باريس - الجزائراليوم
توفي الأربعاء الماضي في مدينة «بروفانس» الفرنسية كريستوفر تولكين، نجل الكاتب جي. آر. تولكين، عن عمر ناهز 95 عاما بعد أن أفنى حياته في جمع وتنقيح إرث والده الأدبي وقام بنشر أعماله بعد وفاته تحت اسم «سليمارليون» بناءً على وصية والده قبل رحيله.
واستمر تولكين طوال 50 عامًا بعد وفاة والده عام 1973 في العيش في العالم الذي خلفه والده من خلال روايات «ذا هوبيت» التي نشرت للمرة الأولى عام 1937 وروايات «سيد الخواتم» التي نشرت عام 1949، و«عنكبوت ميركوود»، و«عين موردور»، «رافينديل» ناهيك من آلاف الصفحات التي تضمنت شخصيات وأماكن وحبكات روائية متقنة. إجمالاً، قام تولكين بالتنقيح والإشراف على نشر عشرين إصداراً من أعمال والده والتي بات كثير منها من أكثر الكتب مبيعاً في الساحة الأدبية العالمية.
وكان كريسوفر بمثابة الوصي الأدبي على إنتاج والده، لكن دوره كان أكبر بكثير مما يشير إليه هذا اللقب عادة، ففي الوقت الذي كان الأب يكتب فيه روايته الشهيرة «سيد الخواتم»، كان أيضا يقوم برسم عالم فسيح غني بالأساطير، لكنه كان من ذلك النوع الباحث عن الكمال ولم يكن قادراً على وضع هذا العمل في صورة قابلة للنشر قبل وفاته.
وأمضى ابنه أربع سنوات في تنظيم وتجميع تلك الأساطير وقام بنشرها عام 1977 تحت اسم «سليمارليون»، وذكر كوري أولسن، القريب من جهود نشر أعمال تولكين، في مقابلة أن «من شأن هذا الجهد أن يفتح الباب على ثروة هائلة من أعمال تولكين الخيالية والمذهلة»، لكن أولسن، رئيس جامعة «سينجن» الأميركية عبر الإنترنت المتخصصة في دراسات تولكين، قال إن عشاق ومدرسي أدب تولكين كثيرا ما تساءلوا عن نسبة مساهمة الأب مقارنة بمساهمة الابن في إنتاج الأعمال التي حملت اسم «سليمارليون».
ورداً على هذا السؤال، يمكن القول إن كريستوفر أنتج كتاب «تاريخ الأرض الوسطى» عام 1996 الذي تكون من 12 مجلداً، وهو عبارة عن مجموعة من المسودات والأجزاء وإعادة الكتابة والملاحظات الهامشية والكتابات الأخرى التي حفظت في 70 صندوقاً من المواد غير المنشورة، والذي أظهر أن كل ما نشره الابن كان من إنتاج أبيه.
وقال أولسن، «لقد أظهر كريستوفر كيف تطورت أفكار والده مرور الوقت». لم تكشف المجلدات أفكار أبيه فحسب، بل عرضت بوضوح حالة الإبداع التي عاشها، وقال توماس شيبي، الأستاذ البريطاني الذي ظل يكتب ويحاضر عن تولكين طوال 50 عاماً، في مقابلة صحافية: «من دون كريستوفر، لكان لدينا الآن القليل جداً من المعرفة حول تولكين وكيفية خلق أساطيره التي رأيناها في رواياته»، وشأن والده الذي كان أستاذا في علم اللغة بجامعة أوكسفورد، فقد قضى تولكين معظم حياته منغمسا وسط الكتب. كان كلا الرجلين من علماء اللغة الإنجليزية القديمة والوسطى، وحاضر كلاهما في جامعة أكسفورد. لكن الأب كان متخصصاً في أدب تشاوسر ومرحلة «أنغلوا ساكسونز»، فيما عكف الابن على العمل على دراسة وجمع إنتاج أبيه الراحل.
وقال أوستن أولني، المحرر بدار «هافتون مافلين» للنشر، عقب لقائه بتولكين في منزله في إنجلترا، «كان يتعامل مع هذا الأرشيف غير العادي كما لو أنه اكتشفه في قبر مغلق». وبحلول ذلك الوقت، تم نشر ما يقرب من مليون نسخة من كتاب «سليمارليون»، وكان هناك العديد من الكتب الأخرى على وشك الخروج من القبو.
ووصف صهره السيد كلاس، تولكين بأنه كان منضبطا بشكل غير عادي وأنه كان يغلق الباب على نفسه بمكتبه في الصباح الباكر ولا يخرج حتى وقت الغداء، وقال كلاس، «كان عمل حياته هو تحويل تلك الكميات الضخمة من المواد المدونة على الأظرف والمناديل بخط يده غير القابلة للقراءة إلى مواد مقروءة»، وجاء رد فعل قراء تولكين لخبر وفاته عبر على وسائل التواصل الاجتماعي عاطفيا ومشحونا بالشجن، وكتب أحد الأشخاص على «تويتر»: «لقد كرس رجل متواضع حياته لإنجاز عمل شخص آخر»، وأضاف: «أفكر في جميع الكتب التي لم تكن لترى النور من دون جهود كريستوفر. فهذه الكتب هي التي حددت طريقة نظرنا الآن لتراث هذا البروفسور».
:قد يهمك ايضــــاً
البرلمان المصري يوافق مبدئيًا على إنشاء نقابة للمكتبيين
مسؤولة البرامج الثقافية في اليونسكو تشيد بأعمال "متحف الحضارة"