الجزائر - الجزائر اليوم
1 - انتقادات كثيرة ظل رئيس الجمهورية يوجهها للطاقم الحكومي خاصة لقطاعات ذات مجال حيوي فما هي دلالات التغيير و هل هذا التغيير كفيل بتحقيق الإصلاحات ؟حقيقة ، انتقد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون حكومة عبد العزيز جراد قبل مغادرته أرض الوطن متوجها إلى ألمانيا لاستكمال العلاج مضيفا أنه سيبقى متابعا لأوضاع البلاد، حيث أعلن عجز بعض الوزراء عن تأدية مهامهم، قائلا: «أعرف وأستمع لانتقادات المواطنين للسلطات وبعض القطاعات في الحكومة، استمعت لنداءاتكم ولذا قررت في غضون 48 ساعة على أقصى حد
، إجراء تعديل حكومي يشمل القطاعات التي يشعر المواطن بنقص في تأديتها لمهامها وحل مشاكل الساكنة «.إذن هو استياء سياسي عبر عنه الرئيس نفسه صراحة، وكذا الأحزاب ناهيك عن الغضب الشعبي الذي اتخذ أشكالا عديدة ، إزاء تقييم أداء بعض الوزراء في الحكومة السابقة. والملاحظ أنّ رئيس الجمهورية يتوخى من خلال التعديل الحكومي – وهو ما يتفق عليه أغلب المتابعين للشأن السياسي الجزائري- خفض حدة الاحتقان السياسي ضد الحكومة، بسبب ضعف أداء بعض قطاعاتها وإنهاء حالات الانسداد الحاصل في بعض ذات القطاعات نتيجة
دعوات للإضراب في بعضها كقطاع التربية والتعليم و الصحة وضخ دماء جديدة في الفريق الحكومي.هذا ويمكن القول بأن الدلالة الأولى لتجديد الفريق الوزاري تدخل ضمن جزء من سلسلة تدابير فرضها إكراه يتعلق بمحدودية الإنجاز في مرحلة ما بعد الحراك الشعبي، والمتطلع نحو التغيير الجذري في وقت لم تتمكن الحكومة من إعطاء صورة مختلفة عن الأداء السياسي السابق.ثانيا يمكن اعتبار التعديل الحكومي مندرجا في إطار التعامل مع الذكرى الثانية للحراك ، والخوف من استغلال حالة الإنجاز المحدود للدفع بالأجواء العامة نحو مزيد من
التوتر، واستخدامها لأغراض سياسوية.وأخيرا يمكن اعتبار التعديل من جملة إجراءات التهدئة التي طالبت بها الطبقة السياسية في مشاوراتها مع الرئيس عبد المجيد تبون مؤخرا، على غرار حلّ المجلس الشعبي الوطني و الذهاب نحو انتخابات تشريعية والعفو الرئاسي عن حوالي 30 معتقلا حكم عليهم نهائيا وغيرها من التدابير. إذن هي خطوات هامة في طريق الإصلاح السياسي في الجزائر لكن غير كافية ما لم تقترن - في نظرنا- بجعل فلسفة الحكم متمحورة حول منطق أمن الإنسان الذي يقوم على حقوق الإنسان و المواطن، والتأسيس
لديمقراطية مشاركاتية جوارية بالتشجيع على بناء مجتمع مدني ناضج و مبادر وطنيا و محليا وأخيرا جعل مبدأ المحاسبة الديمقراطية قيمة أساسية في الحكم للرفع من مستوى الفعالية السياسية. - لا تزال حكومة جراد محافظة على طابعها التكنوقراطي دون تمثيل حزبي واضح . فهل هذه الصغية كفيلة بتنفيذ برنامج الرئيس و إنجاحه؟لا بدّ أن نقرّ أن التعديل الحكومي الذي أجراه الرئيس عبد المجيد تبون كان جزئيا ، لم يشمل تغييرا للوزراء البارزين، حيث أبقى على عبد العزيز جراد وزيرا أولا كما لم يطرأ أي تغيير على الوزارات السيادية. ليقرر إبعاد
11 وزيرا في السكن والعمران والمدينة و الأشغال العمومية والنقل والموارد المائية والصناعة والطاقة والمناجم والسياحة و الرقمنة والإحصائيات و البيئة ، هذا ونعتقد أنّ حكومة جراد الثالثة سترافق فقط الانتخابات البرلمانية المرتقبة في غضون أقل من ثلاثة أشهر، كحدث بارز و معلوم انطلاقا من الفقرة 5 المتضمنة في المادة 91 من التعديل الدستوري لـ2020 ، أنه من صلاحيات رئيس الجمهورية تعيين وزير أول أو رئيس حكومة حسب الحالة، كما نصت المادتان 105 و110 عن كيفية تشكيل الحكومة بالرجوع إلى ما أسفرت عنه الانتخابات
