مسرحية "مكاشفات" العراقي

قدّم فريق مسرحية "مكاشفات" العراقي، وبدعوة خاصة من المجلس الوطنيّ للثقافة الجزائريّ، عرضًا خاصًا للمسرحيّة، في المسرح الوطني، وهو أهمّ وأبرز مسارح العاصمة الجزائريّة بعد انتهاء مشاركتها، في مهرجان بجاية الدولي الثامن للمسرح، حيث تمّ اختيارها من بين سبعة وعشرين عرضًا عربيًا وأجنبيًا مشاركًا في المهرجان، لتقدّم عرضها الخاص.

ويأتي هذا العرض الخاص والاستثنائي لـ"مكاشفات" في الجزائر العاصمة، بدعم وإسناد وزير الثقافة فرياد رواندزي، وجهود حثيثة من السفير العراقي عبد الرحمن حامد الحسيني، الذي واكب حركة الوفد العراقيّ، وسعى بشكل جادّ ومثمر من أجل تحقيق هذا النصر الإبداعّي الجديد.

وهذا هو العرض العربي الثالث لـ"مكاشفات" بعد مشاركتها وعروضها الناجحة، في كل من مهرجان المسرح الأردنيّ ومهرجان المسرح العربي في الكويت، ومهرجان بجاية الدولي الثامن للمسرح في الجزائر، فضلا عن عرضها في المسرح الوطنيّ في بغداد.

وكان المسرح البلديّ في بجاية الجزائريّة، شهد عرضًا ناجحًا ومميّزًا للعرض المسرحيّ العراقي الكبير "مكاشفات"، للفرقة الوطنيّة للتمثيل في دائرة السينما والمسرح، في وزارة الثقافة والسياحة والآثار، والذي كان ليلة للإبداع المسرحيّ العراقيّ، حيث كان مسك ختام مهرجان بجاية الدولي الثامن للمسرح، الذي أقيم مساء الجمعة، الرابع من تشرين الثاني الجاري، وكان حصيلة جهد متواصل لفريق "مكاشفات" الذي بذل مجهودًا كبيرًا، من أجل تقديم عرض مكتمل شكلا ومضمونا، وبما يعكس مكانة ورسالة المسرح العراقيّ.

وقد تبارى فريق العرض بقيادة المخرج المثير للجدل المبدع غانم حميد، في تقديم عرض رائع وجميل وممتع، يرتقي بالخطاب المسرحيّ العراقي ويجسّد الأبعاد والقيم الجماليّة والفكريّة والإبداعيّة لهذا العرض، الذي حظي بإعجاب وتقدير وثناء المعنيين بالمسرح، فنانين ونقادًا، والفرق المشاركة، فضلا عن الجمهور الجزائريّ الذي تابع العرض بشغف كبير، ومتابعة دقيقة لحيثياته، لاسيما أن المخرج عمل على إدخال بعض المفردات والحوارات باللهجة الجزائريّة، مما خلق تناغمًا وتواصلا غير مسبوق، قياسًا للعروض العربيّة الأخرى، حيث وقف الجمهور لمدة طويلة، وهو يصفق لفريق العرض، الذي تقاطر عليه ممثلو وسائل الإعلام المرئيّة والمسموعة والمقرئة، لإجراء الحوارات واللقاءات التي أضاءت جوانب مختلفة منه.

هذا وقدمت العرض الفنانة القديرة الدكتورة شذى سالم، والفنان القدير عزيز خيون، والفنان المثابر فاضل عباس، أفضل ما لديهم من أداء مبهر ومدهش، عكس القدرات والطاقات الإبداعيّة والاحترافيّة العالية لدى كل واحد منهم، بتناغم تام مع الخطة والمعالجة الإخراجيّة، للفنان المبدع غانم حميد، الذي صاغ سيناريو العرض والإخراج وفق رؤية ومعالجة إخراجيّة محسوبة بدقة متناهية، وهو الذي عرف بتجاربه الإبداعيّة المهمة، التي كانت وما زالت من العلامات الفارقة، في تأريخ المسرح العراقيّ، لا سيما أن هذا العرض قدّم في إطار مهرجان انطوى على تجارب مختلفة، من حيث الشكل والمضمون، وشهد منافسة إبداعيّة لمسارح قادمة من دول عربية وأجنبية، بلغ عددها سبعة عشر بلدًا، وعروضًا جاوزت أكثر من سبعة وثلاثين عرضا، وكان عرض "مكاشفات" يكرّس الوجه الأكثر إشراقًا للمسرح العراقيّ العريق عامة، وللفرقة الأمّ الفرقة الوطنية للتمثيل خاصة.

وفي إطار لوجستيات العرض، فإن إدارة المهرجان وفّرت جميع حاجات العرض على صعيد الديكور والاكسوارات والإضاءة والصوت، أسهمت جميعها في تذليل الكثير من الصعوبات والمعوقات وسهلت على المخرج وفريق عمله الذي عمل بروح الفريق الواحد المنسجم والمتناغم الذي ضمّ الفنانين المبدعين: مساعد المخرج ومدير المسرح إحسان هاني ومدير الإنتاج زياد الهلالي والموسيقى والصوت أمير فاضل والكرافيك والداتشو هشام كاظم والإضاءة سنان محسن العزاوي والأزياء والإكسسوار سنان كامل، ومن خلال حيويتهم واحترافيتهم العالية في تجاوز أية مفاجآت أو نواقص وتذليل أية معوقات أو صعوبات، تحصل هنا أو هناك الأمور لا سيما أن المسرح قد تمّ استلامه قبل ليلة العرض التي تواصلت فيها التحضيرات والتدريبات إلى صباح اليوم التالي، وحتى آخر لحظة قبل بداية العرض، ولذلك كلّه كانت مسرحية مكاشفات فعلا مسك ختام المهرجان، الذي شهد توزيع دروع المهرجان على الفرق المشاركة، وسط حضور مميز لمسؤولي ولاية بجاية، وقد قام محافظ المهرجان الفنان عمر فطموش، بتقديم درع المهرجان لرئيس الوفد المسرحيّ العراقيّ الفنان غانم حميد ولمخرج مسرحية "توبيخ"، رئيس فرقة المسرح المستحيل المخرج أنس عبد الصمد.

وجدير بالذكر أن مسرحية "توبيخ" قد حققت أيضا حضورها المتألق في المهرجان، بشكل واضح ومؤثر، وبردود أفعال إيجابيّة، وإضافة لعرضها المهمّ في بجاية، قدّمت عرضًا ناجحًا آخر في مدينة جيجل الجزائرية، شهد اهتمامًا كبيرًا من قبل جمهورها وحقق حضورًا مهمًا للمسرح العراقيّ، في هذه المدينة الساحليّة الجميلة.