارضة احزاب وطوائف لبنانية الى جانب إقامة الاعتصامات في منطقة عبرا بالقرب من مسجد اتخذته تلك المجموعة كمقرّ لها. ومن ثم كرّت سبحة الخلافات مع الأطراف السياسية الأخرى بعد حصول اشتباكات في تلك المنطقة و سقوط اثنين من اتباع الأسير , حيث بدأت مرحلة من الغليان انتهت بمعركة مع الجيش اللبناني و كان حينها فضل على خلاف مع الشيخ الذي اعطى الاوامر لإطلاق النار على الجنود و الضباط الذين كانوا على حاجز بالقرب من الجامع .
والفنان المعتزل الذي أشيع أنه قتل خلال معارك في سورية، عاد إلى الواجهة بعد أن تمكن من الفرار إلى مخيم "عين الحلوة" الفلسطيني والاختباء في حي التعمير مع بعض مرافقيه، وهو أكد في مقابلات أجريت معه أن "لا شأن له في مسألة القتال ضد الجيش اللبناني وأنه لم يشارك في المعركة لأنه وقتها كان نائماً وايقظه صوت الرصاص والقذائف , لكن تلك المبررات لم تشفع له وقد أنزلت المحكمة العسكرية بحقه حكماً بالسجن مدة خمس سنوات بجرم انشاء مجموعة من شأنها المسّ بهيبة الدولة الى جانب محاكمته غيابيًا بجرم تأليف عصابة مسلحة و الإرهاب واقتناء الاسلحة الثقيلة و غيرها من الجرائم التي من الممكن ان تصل عقوبتها إلى اكثر من عشر سنوات سجن .
منزل فضل شاكر الذي احرقته مجموعة من سرايا المقاومة اللبنانية في مدينة صيدا يتم تأهيله الآن من قبل نجله محمد، فيما لم يعد الفنان المعتزل يملك مطعم " الحان " الذي باعه الى متعهد الحفلات عماد قانصوه و أيضاً بيعت جميع سياراته و لم يُعرف ماذا حلّ بأرصدته المالية التي يقال انه دفعها الى مجموعة احمد الاسير كدعم واشترى من خلالها السلاح .
ويشترط فضل تسوية مسبقة مع الدولة اللبنانية كي يُسلّم نفسه، فيما القضاء العسكري يرفض تلك الناحية و يطالبه بتسليم نفسه كي تتم محاكمته وفق الاصول القضائية وفي حال اثبتت التحقيقات أنه بريء فسيتم اطلاق سراحه, وهو أكد أكثر من مرة عبر " العرب اليوم " انه لن يعيش في الخارج كما يُشاع و أن إقامته ستكون في لبنان مهما كانت الظروف .
وقد حاول بعض الفنانين الذين لهم علاقة بالسلطات النافذة في لبنان ومنهم الفنان ملحم زين التدخل لدى المعنيين من اجل حل هذه القضية ولكن تلك المساعي باءت بالفشل. ولقب "المنشد" فضل شاكر يثار حوله الكثير من الاقاويل فتارة يطلق عليه الفنان المعتزل وطورا كلمة منشد، وهناك الكثير من الفنانين الذين تعاطفوا مع فضل شاكر وفي طليعتهم الفنانة شيرين عبد الوهاب ووقفوا الى جانبه في محنته، بينما اخرون شنوا هجوما شديدا عليه مثل الممثلة اللبنانية ورد الخال. ومن المعروف ان فضل شاكر صاحب ايادي بيضاء على الكثير من العائلات اللبنانية والفلسطنية، كما انه في حالة صحية تستوجب المتابعة الدائمة خاصة وانه يعاني من مرض السكري .
وفكرة اعتزال فضل شاكر بدأت تراوده منذ عدة سنوات وتحديدا عندما كان في ماليزيا. وقال لاحد مرافقيه بانه لم يعد يحتمل فكرة الغناء خاصة في الاماكن التي تقدم فيها المشروبات الروحية، فاقنعه احد مرافقيه حينذاك بان المال الذي يجنيه ينفقه على الفقراء و المعوزين لذلك فهو بحاجة الى الاستمرار في عالم الغناء عندها عدل فضل عن اتخاذ قرار الاعتزال، ولكن بعد عامين من تلك الحادثة بدأ يشن هجومًا عنيفا على "حزب الله" اللبناني، وذلك قبل معارك عبرا وكان متواجداً حينذاك في المغرب، وبدأ يدلي بتصريحات نارية تطال الوضع في منطقة الجنوب، مؤكدا بان لا أحد يقف وراءه، وان كل قراراته نابعة من قناعاته الشخصية ولم يكن حينذاك يتحدث عن الشيخ احمد الاسير لا من قريب ولا من بعيد . وكان يشيد بالجيش اللبناني في جلساته الخاصة وخلال احاديثه الصحفية والجدير ذكره ان فضل شاكر سليل عائلة متدينة وكان يحرص عندما يذهب الملحنون الى منزله لاسماعه ما لديهم من جديد ان يجلس معهم في مكان خاص وتحديداً عندما يتواجد اخوته في منزله لانهم يواظبون على الصلاة ولا يحبذون سماع الموسيقى . وبالرغم من انه لم يقف في وجه رغبة ابنه محمد في احتراف الغناء وظهر معه في آخر إطلالاته على مسرح "النهضة " في مهرجان "موازين" وكان الظهور الفني الاخير له في تلك الليلة التي شهدت حضوراً جماهيرياً كثيفاً وكأنها ليلة الوداع بين فضل شاكر وجمهوره . ويوجد حالياً على مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من الصفحات التي تنادي ببراءة فضل شاكر وتطالبه بالعودة الي الغناء تحت اي مسمى يريده مطرباً كان أم منشدًا.