الجزائر - الجزائر اليوم
قال، محمد شرفي، رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات إن الحراك الشعبي شمعة مضيئة وجب أن تستمر في طريق النضج، وشدد على أن هيئته مارست مهامها بكل استقلالية ولم تمارس عليها أي ضغوط من أي جهة كانت، ودونت في تقريرها النهائي لرئاسيات 12 ديسمبر حالات ترويج بعض الولاة لمرشح معين.
وانتقد شرفي في حوار مع “الشروق” وعدد من وسائل الإعلام الوطنية بعض الأصوات والأطراف التي تتحجج بالعبء المالي لأعضاء السلطة وامتداداتها المحلية رغم أنها تقوم بمهام 5 وزارات ومجلس دستوري وهيئة سابقة لمراقبة الانتخابات، واشتكى عراقيل من بعض الإدارات لانتداب موارد بشرية للسلطة الوطنية، وكشف أن دولا مثل تونس والهند طلبت التعاون معها للاستفادة من تجربتها في تنظيم الانتخابات بعد أن نالت إعجابها.
عام مضى على انطلاق الحراك الشعبي، والسلطة الوطنية تعتبر من ثمراته، ما تعليقكم؟
الحراك الشعبي ينبغي أن يكرس كمكسب للشعب الجزائري وأن يتمتع بديمومة كتنظيم إيجابي لتسوية النشاط والمسار الديمقراطي في البلاد.
الحمد لله، اليوم من المكاسب الجوهرية للحراك هي هذا الرصانة التي نحن مجتمعون في ظلها اليوم وهي أن البلاد في مأمن من مخاطر كانت تحيط بها قبل انطلاق الحراك المبارك.
أهنئ من أخذوا المبادرة وساهموا في إشعال الشعلة الأولى التي سمحت لملايين الجزائريين على اختلافهم من الخروج، والذين صنعوا صورا جميلة خالدة تشبه مظاهرات 11 ديسمبر 1961 لما كنت طالبا في الثانوية، وسمحوا لنا أن نعيش نفس الشعور بالطموح والتطلع للحياة في ظل الحرية الحقيقية المسؤولة التي تهدف لتشييد البلاد التي حررها الآباء.
ولذلك أقول إن الحراك شعلة نتمنى أن لا تنطفئ بالعكس نتمنى أن تسير بنضج شيئا فشيئا حتى تتبلور الفكرة في خدمة الجزائر والجزائر لا غير، لأن الحراك من صميم تدعيم ركائز الديمقراطية الدستورية في الجزائر ونسأل الله أن يوفقنا لدعم الحراك وأن يلهم الذين ينشطون الحراك بالبصيرة الكافية حتى يكون الحراك مكسبا وآلية من آليات تطوير الديمقراطية الدستورية في بلادنا.
ما مدى الاستجابة لمطالب الحراك بعد عام من انطلاقه؟
أرى أنه من المطالب الجوهرية للحراك السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي هي نتاج للحراك من خلال إسناد العملية الانتخابية لها وإبعاد الرموز الملتصقة بالانتخابات المزورة والمحشوة كل ذلك تم القضاء عليه والسلطة الوطنية أثبتت بكل جدارة رغم قلة الإمكانيات أنها مستقلة 200 بالمائة من كل الجوانب سيادة القرار في يدها.
أيضا كان الحديث عن الباءات وبمقتضى الانتخابات زالت وصارت هناك حكومة جديدة فيها شباب..لا نقول إن كل شيء كامل ولذلك ندعو لمواصلة الحوار.
ما هي قراءتكم لقرار الرئيس تبون جعل يوم 22 فيفري عيدا وطنيا؟
أقدر قرار رئيس الجمهورية واعتبره تدعيما لما تضطلع به السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في إطار مهامها وهو تعميق وتعميم الممارسة والديمقراطية الدستورية.
الحراك الشعبي أعطى وأسس سنة لم تكن، قد وقعت من قبل وهو الاجتهاد الدستوري الشعبي وهي سنة حميدة وأعطى حلولا للأزمة التي كانت تتخبط فيها البلاد.
ولذلك، فإن إعطاء طابع العيد الوطني لذكرى الحراك هو حقيقة بكل ما تتضمنه هذه الفكرة من مدلول، ولا بد أن يتضمن الدستور للجديد والقوانين الجديدة الميكانيزمات التي تنبثق عن الحراك الشعبي حتى لا نعرف أي انسداد في أي طارئ يحدث مستقبلا وتكون القنوات مفتوحة بما يشبه برلمانا مفتوحا وأنا أعبر عنها بإبقاء قنوات الحوار مفتوحة دوما.
