جانب من الوفد الفلسطيني

كشفت مصادر فلسطينيَّة مطَّلعة على سير المباحثات الجارية في القاهرة للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النَّار في قطاع غزَّة أنَّ المسؤولين المصريِّين عن التفاوض مع الجانبين الإسرائيليّ والفصائل الفلسطينيَّة قد عرضوا خلال الساعات الأخيرة على طرفي النَّزاع حلولًا وسطًا لكي تحدث انفراجة في المفاوضات المتعثِّرة بين طرفي النّزاع، فيما تحدَّثت أنباء غير مؤكدة أن الوفد الفلسطينيّ وافق على تأجيل النقاش حول الميناء.

من جانبه أكَّد الناطق باسم حماس فوزي برهوم في تصريح صحافيّ وصل "العرب اليوم" أن حركته لن تتراجع عن مطالبها ولا عودة للوراء .

وأضافت المصادر أنه على الرغم من انتهاء مهلة الهدنة الأولى في الثامنة من صباح أمس الجمعة إلا أن إسرائيل والفصائل الفلسطينيَّة قد التزمتا بمطلب مصر بعدم تصعيد الحرب مرة أخرى في ظل عدم الإعلان عن هدنة جديدة بين الجانبين ووقوع مناوشات محدودة بعد انتهاء الهدنة، إلا أن طرفي النزاع لا يرغبان في التصعيد مرة أخرى، وتبدو الهدنة الجارية أنها هدنة أمر واقع لحين الوصول لاتفاق نهائي.

ورجحت المصادر المصرية نجاح المفاوضات الجارية برغم تعقدها، فإسرائيل لا ترغب في تنفيذ جميع المطالب الفلسطينيَّة حتى لا تبدو في موقف المنهزم والضعيف الذي أعلن استسلامه، كما تبرر إسرائيل رفضها لثلاثة مطالب فلسطينيَّة وهي الميناء والمطار والممرّ الواصل بين قاطع غزَّة والضفة الغربية بدعوى عدم تمكين بعض الفصائل الفلسطينيَّة من تهريب السلاح، لأن الميناء والمطار تحديدًا يشكلان تهديدًا لأمن إسرائيل حسب ادِّعائها وما زال الإسرائيليّون متشددون تجاه هذا الأمر.

وفي المقابل فإن الفصائل الفلسطينيَّة تصرّ على تنفيذ جميع مطالبها، مما أبقى الأمور معقدة حتى مارست مصر ضغوطها على جميع الأطراف للقبول بحلول وسط لإنجاح المفاوضات ووقف العدوان.

وقد أظهرت الفصائل الفلسطينيَّة مرونة بشأن مطلب المطار وإرجائه، وأضافت المصادر المصرية أن الوفد الإسرائيليّ سيصل مصر مساء السبت للمرة الرابعة على التوالي لاستئناف المفاوضات.

وأكَّدت المصادر المصرية أن الوفد الإسرائيليّ المفاوض لا يملك حلولًا وأنه مجرد ناقل للمطالب وعرضها على المجلس الوزاري المصغر "الكابيت" في إسرائيل وأنّ الكرة ما زالت في الملعب الإسرائيليّ.

وأشارت مصادر مصرية إلى أن حل الأزمة الراهنة يكمن في تقديم كل طرف بعض التنازلات بما يضمن للجانب الفلسطيني تحقيق نصر حقيقي على الأرض يضمن رفعًا تامًّا للحصار عن قطاع غزَّة، كما ستتضمن الحلول ضمان الجانب المصري فتح معبر رفح البري بشكل دائم في ظل ضمانات فلسطينيَّة بإدارة المعبر من قبل حكومة توافق فلسطيني وسلطة فلسطينيَّة شرعية.

من جهته أكد عضو المكتب السياسي بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عضو وفد التفاوض الفلسطيني مع الإسرائيليّين في القاهرة، موسى أبو مرزوق، أنهم لم يُبلَغوا رسميًّا بموعد استئناف المفاوضات مع الإسرائيليّين، وإن كان يتوقع استئنافها يوم الأحد، بحضور الوفد الإسرائيليّ.

وأضاف أبو مرزوق في تصريحات صحافية، أن المفاوضات توقفت بسبب عطلة يوم السبت عند اليهود، وهذا هو استخدام الدين في السياسة عند اليهود عندما يتعلق الأمر بمفاوضات سلام، ولكن في المقابل فإن أشد أيام القصف الإسرائيليّ الذي تعرضت له غزَّة كانت يوم السبت.

