"إندونيسيا" تستقبل رمضان بـ"قرع الطبول"

تستقبل إندونيسيا شهر رمضان الكريم بقرع الطبول التقليدية المعروفة باسم "البدوق"، وهي طبول ضخمة يتم قرعها فور الإعلان عن حلول شهر رمضان، حيث تجوب الشوارع شاحنات صغيرة تحمل "البدوق" ويقوم الشباب بقرعها للاحتفال بقدوم رمضان، كما تقرع هذه الطبول قبيل أذان المغرب مباشرة إيذانا بحلول موعد الإفطار، وتعتبر هذه الطبول رمزًا للشهر الكريم في إندونيسيا.

وينتهز المسلمون في إندونيسيا الشهر المبارك ليتصالح المتخاصمون، ويتسامح المتهاجرون، ويتناسوا ما وقع بينهم من خلاف وشقاق، وتقام حفلات التصالح هذه عادة في المساجد، وتسمى عندهم "حلال بحلال" ويشرف على ترتيب المجالس التصالحية وجهاء الناس وعلماؤهم.

وتشمل مظاهر الاحتفال كذلك إقامة سوق شعبان في بعض المناطق وهو يسمى "دورديران" والبعض الآخر يسميه "داندانجان" وغير ذلك من الأسماء في المناطق الأخرى، وهو سوق كبير تعرض فيه حوائج الناس الخاصة برمضان من حاجات منزلية وأطعمة وألعاب وغير ذلك، ويقام هذا السوق غالبًا في الميدان الواسع أمام مبنى المدينة أو في الحديقة العامة.

ومن مظاهر الاحتفال بهذا الشهر تزيين الشوارع والأحياء بالشعارات الرمضانية والأعلام المكتوب عليها "لا إله إلا الله" والأوراق الملونة والبالونات والمصابيح الخاصة في بعض المناطق، كما تجد على كل باب من أبواب البيوت في إندونيسيا عبارات دينية مكتوبة، مثل الشهادتين أو البسملة أو آية من آيات القرآن الكريم أو قول من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم.

واعتاد المسلمون في إندونيسيا خلال شهر رمضان على فتح المساجد طوال الليل لتلاوة القرآن الكريم أو ما يسمى "تدارس"، فبعد تناول وجبة الإفطار يذهب الجميع لأداء صلاة المغرب ومن ثم حضور مجالس الذكر التي يطلق عليها "تدارس" وقراءة القرآن قبل القيام لأداء صلاة التراويح، وبعد الانتهاء يرجع المصلون إلى منازلهم لأخذ قسط من الراحة ثم الاستيقاظ مبكرا لتناول وجبة السحور، ويقوم بعض الشباب بقرع الطبول في أرجاء المدينة لإيقاظ السكان للسحور، ثم الذهاب لأداء صلاة الفجر.

وتختلف موائد الإندونيسيين في أيام رمضان حيث يقبلون على تناول أنواع معينة من المشروبات والأطعمة والفواكه ويبدأ الصائمون إفطارهم بأنواع مختلفة من المشروبات مثل شراب "تيمون سورى" وهو نوع من الشمام، كما يحرص الكثيرون منهم على الإفطار على التمر واللبن اقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويقبل الإندونيسيون على تناول البطاطا، حيث يقومون بسلقها وخلطها بالسكر البني وجوز الهند ويطلق الإندونيسيون على هذا النوع من حلوى البطاطا “الكولاك”.

وللأرز على موائد الإندونيسيين مكان رئيس سواء في رمضان أو في شهور السنة الأخرى ويقدم في صور عديدة أشهرها الأرز المسلوق الأبيض والأرز المحمر الذي يعرف باسم "ناسى جورينج"، ويقدم إلى جانب الأسماك أو الدجاج أو اللحوم.

أما صلاة التراويح في إندونيسيا فيصليها المسلمون ثماني ركعات في بعض المساجد، وفي بعضها الآخر تصلى عشرين ركعة؛ ولا تلتزم تلك المساجد في أغلبها ختم القرآن كاملًا، بل تقرأ في صلاة التراويح ما تيسر من القرآن؛ وقد تتخلل صلاة التراويح أحيانًا كلمة وعظ أو درس ديني.

ومن عادة أغلب المساجد أن تقرأ بعض الأذكار بين كل ركعتين من ركعات التراويح، كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والترضي على الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين، وتشارك النساء في صلاة التراويح، ويصلين من وراء ستائر خاصة بهن، موضوعة في مؤخرة المسجد.

وتعتبر إندونيسيا أكبر دولة من حيث عدد السكان المسلمين في العالم، والتي يمثل فيها السكان المسلمون نسبة تزيد على 85% من إجمالي عدد سكانها البالغ نحو 238 مليون نسمة (وفق إحصاء عام 2010. ودخل الإسلام إلى إندونيسيا في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) على يد التجار المسلمين من العرب والهنود والفرس ثم انتشر بين جزر الأرخبيل عن طريق السكان الوطنيين أنفسهم، وكانت جزيرة سومطرة أول مركز للدعوة الإسلامية ونشأت بها أول دولة إسلامية.