وزارة السياحة والآثار الفلسطينية

افتتحت وزارة السياحة والآثار، الخميس، مشروع وصيانة متحف قصر الباشا الواقع في حي الدرج في البلدة القديمة في مدينة غزة, بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي"UNDP"، ضمن مشروع "خلق فرص عمل – المرحلة الثانية" في كل من قطاع غزة والضفة الغربية.

وبدوره أكد الوكيل المساعد للوزارة الدكتور محمد خلة، أنَّ مشروع ترميم القصر يعد أحد أهم المشاريع في القطاع الأثري كونه يساهم في الحفاظ على المباني الأثرية ويعمل على إعادة إحيائها وضمان بقائها كشاهد عيان على الحضارة التاريخية التي نشأت على أرض فلسطين.

وبين خلة أنَّ هذا المشروع يهدف إلى صيانة المبنى وإعادة إحيائه على طرازه القديم وإصلاحه من الأضرار التي لحقت به نتيجة لعوامل الرطوبة والتعرية, بالإضافة إلى إعادة تهيئته لاستقبال الوفود والزائرين, مشيرًا إلى الدور الذي سيحققه هذا المشروع من تعميق الشعور بالمسؤولية المجتمعية تجاه القطاع الأثري لدى أبناء المجتمع الفلسطيني.

وأشار إلى أنَّ الوزارة تسعى جاهدة إلى توظيف كل إمكاناتها من أجل الحفاظ على المباني الأثرية وإعادة ترميمها وذلك ضمن برنامج سجل الحفاظ الوطني القائمة عليه, مؤكدا أنها تحاول فتح باب للتعاون والتواصل مع كل الجهات والمؤسسات ذات العلاقة لإشراكها في مشاريع القطاع الأثري.

ومن جانبه أوضح مدير دائرة الآثار في الوزارة المهندس أحمد البرش، أنَّ هذه المرحلة من المشروع ستتضمن معالجة جدران القصر الداخلية والخارجية, ومن ثم قصارتها ودهانها بصورة تحفظ لها طابعها الأثري القديم, مبينًا أنَّ الفترة الزمنية المقررة للمشروع هي شهرين.

وأضاف البرش إنَّ الحاجة إلى المشروع جاءت من ضرورة إجراء صيانة دورية للمباني الأثرية ومعالجة الآثار والأضرار التي تطرأ عليها نتيجة لعوامل طبيعية وبشرية مختلفة, مؤكدًا حاجة مبنى قصر الباشا للترميم والإصلاح نتيجة للأضرار التي لحقت به أخيرًا جراء الحرب الصهيونية الأخيرة، فضلًا عن تعرضه لعوامل طبيعية عدة أنهكت جدرانه من شقوق ورطوبة وتهشم أخشاب الأبواب والنوافذ وسقوط القصارة التقليدية للمبنى الأمر الذي هدد بقاء المبنى بأكمله.

يُذكر أنَّ المرحلة الأولى من ترميم متحف قصر الباشا كانت في عام 2012 وشملت إنشاء سور وبوابة خارجية للقصر وإجراء تصليحات وتعديلات خفيفة على المبنى داخليًا.

وتعود أبنية هذا القصر إلى العصر المملوكي في مدينة غزة جنوب الساحل الفلسطيني على البحر الأبيض المتوسط، وكان مقراً لنائب المدينة في العصرين المملوكي والعثماني. وهو الآن يستخدم كمتحف.

ويُعد قصر الباشا النموذج الوحيد المتبقي للقصور في غزة، ويمثل في تصميمه ومحتواه المعماري فلسفة وطابع العمارة الإسلامية، وهو يقع في حي الدرج بالجهة الشرقية من البلدة القديمة فيها، وهذا الحي يعد من أغنى أحيائها بالمباني التاريخية التي تبرز عراقة تاريخ غزة على مر العصور.

ولا توجد لوحة تأسيسية تؤرخ لبناء هذا المبنى، ويقال "إنَّ بناءه يعود للعمارة الإسلامية المملوكية ودلَّ على ذلك وجود رنك "شعار" الأسد، على المدخل الرئيس للقصر؛ وهو عبارة عن أسدين متقابلين اُتخذ للدلالة على انتصار المسلمين على الخطرين المغولي والصليبي.

وقد سُمي قصر الباشا بالكثير من التسميات التي عُرف بها خلال مراحل تاريخية مختلفة مرت بها مدينة غزة، فقد أطلق عليه خلال العصر المملوكي (658- 922هـ/1260-1517م) لقب "مقر نيابة غزة"؛ وهو اللقب الذي كان يطلق على حكام الولايات خلال ذلك العصر.

أما في العصر العثماني (922- 1341هـ/1517-1923م) فقد أطلق عليه "قصر الباشا"، و"دار السعادة"، و"قصر آل رضوان"؛ نسبة إلى أسرة آل رضوان الغزية التي حكمت غزة خلال العصر العثماني  بين عامي (963-1101هـ/1556-1690م).

وقد تعرض قصر الباشا للاحتلال من قبل الحملة الفرنسية لبضعة أيام أثناء اندحارها مهزومة من مدينة عكا عام (1213هـ-1799م)، لذلك أطلق عليه العامة تسمية خاطئة باسم "قلعة نابليون".

ثم استمر القصر يؤدي وظيفته كمقر لوالي غزة خلال العصر العثماني، حتى مجيء الاحتلال البريطاني على فلسطين عام (1336هـ/1918م)، حيث تحول القصر إلى مركز لشرطة الاحتلال البريطاني وسُمى "بالديبويا".

وأثناء حكم الإدارة المصرية لغزة بين عامي (1367-1386هـ/1948-1967م) اُستخدم كمبنى لإدارة  مدرسة الأميرة فريال، وهي أخت الملك فاروق، وبعد انتهاء (ثورة 23 تموز/ يوليو 1952م)، تغيَّر اسم المدرسة إلى مدرسة الزهراء الثانوية للبنات، تيمنًا باسم فاطمة الزهراء ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وبعد ذلك آل إلى وزارة السياحة والآثار؛ التي عملت على ترميمه وتوظيفه كمتحف أثري يعرض آثار غزة منذ أقدم العصور عام2010م.

 ويتكون القصر من مبنيين منفصلين، شكلا فيما بينهما حديقة، ويقع المدخل الرئيس للقصر في الواجهة الجنوبية للمبنى الشمالي، وهي من أجمل الواجهات بناء وزخرفة، حيث زُينت بزخارف هندسية جميلة نُقشت بالحجر.

وزُينت المداخل والواجهات بالعديد من العناصر المعمارية والزخرفية المميزة ، كالعقود والأطباق النجمية، التي تدل على رقي وازدهار فن العمارة الإسلامي.