التشريعية، لذا واحتراما للدستور، سيكون رئيس الجمهورية مخوّلا دستوريا إجراء تغيير أو تعديل حكومي بعد الانتخابات التشريعية ، أما مرحليا فستكون الورشات التشريعية لصياغة قوانين جديدة تماشيا مع الدستور المعدل من ضمن ملفاتها المستعجلة، ومنها وضع الآليات القانونية للمرصد الوطني للمجتمع المدني والمجلس الأعلى للشباب والمحكمة الدستورية ، فانطلاقا من كل هذه المؤشرات، لا أعتقد أن الهدف من هذا التعديل الحكومي تحقيق انجاز بقدر ما يكون تحقيق استقرار سياسي بالدرجة الأولى.جائحة كورونا فرملت التوجّه نحو قطاعات
أخرى- ألم يتغلب عامل الوقت على حكومة الوزير الأول التي لم تكمل سنة من النشاط و عملت في مناخ صعب اتسم بركود اقتصادي عالمي و زادته الجائحة التي ألزمت الطاقم الحكومي بتوجيه كل جهوده إلى التعامل مع كورونا و بالتالي كان هذا الطاقم أقلّ حظا ؟يقتضي الإنصافُ الاعترافَ بأن هذه الحكومة كانت الأقل حظّا، فقد عملت في مناخ سياسي واجتماعي واقتصادي غير مناسبين، فمهمة الحكومة كادت أن تنحصر في مدى القدرة على التكيف مع جائحة كورونا التي أدت إلى هلاك أكثر من 2970 شخص وإصابة حوالي 112279 فرد ، كما
أن حالة الإحباط جراء بطء عملية الإصلاح الموعودة أجبرت الحكومة على تخفيض نشاطها إلى الحد الأدنى. مع ذلك نشير إلى قلة الخبرة السياسية - إن صحّ التعبير- التي طغت على طاقم حكومة عبد العزيز جراد ويأتي على رأسهم وزير الصناعة فرحات آيت علي، والذي زيادة على إظهاره عجز كبير في إنعاش القطاع الصناعي، أثارت تصريحاته حول رخص استيراد السيارات من الخارج ورفضه الكشف عن قائمة المستفيدين من هذه الرخص جدلا و تساؤلا كبيرين و تدخلت فيه أحزاب سياسية ووصل إلى أروقة البرلمان. نشير أيضا إلى عجز
واضح في أداء وزارة البريد بعد أزمة نقص السيولة في المراكز البريدية وعجز وزارة الاتصالات عن حل أزمة تدفق الإنترنت، ما أعاق تنفيذ خطط رئيس الجمهورية بشأن الرقمنة وتطوير الخدمات الحكومية. و أخلفت وزارة التجارة - هي الأخرى - وعودها بخصوص مراقبة نشاط الأسواق والقضاء على المضاربة ولا يزال كيس الحليب غير متوفر في عديد الجهات بالرغم من تأكيدات الوزير على القضاء على الظاهرة ، كما تراجع إنتاج المحروقات المسوق بما معدله 10 %، مقارنة بسنة 2019، بعد أن تراجع إنتاج الحقول النفطية، مقابل تراجع غير مسبوق لعائدات الجزائر من صادرات المحروقات بما قيمته 20 مليار دولار، أي بتراجع بلغ 40 %، في ظل غياب استثمارات أجنبية جديدة لا تزال هي الأخرى رهينة مشروع
قانون المحروقات الذي تتم المصادقة عليه منذ أكثر من سنة ، كما أخفق أغلبية الوزراء الذين مسّهم التغيير الرئاسي في تجسيد المطالب الشعبية، خاصة عندما يتعلق الأمر بتحسين القدرة الشرائية والتحكم في الأسعار. و نشير إلى أن قانون المالية توقع ارتفاع عجز الخزينة العمومية إلى 17.6% من الناتج المحلي الخام للبلاد خلال 2021، بما يعادل 22 مليار دولار، إضافة إلى تراجع احتياطيات الصرف إلى أقل من 47 مليار دولار السنة الجارية. 4- حل البرلمان كان مطلبا حِراكيا آخر حقّقه الرئيس للشعب فهل هذا كفيل بدفع الوعاء الانتخابي
نحو الاستحقاقات القادمة ؟ و كيف تتصورونها في المضمون ؟يعدّ حلّ البرلمان أهم مطالب الحراك الشعبي وأحزاب ما يسمى بـ «المعارضة»، منذ اندلاع احتجاجات 22 فبراير 2019، باعتباره من مخلفات حكم السلطة السابقة ، وتحت هيمنة حزبها ، وكان لزامًا سقوط البرلمان فور استقالة الرئيس السابق ، ناهيك عن أنه جاء نتاج التزوير باعتراف السلطة السياسية ذاتها، في هذا الإطار أقر الرئيس عبد المجيد تبون في خطاب للجزائريين بمناسبة اليوم الوطني للشهيد، بأنه يريد انتخابات خالية من المال الفاسد، تفتح المجال للشباب داعيًا إياهم إلى اقتحام
المؤسسات السياسية وسيتم ذلك بتشجيع من الدولة عبر التكفل بجزء كبير من تمويل الحملة الانتخابية. بالتالي هي فرصة أمام مختلف فعّاليات الحراك الشعبي للتعبير عن برامجها و تطلعاتها ميدانيا ، بالمشاركة سياسيا في انتخابات يفترض أنها ستكون معبّرة فعلا عن توجهات المجتمع ، خاصة الشباب المطالَبين قبل غيرهم بالتقدم إلى المؤسسات المنتخبة ، خاصة أنّ ضمانات النزاهة والشفافية متوفرة طالما أن العملية ستجرى تحت إشراف السلطة المستقلة مما يجعل المجالس القادمة في مستوى تطلعات الجزائريين ، مع ذلك يجب الإشارة إلى نقطة