الحراك الوطني نعتبره مرجعية لنا لأننا من ثمرات الحراك الوطني الشعبي والاحتفاء بذكراه أدنى ما يمكن تقديمه للاعتراف به.
كيف ترون الحراك اليوم؟
أي حراك بحجم الحراك الوطني ينطلق بشكل معين بحجم وأسس معينة ولكن يتطور حتما لأن عظمة الأهداف التي كانت مسجلة في طيات الشعارات التي رفعت يوم 22 فبراير كانت توحي بأن الأمر لا ينتهي في يوم وأسبوع بل مسجل في مسار تاريخي.
وبمرور الوقت يعرف تطورات من خلال تدعيم جوانب والتخلي عن أخرى وهذا مآل حركات شعبية بحجم الحراك الوطني.
من حيث المضمون، الحراك حصل على أشياء كثيرة ولكنه أتى بطموحات جديدة، وأنا لا أقول إن الحراك انحرف، لكن لما نصل إلى تسارع الأحداث والحركة بحجم الحراك يكون هناك تسارع وتكدس ويتولد عنها متغيرات لما تكون كثيرة بالنسبة لما يصبو إليه الحراك في بدايته هناك من يراها غير منطقية للاتجاه الذي يتصوره كان يتصوره البعض.
ولذلك أنا لا أقول انحراف إنما هو مخاض مستمر سينضج بصفة نهائية ليكون في خدمة الشعب والجزائر.. هذا مكسب لا بد أن نحافظ عليه ونساعده على التطور السليم ويكون سلاحا في يد الشعب الجزائري نفتخر به للأبد مثلما هي ثورة نوفمبر.
هل عاد الأعضاء المندوبون والمنسقون إلى مناصبهم، في ظل تباعد المواعيد الانتخابية ما قد يشكلونه من عبء مالي؟
هذا بيت القصيد…
القانون جاء في ظرف أسبوع وأعطى ميكانيزمات للسلطة للاستفادة من الموارد البشرية في وزارة الداخلية والخارجية ووزارة العدل والهيئة السابقة لمراقبة الانتخابات وهي هيئات كانت مكلفة بتنظيم الانتخابات.
ورغم عمليات التسخير خلال الانتخابات لدى بعض الهيئات لكن في الواقع لم نتمكن من إبقاء هذه الموارد البشرية في خدمة السلطة لأن البعض ما زال يمشي بذهنية هيئة مراقبة الانتخابات كانت تشرف تراقب وتنتهي مهمتها بنهاية الانتخابات.
والسلطة لا تسير بنفس منطق الهيئة السابقة ومهامها متعددة وهي الإعداد التحضير والتأطير وفرز ومراقبة العملية الانتخابية وعوضت الإدارات السابقة، وبعض الإدارات طلبت رجوع موظفيها، وهناك بعض الوزارات تفهمت الوضع ووزارة التربية مثلا قالت إنها بحاجة للأساتذة وكان الاتفاق أنه عندما نكون بحاجة أليهم يـأتون إلى السلطة ولما لا تكون الحاجة يعودون إلى التدريس كي لا يتضرر التلاميذ.
ولذلك فهذا الأمر طرحته على مستوى الوزير الأول ليتم أخذ قرار بشأنه.
وحتى المندوبين البلديين الذين يجب أن يواصلوا عكس الهيئة السابقة التي كان تنتهي مهامهم بنهاية العملية الانتخابية ولم يكن لهم وجود قبل وبعد الانتخابات كانت مثل “الشامبيط” وفقط.
هناك من يتحجج بالعبء المالي لـ1541 مندوب بلدي.. هل السلطة الوطنية هي فقط من تثقل ميزانية الدولة؟ كيف نوكل لسلطة مستقلة مهام كانت تقوم بها 4 وزارات ومجلس دستوري ويتم التحجج بالعبء على ميزانية الدولة، نحن لم نطالب بأكثر من الميزانيات السابقة إذا كان 100 ألف شخص يسهر على الانتخابات نحن نطالب بنفس العدد للعملية، هناك أيضا من قال إن الوضع تحت التصرف للموظفين لصالح السلطة أمر غير ممكن.
هل هذه المطالب يقف وراءها النظام السابق؟
لا هذه اجتهادات وتفسير ضيق للقانون والمواد وكون القانون مستمد من قانون الهيئة السابقة (الهيئة الوطنية العليا لمراقبة الانتخابات)، وبعض المواد بقيت نفسها والمطلوب من المسوؤل أن يجتهد في خدمة الوطن وخدمة الهدف السياسي المبتغى من وراء السلطة لذلك يجب تفسير المواد لصالح الغاية والهدف المبتغى من ورائه.
