الجزائر - الجزائر اليوم
تزامنا والحملة الانتخابية لتشريعيات 2021، بدأت روح التنكيت والسخرية، والتهكم، تطال المترشحين للبرلمان، وتنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ملاحظات، استطاع الكثير من الجزائريين وبشيء من الذكاء والدقة، رصدها.. مفارقات وازدواجية أخلاقية وتناقضات متعلقة سواء بشخص المترشح أو تصريحاته، وآرائه، ومستواه التعليمي والثقافي.
قصص طريفة أو نكت تحمل في طياتها هموم شعب أو تعكس واقعا مؤسفا، أو تحمل موقفا سياسيا لبعض المواطنين، تحت غطاء المزح والترفيه عن النفس، والضحك في سخرية وتألم.. لكن ثمة نكتة تتعلق بوظائف سامية وشهادات عليا، نسبها بعض المترشحين إلى أنفسهم، وادعوا سواء شفهيا خلال الحملة أو كتابيا على ملصقات القوائم الانتخابية، أنهم يعملون في هذه الوظائف أو متحصلون على هذه الشهادات، فبعض المترشحين كتب أنه مناضل في مكافحة الرشوة والفساد، وآخر قال إنه أبو المساكين والمحرومين، في حين ادعى أحدهم أنه مختص في 10 علوم متخصصة في التنمية البشرية، وتحول العمل الخيري والجمعوي إلى مادة دسمة في السير الذاتية للمترشحين بين مناضل جمعوي وأبو الأيتام ومعيل الفقراء ومكون الأجيال…ناهيك عن الشهادات المزيفة التي حاول الكثير من المترشحين تضخيم سيرتهم الذاتية بها.
وفي قوائم نشرت في الجزائر العاصمة، علقت صور لبعض المترشحين، وحسب معرفة بعض الأشخاص بهم، والذين أكدوا لـ”الشروق”، أن هؤلاء وعددهم غير هين، كتبت تحت صورهم وظائف وشهادات غير صحيحة، ولا علاقة لهم بها.
وهذه الحقيقة، تؤيد ما روّج مؤخرا، عبر صفحات “الفايسبوك”، حيث نشرت قائمة لبعض الوظائف البسيطة، وهو مجرد تنكيت وسخرية، وقوبلت بوظائف أخرى سامية، على أنها ما يدعي بعض المترشحين الذين يعمدون تغليط الرأي العام للحصول على أصوات من خلال صناديق الانتخابات.
في أحد القوائم الممثلة لأحد الأحزاب في العاصمة، كتبت تحت صورة سيدة على أنها مديرة مدرسة، في حين أنها لا علاقة لها بالتعليم، وقد لقيت هذه الواقعة، استغراب أهل منطقتها وجيرانها وكل من يعرفها في بلدية من بلديات العاصمة، حيث تقطن.
محاولات من مرشحين للحصول على شهادات عليا بطرق ملتوية
وفي هذا السياق، كشف الأستاذ مصطفى بلجودي، صاحب مكتب ترجمة في حسين داي، في تصريح لـ”الشروق”، عن بعض المحاولات من طرف مرشحين للحصول على شهادات جامعية وتكوينية عليا، بطرق ملتوية سواء عن طريق “مقاهي الأنترنت”، أو عن طريق المترجمين، موضحا أن بعض المترشحين أو بعض الأشخاص بصفة عامة، يحاولون خداع المترجمين بشهادات مزوّرة أو مطبوعة بتغيير هوية صاحبها، ويرغبون في ترجمتها قصد الحصول على ختم مكتب المترجم، ليتم استغلال هذه الأخيرة.
وقال بلجودي، إن المترجمين، لا يقبلون إلا الشهادة الأصلية لاعتمادها في الترجمة ومنح صاحبها، النسخة المترجمة، وهذا تفاديا للوقوع في مشاكل قانونية، والمتابعات القضائية.
ومن جهته، أكد يوسف أعراب، صاحب مكتب ترجمة من العربية إلى الفرنسية والألمانية، أن مرحلة التحضير للانتخابات التشريعية، عرفت رغبة جامحة لدى الكثير من المرشحين، في الحصول على شهادات ترفع من مستواهم الثقافي والتعليمي أمام الناخبين، موضحا أن المترجم الرسمي محلف، ويأخذ كل احتياطاته عند ترجمة الشهادات، أو الوثائق ككل، ولا يتم الأخذ سوى بالوثيقة الأصلية.
.. مغالطة للرأي العام وخرق للقانون!
