الجزائر - الجزائر اليوم
أكد الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية سي الهاشمي عصاد، أن 2020 ستكون سنة واعدة لتثمين المكاسب وتعزيز الشراكة مع عديد القطاعات لترقية اللغة الأمازيغية، موضحا على هامش الملتقى الذي نظم أول أمس، بتيبازة بمناسبة رأس السنة الأمازيغية 2970، حول موضوع "يناير، رمز هوية مستعادة وتراث يحتاج التثمين"، أن 2020 ستكون "واعدة" من أجل "ترقيتها بكل متغيراتها اللغوية في ظل الجزائر الجديدة التي تتطلب المزيد من التجنيد والتكفل الجدي بها، حتى يتسنى وضعها على السكة الصحيحة".
وأضاف أنه يتوجب تثمين المكاسب التي تحققت في سبيل ترقية الأمازيغية في عديد القطاعات كمرحلة أولى، من خلال اتفاقيات شراكة مع قطاع التربية من أجل بلوغ هدف التعميم التدريجي لتعليمها، إلى جانب الثقافة والتعليم العالي والاتصال بصفتهم قطاعات معنية بصفة مباشرة بترقية استعمالها، مبرزا في هذا السياق الاتفاقية مع وكالة الأنباء الجزائرية التي بدأت تظهر من خلال بث أخبار باللغة الأمازيغية وتخصيص موقع إخباري ناطق باللغة الأمازيغية.
وفي السياق - يتابع المسؤول - سيتم إمضاء اتفاقية مع المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري لتكوين صحفيين ينشطون باللغة الأمازيغية، من خلال ضمان تكوين متخصص لهم لاستعمال سليم وصحيح للمصطلحات، حسب ذات المسؤول، وكمرحلة ثانية، تعتزم المحافظة السامية للغة الأمازيغية تعزيز الشراكة وتعميمها مع قطاعات أخرى، على غرار العدالة الذي تم بموجب اتفاقية أمضيت سنة 2018 لتكوين أمناء الضبط، على أن يتم كأهداف مستقبلية، تعميم استعمالها بالمؤسسات القضائية.
"كما تعتزم المحافظة السامية للأمازيغية توسيع نشاطها مع الديوان الوطني لمحو الأمية تلبية للطلبات العديدة لتعليم اللغة الأمازيغية، إلى جانب إبرام اتفاقيات مع جمعيات ومؤسسات خارج التراب الوطني، على غرار الجمعية الأورو - عربية بغرناطة والأكاديمية الإفريقية للغات"، حسب سي الهاشمي عصاد.
ودعا الأخير بالمناسبة، إلى العمل على ترقية اللغة الأمازيغية في إطار "نقاشات هادئة وبعيدة عن الديماغوجية والسياسة والتشويش"، مبرزا أن المحافظة السامية تعمل على ترقية جميع متغيرات اللغة الأمازيغية عبر كل مناطق الوطن، من خلال تعميم تعليمها في كل المدارس وتنظيم ملتقيات علمية.
خطورة تناول المسألة الهوياتية خارج الحقل الأكاديمي
وعرف الملتقى الذي نظم من طرف المحافظة السامية للغة الأمازيغية، بالتنسيق مع ولاية تيبازة، بمناسبة الاحتفال الوطني الرسمي برأس السنة الأمازيغية يناير 2970، حضور ثلة من الأكاديميين والباحثين، فضلا عن وزيرة الثقافة مليكة بن دودة، التي صرحت خلاله أن تناول المسألة الهوياتية من طرف أي كان وبعيدا عن الحقل العلمي والأكاديمي وذوي الاختصاص، "يعد أمرا خطيرا"، خاصة في ظل ما تشهده الجزائر من تغيرات.