وأكَّد مسؤول إسرائيليّ، يوم السبت، أن الحكومة الإسرائيليّة لا تعتزم إعادة الوفد الإسرائيليّ المفاوض إلى القاهرة، مضيفًا أنهم لن يتفاوضوا تحت إطلاق الصواريخ من غزَّة على مدن وبلدات إسرائيليّة.

أما عزت الرشق وعدد من القيادات الفلسطينيَّة فقد أكدوا في تصريحات متتالية إنّ إسرائيل تتذرع بيوم السبت كعيد يهودي ولم تقدم ردًّا على المطالب الفلسطينيَّة .

وينتهي عيد السبت لدى اليهود مساء يوم السبت ومن المتوقع بعدها أن يصل وفد إسرائيليّ إلى القاهرة لتسليم ردود الحكومة الإسرائيليّة وتعديلاتها على الورقة الأولى وردها على المطالب الفلسطينيَّة .

وأكدت مصادر فلسطينيَّة في المقاومة أن الورقة الإسرائيليّة التي تم تقديمها قبل يومين كانت بمثابة "أضحوكة" فلا يوجد في الورقة الإسرائيليّة أي إشارة إلى رفع الحصار وكانت جميع البنود مذيلة بعبارة "بالتنسيق مع السلطة الفلسطينيَّة"- كمثال , سيتم فتح معبر كرم أبوسالم، وهو مفتوح أصلًا، وبحث إمكانية زيادة الموادّ الموردة خلاله بالتنسيق مع السلطة الفلسطينيَّة.

وفي بند آخر "الموافقة على إدخال رواتب لموظفي حركة حماس بالتنسيق مع السلطة الفلسطينيَّة وبإشراف دولي حتى لا تصل الأموال للمنظمات الإرهابية"، أما البند الأكثر سخرية فكان: "الإفراج عن جثتي جنديي رفح والشجاعية مقابل 8 جثث لفدائيين استشهدوا خلال الحرب في عمليات التسلل والإفراج عن 15 أسيرًا فلسطينيًّا تم اعتقالهم من خزاعة".

وبعد رفض الفصائل الفلسطينيَّة ومصر أيضًا للورقة الإسرائيليّة طلب الوفد الإسرائيليّ مغادرة القاهرة لإعطاء الرد الإسرائيليّ للحكومة والمجيء برد جديد وتذرعت إسرائيل بيوم السبت في محاولة لتضييع الوقت والاستمرار بالعدوان على غزَّة بقصف إسرائيليّ متواصل ومن المتوقع ألَّا يكون الردّ مختلفًا اختلافًا جذريًّا عن الردّ الأضحوكة الموضح سابقًا.

وعلى الرغم من الرد الإسرائيليّ المضحك إلا أنّ وزير الخارجية المصرية قد أكد في تصريحات صحافية أنّه تم الاتفاق مع إسرائيل والفصائل على معظم القضايا وأنّ الساعات المقبلة ستحمل وقفًا لإطلاق النار , كما أكد البيت الأبيض على أن الاطراف الفلسطينيَّة ستعلن وقفًا قريبًا لإطلاق النار.

وتشير بعض المصادر إلى أنّ الرد الإسرائيليّ والمفاوضات غير المباشرة التي ستتم فور وصول الوفد الإسرائيليّ للقاهرة، والتي من المتوقع لها مساء يوم السبت، ستكون حاسمة, حيث أعطت حركة حماس الجهود المصرية وكحسن نوايا يومين إضافيين تهدئة من طرف واحد من طرف المقاومة الفلسطينيَّة، ولكن تتحدث المصادر الفلسطينيَّة أنه وفي حال استمر التعنت الإسرائيليّ ورفضت المطالب الفلسطينيَّة فإن الأوضاع مرشحة للتصاعد في اليوم التالي، وهو يوم الأحد.
الجدير بالذكر أن الفصائل الفلسطينيَّة في القاهرة قد أعطت مصر تهدئة صامتة لمدة يومين بحيث تتوقف حركتي حماس والجهاد عن إطلاق الصواريخ لإعطاء فرصة للجهود المصرية وعلى الرغم من ذلك فقد استمر الطيران الإسرائيليّ في قصف أنحاء متفرقة من قطاع غزَّة وأدت الاستهدافات إلى نحو 10 شهداء خلال اليومين اللذين تليا تهدئة الـ 72 ساعة .