وحول الموضوع ذاته، قال المحامي شريف لخلف، عضو نقابة الجزائر العاصمة، إن حقيقة انتحال الصفة من طرف بعض المترشحين، حقيقة موجودة، وإن الكثير من المواطنين لاحظوا أن هناك وظائف غير مطابقة لصاحب الصورة في القوائم الانتخابية للملصقات التي علقت هذه الأيام في الشوارع.
وأكد الأستاذ شريف لخلف، أن انتحال الصفة فعل يعاقب عليه القانون، وإذا تعلق بمغالطة الرأي العام، فالعقوبة تكون مشدّدة، حيث أن وكيل الجمهورية هو من يقوم بتحريك الدعوى القضائية ضد هؤلاء في حال ورود شكاوى وتبين فيما بعد وجود تزوير أو انتحال صفة أو تصاريح كاذبة، وحتى لو لم يكن، حسبه، التزوير في الملف الخاص بالمترشح، وكانت الكتابة فقط تحت صورته في القائمة وظيفة غير وظيفته الحقيقية، فإن ذلك تصريح كاذب، يعاقب عليه القانون، والمتابعة لا يفلت منها المترشح في حال نجاحه وصعوده إلى البرلمان، لأن الواقعة كانت قبل الحصانة.
عامان حبسا نافذا للمترشح عن انتحال صفة في الملصقات
ومن جهته، أوضح حسان براهمي، محام لدى مجلس قضاء الجزائر العاصمة، أن هناك فئتين من المترشحين الذين يكذبون ويحرفون الصفة أو يعطون صفة أعلى وأسمى منها، وهي صفة، حسبه، منظمة قانونا دون الحصول على مؤهلاتها، أو رخصتها المطلوبة قانونا، وهذا يعد جريمة، يعاقب عليها القانون كجنحة انتحال صفة، بعامين حبسا نافذا، سواء كان الأمر يضر بجماعة أو بشخص واحد، ولأن المترشح انتحاله للصفة يتسبب في مغالطة للرأي العام، فإن التصريح الكاذب وانتحال صفة وادعاء وظيفة سامية، سواء كان ذلك شفهيا أو كتابيا أو عبر الملصقات الخاصة بالقوائم الانتخابية، فإن العقوبة نفسها المذكورة أعلاه.
وفئة ثانية، حسب المحامي حسان براهمي، تتعلق بالمترشحين الذين ينتحلون صفة أسمى وبحكم المجال أو القطاع الذي يعملون فيه، فمثلا ساعي بريد يدلي خلال الحملة الانتخابية أو يكتب على الملصقة، على أنه إطار في وزارة البريد، أو مترشح يعمل عون نظافة ويؤكد أنه إطار في وزارة البيئة، وآخر يعمل في مركز التكوين المهني ويقول بأنه إطار في وزارة التكوين المهني.
وأشار المحامي حسان براهمي، إلى أن قانون الانتخابات يتيح لسلطة الانتخابات أن تتخذ الإجراءات العقابية ضد المترشح وأن تسحب كل ملصقة تحوي منتحلين للصفة، وأن للمواطنين الحق في رفع شكاوى ضد بعض المترشحين الذين تكتب تحت صورهم وظائف سامية وهم لا يتمتعون بها، كما أن المندوبين لسلطة الانتخابات عبر الولايات يمكن لهم رصد مثل هذه المغالطات للرأي العام.
من غشنا فليس منا
وفي هذا السياق، قال الشيخ جلول قسول، إمام مسجد القدس بحيدرة، إن المترشح للانتخابات بمجرد التصريح خلال الحملة، بوظيفة أو شهادة لا يملكها ويعطي صفة أسمى من صفته، يعتبر ذلك غشا وخداعا، وهو نائب مستقبلي غير مخلص وغير صادق، وهي أخلاقيات سياسية، حسبه، غير مقبولة.
ونصح الشيخ جلول قسول، المترشحين لتشريعيات 2021، بأن يتحدثوا للمواطنين، بعفوية وصدق، ومن دون تصنع، لأن الجزائريين، وخاصة الشباب يتمتعون كثيرا بالوعي ويعون تماما ما يقع حولهم، وأن أي مترشح يمكن أن يسيء لنفسه، من خلال محاولته لإخفاء الحقيقة عنه، أو محاولة التغليط، حيث هذه الأخطاء البسيطة يمكن أن تسجل ضده.
قد يهمك ايضاً
الخارجية الجزائرية تؤكد أن إجتماع الاتحاد الإفريقي يثني على جهود الجزائر في تنفيذ اتفاق السلم
وزير الشؤون الخارجية الجزائري يعقد لقاءات ثنائية مع العديد من كبار المسؤولين في الأمم المتحدة