وأبرزت أن قطاعها سيعمل بالتنسيق مع المحافظة السامية للغة الأمازيغية وكل الفاعلين ورجال البحث العلمي والثقافي، على إرجاع المسألة الأمازيغية إلى مكانها الطبيعي، مشددة في هذا السياق: "ينبغي أن تكون الهويات متصالحة سواء كانت ناطقة بالأمازيغية أو بالعربية، لا يمكن تصور الأمازيغية خارج البيت الجزائري الذي يجمع الجميع منذ قرون مضت، ويجمعهم مستقبل واحد وفقا لتصور وأحلام وفكر واحد".
وتناول الملتقى ثلاث جلسات متبوعة بنقاشات حول مواضيع خاصة بالتاريخ والتقويم عند الشعوب القديمة والتقويم الأمازيغي والآثار المادية واللامادية والتعايش والهوية والمخطوطات وعادات وتقاليد وتاريخ الأمازيغ بالأوراس ومنطقة تيبازة، إلى غيرها من المواضيع الأخرى.
وأجمع المتدخلون على أن هذه المناسبة الشعبية ضاربة في عمق تاريخ الأمة الجزائرية، فلسفتها قائمة على حب الأرض والمحافظة عليها، وفي السياق، قالت لويزة قاليز باحثة في الفلسفة والأنثروبولوجيا، إن "الاحتفال بيناير واقع وحقيقة بنكهة ثقافية واجتماعية وفلسفية توارثتها الأجيال منذ القدم، ما يشكل دافعا أساسيا لروح الانتماء للوطن."وأنه يقوم على قيم نبيلة أهمها، حب الأرض والوطن وحب الإنسان وغرس القيم الروحية، مبرزة أنه "ميثاق سلم بين الأرض والإنسان" لعبت فيه الجدة بالعائلة دورا رئيسيا في كل مناطق الوطن.
وأكد البروفيسور محمد الهادي حارش رئيس اللجنة العلمية للملتقى، مختص في التاريخ القديم، أن "التقويم الزمني الأمازيغي أقدم من التقويم الروماني والمصري، خلافا للجدل الخاطئ الذي يدعي أنه نابع من التقويم الزمني الروماني"، داعيا إلى ضرورة دراسة التاريخ بنظرة موضوعية ومن مصادر تخدم مصالح الوطن.
الدعوة لتصنيف "يناير" كتراث عالمي إنساني
واختتم الملتقى بجملة من التوصيات، أهمها دعوة المنظمة الأممية التي تعنى بالثقافة "اليونسكو"، لتصنيف الاحتفال كتراث عالمي إنساني، إضافة إلى تصحيح المغالطات التاريخية المتعلقة بالعلاقة بين الشعوب الأمازيغية والشعوب المصرية في العصور القديمة، لاسيما فترة اعتلاء شيشناق عرش الأسرة الفرعونية الـ22، وشملت التوصيات أيضا دعوة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لإدراج تعديلات على القانون التوجيهي للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي سائر المفعول إلى غاية 2020، لإرساء سياسة بحث أكاديمي يضع ملف التراث في صلب تكريس مقومات الهوية الوطنية بأبعادها الثلاث، الإسلام، العروبة والأمازيغية.
وبخصوص الصيغة التنظيمية للإحتفال برأس السنة الأمازيغية، أكد المشاركون على ضرورة أن يركز الإحتفال مستقبلا على إبراز قيم المجتمع النبيلة، خاصة منها "التضامن والتآزر والعيش معا في إنسجام"، مع الإهتمام أكثر بالمرجعية التاريخية والأبعاد الثقافية بدون التقصير في تثمين وترويج الجانب الاحتفالي والفلكلوري، وتم التأكيد على التزام كل الشركاء بمرافقة اللجنة الولائية لتيبازة الخاصة بتصنيف الممتلكات الثقافية التي تعنى بالشقين المادي واللامادي المتمثلة في التراث المحلي "الدينان"، وهو طبع غنائي محلي.
