الأديب الإماراتي محمد صالح القرق

يعتبر الأديب الإماراتي محمد صالح القرق، من ضمن أعلام الإمارات المميزين، الذي ولد في دبي عام 1926، وترعرع فيها، تلقى تعليمه على يد الشيخ عبدالله الأوفى، ثم درس في مدرسة الفلاح، حيث تلقى فيها علوم اللغة العربية والفقه والقرآن الكريم والحساب، وتتلمذ في عام 1948، على يد الشيخ أحمد بن محمد القنبري العالم الذي كان مقيماً في الإمارات، وهو واسع المعرفة والثقافة، وكان شاعراً مجيداً وعالماً في اللغة وآدابها والخط العربي. وحفظ لديه الكثير من الشعر العربي وحبب إليه شعر رباعيات "الخيام"، حيث كان يقرأ له في ترجمة الشاعر محمد السباعي للرباعيات.
وخصص والده صالح بن عيسى القرق، جزءاً من "دكانه" في سوق دبي الكبير ليكون مكتبة يبيع من خلالها ما يرد إليه من مجلات وصحف وكتب، حيث كان وكيلاً لبعض دور الصحافة والنشر خلال الفترة من 1945 وحتى 1950 فقد استفاد هو وأخواه عيسى .
و أثرت المكتبة بما تحتويه من كتب ومجلات، في إثراء معارفه وتكوين نواة مكتبته، فأولع بالقراءة والاطلاع، وكان أول كتاب اقتناه «جولة في ربوع الشرق الأدنى بين مصر وأفغانستان» «من شهادات سائح مصري لمؤلفه محمد ثابت»، والذي نشرته مكتبة النهضة المصرية وكان ذلك في 25/ 12/ 1948.
عمل القرق بداية حياته في البنك البريطاني للشرق الأوسط بدبي لمدة خمس سنوات، ثم انتقل للعمل بدار الاعتماد البريطاني عندما كانت مكاتبها في الشارقة، وأقام بالشارقة فترة من الزمن، ثم بعد انتقال المكاتب إلى دبي انتقل للعمل بدبي وكانت مدة عمله بدار الاعتماد ستة عشر عاماً، ثم استقال وتفرغ للأعمال التجارية والأعمال الإبداعية.
وكانت فترة عمله هذه فرصة لتعلم الرقن على الآلة الكاتبة، ويعد من أول من كتبوا عليها وقد كتب المقالات التي كتبها الأديب أحمد بن علي العويس وأرسلها إلى صوت البحرين للنشر، وفي عام 1954 اشترك في النادي الأدبي الأهلي وشارك في نشاطه.
يتمتع القرق بروح مرحة وشخصية أليفة، ويرتاح نفسياً عندما يقابل أهل الثقافة والأدب والفكر. ورصيده في العلاقات الإنسانية كبير على مساحة الوطن العربي، بدأ رحلاته وأسفاره إلى البلاد العربية منذ عام 1956، حيث كانت له أول رحلة يسافر فيها إلى مصر عبر الكويت، بالانضمام إلى مجموعة من السياح الذين نظمت لهم شركة سياحية لبنانية هذه الرحلة التي لا يزال يحتفظ بأوراقها وشروطها وبرنامج رحلتها. ثم توالت أسفاره إلى بلدان العالم.
وتتضح علاقته بالأدباء والمفكرين منذ شبابه فلقد كان بيته قصراً يرتاده رفاق دربه وصباه، وكان مهتماً بالتصوير، يوثق رحلاتهم وزياراتهم. ولهوهم تصويراً فوتوغرافياً وسينمائياً. وحصل أن قام بعرض شيء مما سجله سينمائياً مع المجموعة عندما زاروه في بيته بدبي بعد انتقاله للعمل بها، ولما رأوا التسجيل اتفقوا على سرقة الفيلم وكان لهم ما أرادوا،..
وعند عودتهم إلى الشارقة عن طريق رأس الخور، حيث لم تكن هناك آنذاك جسور ولا أنفاق، ولما وصلوا هناك قاموا بتقطيع الفيلم ورميه بين الأحجار والرمال والأشجار البرية، ولما علم بذلك سار إلى المكان الذي وصفوه له، وقام بتجميع القطع المتطايرة عله يجد من يستطيع أن يصلح هذه القطع ويوصلها له، وبعد أن حصل على من يقوم بذلك في سويسرا بعد سنين اتضح له أن الأسرة وصلت حد اليأس من إصلاحه فقامت برمي ما حاول الاحتفاظ به عقوداً من الزمن.
وعندما بدأ القرق الرحلات والسفر كان حريصا على زيارة أهم المعالم في البلدان التي يزورها. ففي مصر زار منزل سعد زغلول عام 1958 وأخذ صورة تذكارية بين مقتنياته كما زار منزل العقاد.
وحيث إن صديق شبابه المرحوم الشاعر صقر بن سلطان القاسمي كان في منفاه بمصر فقد زاره كثيراً والتقى الأدباء والشعراء بمنزله كالشاعر هارون هاشم رشيد والناقد بدوي طبانه، والعرضي الوكيل، والدكتور أحمد الشرباصي وغيرهم، وفي إحدى زياراته التقط صوراً تذكارية مع الفنانين، فله صورة مع كل من يحيى شاهين وعماد حمدي، وأينما حل والتقى شخصية من الشخصيات العامة، التقط معها صوراً تذكارية، مثل الصورة التي التقطها في فرنسا مع الزعيم الجزائري أحمد بن بيلا.
وقد تمكن منه حب المشاهير من الأدباء والمفكرين والفنانين المبدعين، لذا فإنه يرتبط بعلاقات مع كل من أنور الجندي والدكتور حسين نصار والدكتور مصطفى محمود والدكتور يوسف بكار والرسام حسين بكار، وراسل منذ شبابه الإذاعة البريطانية «بي بي سي» وسجل اشتراكاً في مجلتها عام 1950، كما سجل اشتراكاً في عدد من المجلات الصادرة في البلدان العربية. مثل مجلة الرياضة البدنية في مارس 1947 ومجلة الدنيا الجديدة أغسطس 1947 وغيرها.
ويحتفظ القرق بعدد من المجلات القديمة مثل «المصور» و«آخر ساعة»، وغيرها والتي قام بتجليدها، والأعداد الأولى من مجلات أخرى وعدد من الطبعات الأولى لبعض الكتب.