مهمة ، وهي أن مضمون العملية الانتخابية مستقبلا، مرهون بتوفر مجموعة من القواعد و الآليات الضامنة لحقوق المواطن و المسهلة لديمقراطية الانتخابات ومنها بالأساس تجريم التزوير، احترام الحق المتساوي للمترشحين في الإعلام و المعلومات، الرقابة المواطنية والمؤسساتية للعمليات الانتخابية بداية من إحصاء الناخبين لغاية الترسيم الدستوري للنتائج. كما نشير - أيضا- إلى أربع محددات رئيسية ستتحكم في حجم المشاركة السياسية: الانتظام، التعددية، الحرية والنزاهة. أما الانتظام فيقصد به احترام النظام السياسي لمدة العهدة المحددة دستوريا
دون افتعال أسباب و ظروف استثنائية لتبرير تأجيل الاستحقاقات الانتخابية، أما التعددية ، فهي بالأساس تعبر عن حق المواطنين في الترشح في أطر حزبية أو كمستقلين، وهذا شرط لصيق بالديمقراطية، فغيابه يعني غياب الصفة الديمقراطية عن الانتخابات. أما الحرية فهي تعبير عن مجموعة من الشروط الكفيلة بالمساعدة على بناء خيارات عقلانية تقدم للمواطنين من أجل إرشادهم لانتقاء المرشحين الكفيلين بإحداث الفعالية التشريعية و التنفيذية الضروريتين لإنتاج الأمن و الرفاه. أما شرط النزاهة فهو قائم بالأساس على جعل التنافس عادلا بين الفواعل
السياسية لإقرار قدسية حقوق المواطنة والصوت الانتخابي.نزاهة الانتخابات ستنتج برلمانا أمام مسؤولية تاريخية - في ظل دستور معدّل و قانون انتخابات جديد و عزم على تنقية العملة الانتخابية، كيف تتصورون الحياة التشريعية المقبلة ؟تصورنا لمستقبل الحياة السياسية عامة والتشريعية بصفة خاصة مرهون بوجود تصور دستوري وقانوني يسمح بحركية سياسية داخل و خارج السلطة ، مع إلغاء الشروط القمعية التي تحد من نشاط الأحزاب و قدرتها على فرض التداول و الرقابة ، كما أن متوقف على وجود ثقافة سياسية تكرس قيمة المعارضة وترفض
التهجين السياسيي للأحزاب و الجمعيات المدنية ، ونشير إلى أنّ فعالية العملية التشريعية تتماشى طرديا ووجود صحافة مستقلة قادرة على نشر البرامج السياسية للأحزاب مع خلق مجال إعلامي حر و فاعل ينمي النضج الديمقراطي للنخب والموطنين على حد السواء. لذا لا بدّ على الهيئة التشريعية أن لا تعبّرفقط على مجموعة من الأحزاب أو كتلة من المنتخبين و لكن يجب أن تكون مؤسسة ومعبرة في أن و احد على ثقافة الاختلاف و الحوار، الهادفة إلى إنتاج تشريعي معبر عن المصلحة الوطنية. كما أن الحياة التشريعية تقتضي إضافة إلى الشروط
التأسيسية التشجيع على تداول النخب بفتح مجال المشاركة السياسية للصفوة المثقفة حسب قاعدة الكفاءة والاستحقاق المنتجة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية ، المحققة لأكبر قدر من التنمية الإنسانية المستدامة لترقية نوعية حياة المواطن. - تقسيم إداري مستحدث أخرج إلى العلن ولايات جديدة، هل هذا الإجراء سيدعم التنمية و يتكفل بمناطق الظل ؟أكيد ، هذا الإجراء سيعيد النظر أولا في الخريطة الإدارية بتقريب الإدارة من المواطن لتلبية حاجاته و تحقيق الاستقرار السكاني منعا للزحف و التهميش و الإحباط خاصة لدى سكان الجنوب الكبير، كما
أنه يساعد على جعل مبادرة التنمية المحلية متمحورة حول المجتمع المدني و الإدارة المحليين لتحقيق سلم أولويات الحاجة الإنسانية التي يجب أن تكون بالضرورة متوافقة مع الأولويات الوطنية ومن ناحية أخرى يشجع تطوير سياسة الجباية المحلية و التضامن لتمكين الإدارة المحلية من تحديث سياسات تنمية عقلانية تتماشى و مطالب المواطنين في الجنوب و تطلعاتهم .
قد يهمك ايضاً
الرئيس عبد المجيد تبون يُقرر تحويل 10 مقاطعات جزائرية إلى ولايات
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يجري تعديلًا طفيفًا على تشكيلة الحكومة