أظن أن الرئيس والوزير الأول التزما بشأن هذا الملف وسنقضي على هذه قبل إجراء الاستفتاء المقبل (الدستور).
كما أن الرئيس خلال أداء اليمين واجتماع الولاة ولقاءاته مع الصحافة الوطنية هو عازم وصرح على أن السلطة مكسب وجب تدعيمه…. واستقلاليتها التامة باتت واقعا، لذلك الاستقلالية موجودة لكن هناك مخلفات مثل نقص القوانين ونقص الإمكانيات اللازمة.
وبعض الإدارات يلزمها القانون بتحويل الصلاحيات والإمكانيات لكن الصلاحيات حولت بالمقابل لم تحول الإمكانيات… لذلك هذه للأمور ستعالج بعد تعديل الدستور وأنا متفائل جدا مما سمعته من رئيس الجمهورية.
ما جدية الأصوات التي ما زالت تتحدث عن التزوير رغم إشراف وتنظيم ومراقبة هيئة مستقلة سيدة للعملية الانتخابية لأول مرة في تاريخ البلاد؟
أنا أستقبل هذه الأصوات بابتسامة ليست ابتسامة احتقار.. لأن هؤلاء لا لوم عليهم لأنهم لم يؤمنوا بعد أن ما كان مبنيا على التزوير يتحول فجأة لطهارة وحفاظ على الأمانة.
أتحدى أيا كان أن يأتي بمحضر واحد مزور وكل المحاضر هي بنك معلومات للسلطة ويستطيع الاطلاع عليها.
جرى حديث عن انحياز بعض الولاة لمرشح معين خلال الرئاسيات الماضية، هل سجلت السلطة ذلك؟
ذكرنا ذلك بكل شفافية في التقرير النهائي للعملية واتخذنا إجراءات في ذلك الوقت لكن الترويج (لمرشح ما) لم يجد نفعا والقانون الجديد سيتطرق لمثل هذه التصرفات لأن الذين يروجون لزيد أو عمر هو تزوير أدبي والذي يروج وهو في السلطة سوف يحرم من تقلد المناصب العمومية مدى الحياة.. هذا هو الرد لا سجن لكن الحرمان من الوظيفة العمومية مهما كانت لأنه لم يكن أهلا للأمانة. وخصوصا أن في بعض المناطق لما يروج المسؤول لمرشح ما فالناس تستمع له، رغم أن قيادة الجيش قالت إن عهد صناعة الرؤساء قد ولى وانتهى… لكن بقي من يتطلع إلى المترشح الذي تدعمه السلطة (تلك الفكرة كانت ماشية) لكن ذلك لم يجد نفعا والترويج أدى إلى نتيجة جاء بنتيجة عكسية.
كيف ترون الاستحقاقات المقبلة التي ستنظم في ظل استقلال تام للسلطة عن الإدارة؟
أنا مطمئن لالتزام رئيس الجمهورية بمنح السلطة الوطنية كامل الإمكانيات لتكريس استقلاليتها وبالتالي استطعنا في وضع تعرفونه تنظيم انتخابات نزيهة.
وللعلم، فإن دولا كبرى مثل تونس يطالبون بإلحاح بأن نمد جسور التعاون المتبادل في تثمين الخبرة الجزائرية الفتية التي نالت إعجاب دول سبقتنا في تأسيس مثل هذه الهيئات (السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات).
وفي ظل الجزائر الجديدة نحن بحاجة لنصون أمانة الشعب وستكون انتخابات نزيهة وشفافة ولنا نفس العزيمة، والإمكانيات ستدعم من خلال قانون أساسي للموارد البشرية للسلطة لأن هناك ثغرات في القانون وتأويله.
فمثلا وزير العدل اتخذ قرارا بوضع الموظفين الذين طلبتهم السلطة تحت تصرفها إلى غاية تجهيز السلطة لنفسها. و نحن نحضر بشكل دائم في حين كانت وزارة الداخلية تحضر قبل عامين للاستحقاق الانتخابي، لذلك هناك مواقف إدارية وليست وطنية للذين يتحججون باستحالة وضع الموظفين تحت تصرف السلطة مثلا.
قد يهمك ايضا :
رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يستقبل محمد شرفي رئيس السلطة الوطنية
شرفي يكشف عن تسلميه تقرير السلطة حول رئاسيات 2019 للرئيس تبون