الدبلوماسية الجزائرية تُواصل تحرّكاتها من ليبيا


تُواصل الدبلوماسية الجزائرية مسارها نحو استرجاع مكانتها التي كانت تحضى بها في السابق، وتواصل معها بسط يديها على مختلف القضايا الإقليمية التي كانت في وقت ما المحرك الرئيسي لها، والتي غيبت عنها طيلة السنوات الماضية، وتمكنت الجزائر في فترة وجيزة من العودة من الباب الواسع للساحة الإقليمية والدولية، وبرزت كقوة وكثقل في الملف الليبي الذي شغل المجتمع الدولي، وهي اليوم بالموازاة مع استمرار جهودها بخصوص هذا الملف، تسعى أيضا لإعادة استقطاب الأطراف المتنازعة في مالي وتحيين الحوار الوطني الشامل في هذا البلد بعد تسجيل عودة الاضطرابات وتردي الوضع الأمني به.

يرى متابعون للشأن الجزائري، أن الجزائر قطعت في فترة وجيزة شوطا كبيرا في مسار عودتها إلى الساحة الإقليمية والدولية، وتعمل على إعادة بسط اليد على القضايا التي كانت في السابق البلد المحرك الأساسي لها، وفي مقدمتها الملفين الليبي والمالي، ويعتبر محللون أن هذا التحرك السريع للجزائر ولدبلوماسيتها، أولا في ملف ليبيا والذي باشرت فيه ومنذ ما يزيد عن الثلاثة أسابيع لقاءات ماراطونية مع دبلوماسيين ومسؤولين أجانب إضافة إلى مشاركتها في مؤتمر برلين، والذي تبنى المقاربة الجزائرية فيما يخص هذا الملف، واقتراحها احتضان حوار ليبي-ليبي على أراضيها والذي قوبل إلى حد الآن بموافقة حكومة الوفاق الوطني في انتظار موافقة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ثم سعيها منذ أكثر من أسبوع إلى تكثيف اللقاءات مع المسؤولين الماليين والتي كانت آخرها زيارة وزير الخارجية صبري بوقادوم إلى مالي واستقباله من قبل الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا، أول أمس، له العديد من الدلالات، وهي أن الدبلوماسية الجزائرية استعادت مكانتها القوية، وأن مصلحة الأمن الاستراتيجي الجزائري هي من أولويات القائمين على شؤون البلاد.

ويعتبر محللون ومن بينهم رابح لونيسي في تصريح سابق لـ”الجزائر”، أن “الجزائر ومنذ 2011 وهي تعيش تهديدا أمنيا خطيرا، منذ أن اندلعت النزاعات في ليبيا، وانتقلت إلى شمال مالي”، و قال إن الخطأ الأكبر الذي ارتكب في عهد رئيس الجمهورية السابق عبد العزيز بوتفليقة، هو “إهمال ملفات الصحراء الكبرى-الساحل- رغم الخطر الكبير الذي يشكله الصراع في تلك المنطقة على الأمن القومي الجزائري”، و يرى المتحدث أنه “من الضروري على المسؤولين اليوم أن يضعوا هذه الملفات ضمن أولوياتهم”.

ويبدو أن المسؤولين اليوم أدركوا هذا الخطأ و بدوا فعليا في تصحيحه، وشرعوا في التحرك دبلوماسيا من أجل استرجاع الجزائر للدور الذي كانت تلعبه في منطقة شمال إفريقيا والساحل بصفة خاصة، فبعد التحرك الذي سجل باتجاه إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، كانت هناك تحركات أخرى للدبلوماسية الجزائرية بالموازاة مع ذلك لتحيين ميثاق السلم والمصالحة بمالي الممضى في الجزائر عام 2015، وذلك بعد تدهور الوضع الأمني بهذا البلد وارتفاع عدد العمليات الإرهابية به، حيث كانت هناك العديد من اللقاءات بين المسؤوليين الجزائريين والماليين، ومشاورات مكثفة، آخرها اللقاء الذي جمع وزير الخارجية صبري بوقادوم بالرئيس مالي إبراهيم أبو بكر كيتا، أين تناول الطرفان الأزمة بهذا البلد وكذا الملف الليبي باعتباره ملف يهم كلا البلدين، إضافة إلى التأكيد على ضرورة الرفع من علاقات التعاون بين الجزائر و مالي في مختلف المجالات.

وقد اعترف المجتمع الدولي ومسؤولون أجانب إضافة إلى الصحافة الدولية، بهذه العودة القوية للدبلوماسية الجزائرية، وبالدور الكبير الذي تلعبه الجزائر في حل الأزمات الإقليمية، وأنه لا يمكن حل الأزمتين الليبية والمالية خصوصا من دون الجزائر.

قد يهمك ايضا:

الجزائر وايطاليا يتفقان على تكثيف الجهود ومضاعفة التنسيق لحل الأزمة الليبية

المشاورات السياسية مع مكونات الساحة الوطنية تشكل أولوية قصوى لدى الرئيس عبدالمجيد تبّون