وعلى الهامش، تم تنصيب لجنة ولائية للتراث اللامادي "الدينان" وإبرام اتفاقيات تعاون بين مؤسسة التلفزيون الجزائري والمحافظة السامية للغة الأمازيغية، مع تنصيب أول دفعة لصحفيين ومراسلين ينشطون باللغة الأمازيغية، إلى جانب بعض الأنشطة الثقافية الفنية الأخرى.
وللتذكير، كانت وزيرة الثقافة مليكة بن دودة قد أكدت يوم الجمعة من تيبازة أن الاحتفال الرسمي برأس السنة الأمازيغية يأتي لتعزيز الثوابت الوطنية ودعم الوحدة بمقوماتها الثلاث، الإسلام والعروبة والأمازيغية. وأعلنت الوزيرة لدى إشرافها على الافتتاح الرسمي للاحتفالات الوطنية برأس السنة الأمازيغية 2970 "يناير"، عن قرار "تفعيل" إتفاقية الشراكة والتعاون مع المحافظة السامية للأمازيغية بهدف "ترقية" استعمال اللغة الأمازيغية في "المجال الثقافي" و"التراث التاريخي" و"تثبيت الهوية الثقافية الوطنية".
وأشارت الوزيرة إلى أن الجزائر "تعيش حالة من التجديد على جميع المستويات، من خلال استحقاق رئاسي يسير بعقل هادئ وإرادة تدبير نحو جمهورية جديدة يبنى مسارها على أسس متينة"، مضيفة: "الأسس الجديدة ظهرت بدء بتنصيب لجنة مراجعة الدستور وخلق القطيعة مع السياسات القديمة بفكر جديد وأفق جديدة تعمل على جمع الجزائريين سواء الناطقين بتامزيغت أو بالعربية للاحتفال معا والمضي معا، واضعين صوب أعيننا جميعا جزائر التطور والحرية والتفوق".
تواصل الاحتفالات لليوم الثالث على التوالي
تواصلت لليوم الثالث على التوالي، الاحتفالات الوطنية الرسمية برأس السنة الأمازيغية، يناير 2970 عبر ولاية تيبازة، التي تنظمها المحافظة السامية للأمازيغية من خلال برنامج تثقيفي واجتماعي وأكاديمي ثري ومتنوع.
وتضمن برنامج اليوم الثالث من التظاهرة، تنظيم معرض خاص بمختلف الطبوع الفنية التقليدية الأمازيغية بدار الثقافة "أحمد عروة"، بمشاركة جمعيات محلية ووطنية تعنى بالشؤون الثقافية، ويتعلق الأمر بمعرض فتح أمام الزوار ظهر أمس، يضم أجود ما جادت به أنامل الحرفيات والحرفيين من ألبسة وتجهيزات العروسة عند العائلة الأمازيغية، إلى جانب الأواني وصناعة الفخار والحلي والطبخ التقليدي، لاسيما منه "البركوكس" والكويرات، الطبق المفضل عند أهل شنوة بتيبازة.
كما احتضن بهو دار الثقافة معرضا للفنون التشكيلية للفنان سيد أحمد حمداد، يستعرض من خلال لوحاتها عادات وتقاليد الأمازيغ، وكانت المحافظة السامية للغة الأمازيغية قد أحييت سهرة أول أمس، بالمركب السياحي "متاريس"، سهرة فنية إيذانا بحلول سنة أمازيغية جديدة، بحضور الوزير المستشار للاتصال، الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية، بلعيد محند أوسعيد وكذا رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، صالح بلعيد ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، لزهاري بوزيد على وقع عادات وتقاليد أمازيغ "شنوة" بتيبازة و"أهل الليل" من تيميمون، ضيف شرف طبعة احتفالات هذه السنة.
وعلى هامش الاحتفالية، بادرت المحافظة السامية للأمازيغية إلى تكريم شخصيات محلية ووطنية فاعلة في التراث الأمازيغي على غرار نادية نجار وعبد النبي رمضان وحشاد حسين وحبيبي محفوظ وسلطان صبري، نظير مساهمتهم في ترقية الثقافة الأمازيغية.
