دمشق ـ جورج الشامي
بدأ المركز العربي الإقليمي للتّراث العالمي في البحرين عمله في سورية، وذلك في ظلّ تزايد المخاوف بشأن مستقبل الآثار السّورية والمواقع التّاريخيّة التي تضرّرت جراء الصراع. ويهدف المركز الذي يعمل تحت مظلّة منظمّة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" ويتخذ من العاصمة البحرينية المنامة مقرا له، لإلقاء الضوء
على المخاطر المحيطة بالآثار والتراث الذي تتمتع به المنطقة المشتعلة والتي تتصدر فيها الحرب عناوين الأخبار. وأطلق المركز الذي أنشأته وزارة الثقافة والفنون في دولة البحرين موقعا باللغة العربية يتحدث عن التاريخ العالمي الذي تحتضنه المنطقة، كما يقوم بتدريب المتخصصين الجدد في مجال تسجيل وقيد الآثار، وأطلق برنامجا تعليميّا طموحا لإقناع الجميع بأن فقدان التراث لا يمكن أبدا تعويضه.
ويجري المركز اتصالات يومية تقريبا مع عاملين في سورية، ويقول المدير الجزائري للمركز منير بشناقي "الأوضاع الأمنيّة الحالية تجعل من المستحيل زيارة العديد من المناطق الأثرية في سورية، لذلك فإنه منذ بداية العام الحالي 2013 استطاع المركز ترتيب اتصال عبر الإنترنت مع خبراء آثريين سوريين في المناطق الست التابعة لمنظمة اليونسكو داخل سورية، وبالتعاون مع وكالات دولية أيضا."
وأوضح بشناقي أن الهدف هو جعل خبراء الآثار السوريّين لا يشعرون بأنهم في عزلة، ويتم التواصل معهم باستمرار من البحرين.
ويتزايد قلق الخبراء بشأن مستقبل المواقع الآثرية في سورية، نظرا لوجودها في مناطق الصراع المسلح، واستخدام أطراف الصراع لها كمواقع عسكرية استراتيجية، وهو ما يعرضها للقصف والدمار.
واستقبل المركز أخيرا مدير المتاحف والآثار في العاصمة السّوريّة دمشق وجرت مناقشات بشأن المواقع الآثرية السّتّة في سورية والتي وضعتها "اليونسكو" على قائمة الآثار العالميّة المعرضة للخطر والمهدّدة بالاختفاء.
ولا تمتلك "اليونسكو" الإطار القانوني الذي يمكّنها من التدخّل لحماية هذه الآثار والحد من المخاطر التي تحيط بها، ولا تستطيع على سبيل المثال فرض منطقة حظر طيران فوقها أو نشر قوات دولية لتأمينها، لكن كان هناك مطالبات بالتحرك القضائي ضدّ من يعتدي على الآثار، ومحاكمة من يتم إدانتهم بارتكاب جرائم ضد المواقع التراثية.
وقال الصحافي والمذيع التليفزيوني اللبناني علي الزين "إن العقوبة يجب أن تتناسب مع الجريمة، ومن يتسبّب في تدمير التراث الثقافي الإنساني يجب أن يعاقب بتهمة الإبادة الجماعية، لكن في الوقت الحاضر لا يحاسب هؤلاء الذين يدمّرون الآثار والتراث".
وأكدت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو إيرينا بوكوفا على أن المنظمة الدولية مصمّمة على استخدام خبرائها وشبكاتها المتعددة لمساعدة الشعب السوري على الحفاظ على تراثها الثقافي الاستثنائي.
وقالت بوكوفا "حماية التراث لا ينفصل عن حماية المواطنين، لأن التراث يعبر عن قيمة الشعب وهويته"، لكن بشناقي حذر من أن تلك التغيرات لحماية التراث ستستغرق وقتا طويلا، وأوضح أن الوصول إلى هذا الإطار القانوني يصبح أقرب كل عام، لكنه لم يطبق بعد حتى الآن، وقال "يجب في تلك المرحلة أن نحصل على دعم السكان المحليين لحماية التراث الثقافي والطبيعي، لأن دورهم مهم في معركتنا لوقف تدميرها".