اتفاقية تعاون بين محافظة الأمازيغية والتلفزيون لترقية اللغة الأمازيغية
تم أمس، بالجزائر العاصمة التوقيع على اتفاقية تعاون بين مؤسسة التلفزيون الجزائري والمحافظة السامية للغة الأمازيغية، من أجل ترقية اللغة الأمازيغية عبر تكوين الصحفيين والتقنيين، لتحسين المحتوى وكذا ضبط وتوحيد المصطلحات.
وأوضح الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، سي الهاشمي عصاد، خلال مراسم التوقيع التي جرت بالمركز الثقافي للإذاعة الوطنية عيسى مسعودي، تزامنا مع الاحتفال برأس السنة الأمازيغية 2970، أن هذه الاتفاقية "تأتي في إطار التواصل الضروري بين مؤسسات الدولة لترقية اللغة الأمازيغية، وتهدف إلى مرافقة جهود التلفزيون الجزائري في هذا المجال، من خلال تنظيم منتديات تكوينية على مراحل للفئتين (الصحفيين والتقنيين)".
وأضاف في ذات السياق، أن بنود الاتفاقية "تتمحور أساسا حول تكوين الصحفيين والتقنيين العاملين في القناة الرابعة حتى يكون هناك تداول للغة الأمازيغية بطريقة مقننة وسليمة، وكذا ترقية الدبلجة بهذه اللغة وفق المعايير اللازمة"، وأبرز السيد عصاد أن محطات التكوين سيؤطرها خبراء ومختصون في اللسانيات، على أن تنظم المنتديات التكوينية على مراحل للمستفيدين، مؤكدا "التزام المحافظة السامية بتدعيم وتمويل هذه لمنتديات".
واعتبر الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية الاتفاقية الموقعة مع التلفزيون الجزائري بمثابة "محطة مهمة ومكملة لما قمنا به سابقا، من خلال الاتفاقية الموقعة مع وزارة الاتصال في 2014 ثم اتفاقية التعاون مع وكالة الأنباء الجزائرية في 2015، على أن تكون هناك اتفاقية قادمة مع الإذاعة الوطنية لذات الهدف المتمثل في إثراء اللسان الأمازيغي المتداول عبر الوطن".
وبالمناسبة، لفت السيد عصاد إلى "عدم وجود اتفاق حول المصطلحات المستعملة في اللغة الأمازيغية بسبب التعدد اللساني، بما يمثل إشكالا قائما يستدعي التكفل به عبر اعتماد وثيقة مرجعية موحدة"، مشيرا إلى أن عملية التكوين ستصب في هذا المجال، من جانبه، أعرب المدير العام بالنيابة للمؤسسة العمومية للتلفزيون، فتحي سعيدي، أن اتفاقية التعاون الموقعة "تصب في إطار الاهتمام وتسليط الضوء على الثقافة الأمازيغية وترقية تراثها المادي والمعنوي، وتنص على تطوير برامج القناة الرابعة من حيث الشكل والمضمون عبر إيلاء الأهمية اللازمة لضبط منظور موحد للغة الأمازيغية، من خلال تكوين الصحفيين في مختلف الميادين وكذا التقنيين بما يمكنهم من الأداء بشكل أفضل"، ويُشار إلى أنه ستقوم المحافظة السامية للأمازيغية بإهداء مجموعة من الكتب باللغة الأمازيغية تمثل آخر إصداراتها إلى مؤسسة التلفزيون الجزائري بهدف إثراء مكتبته.
قد يهمك ايضا :
الجزائر تدين قصف الكلية العسكرية بطرابلس وتجدد رفضها لأي تدخل أجنبي
ماهينور أوزدمير كوكطاش تقدم اوراق إعتمادها كسفيرة لتركيا بالجزائر