الرئيس المصري الموقت المستشار عدلي منصور
القاهرة ـ علي رجب
أصدر منتدى "رفاعة الطهطاوي" المصري قراءة تحليلية لأول حديث متلفز للرئيس المصري الموقت المستشار عدلي منصور، والذي بثه التلفزيون المصري، مساء الثلاثاء. وتأتي هذه القراءة في إطار سلسلة الإصدارات التي تخرج عن المنتدى، وهو بيت تفكير مصري مستقل، تابع لمؤسسة "عالم واحد للتنمية"
، حرصًا من المنتدى على متابعة ومناقشة الأحداث السياسية الآنية والمتواصلة، والقراءة لوحدة تحليل الخطاب السياسي، التي هي جزء من عمل منتدى "رفاعة الطهطاوي"، التي تسعى لتقديم قراءة سريعة لما يتم تقديمه من خطب وكلمات سياسية.
وجاء في القراءة "في أول حوار تليفزيوني للرئيس الموقت المستشار عدلي منصور، لم يتخل الرئيس عن أبرز صفاته الشخصية، التي تجلت في خطاباته الثلاثة السابقة، فهو قليل التصريحات، وتتسم عباراته بالإيجاز الشديد، والتحديد، وربما كانت مقتضبة في بعض الأحيان".
وعن دولة المؤسسات، تقول القراءة "ربما كان مقصودًا أن يعبر المستشار عدلي منصور عن سبب ترحيبه بالدعوة التي قدمت له من التليفزيون المصري، حيث أكد أنه يرحب بالحديث للتليفزيون المصري، لاعتباره التليفزيون الرسمي للدولة، في إشارة لاحترام دولة المؤسسات، الأمر الذي تجلى في عدد من الإجابات والعبارات، التي عبر عنها خلال حديثه، حيث أعطى لكل مسؤول في الدولة مسؤوليته، وتجنب الحديث بصيغة رئيس الدولة الفرد"، وفي الحديث عن الأزمة السورية، قال منصور "لقد سبق لوزير الخارجية المصري أن أعلن موقف مصر الرسمي في الأزمة السورية"، ما يعني أن موقف مصر قد تم إعلانه مسبقًا بواسطة وزير الخارجية، ما يؤكد احترام رئيس الجمهورية لوزارة الخارجية، لاعتبارها كيان مؤسسي يعبر عن موقف مصر تجاه القضايا المختص بها.
كما أكد في مناسبة أخرى على أنه أعطى رئيس الوزراء كامل الصلاحيات لتشكيل الحكومة، واختيار الوزراء، وفقًا لمعايير الكفاءة والخبرة، مجددًا إيمانه الشديد بدولة المؤسسات، ومشيرًا إلى أنه يريد أن يترك المجال للحكومة لعرض برنامجها، والوسائل التي تحقق طموحات الشعب المصري، الأمر الذي يعبر أيضًا عن احترامه لمجلس الوزراء، لاعتباره يمثل ثقل داخلي ذو قرارات مستقلة على نحو وإطار مؤسسي.
وفي شأن الاستحقاق الدستوري، وتشكيل لجنة "الخمسين"، تضيف القراءة ربما لم تلب إجابات وعبارات الرئيس الموقت المستشار عدلي منصور، ما تطمح إليه فئتا الشباب والمرأة فيما يتصل بتمثيلها داخل مؤسسات الدولة، سواءًا في المجالس القومية، أو في لجنة الخمسين، المكلفة بتعديل الدستور، حيث قال لافتًا أن من بين لجنة الخمسين عشرة أسماء من الشباب والنساء على الأقل، ذلك رغم تأكيده على أن مصر "دولة شابة"، على حد تعبيره، فيقول "إن الشباب لم يأخذ حقه في هذه الدولة، على الرغم من أن مصر يمكن تصنيفها على أنها دولة شابة، بحكم أعمار الشباب فيها بالنسبة لعدد السكان"، وكذلك تأكيده على أن المرأة المصرية لم تأخذ حقها، وأنه يؤمن بدور المرأة في المجتمع، وعاد ليؤكد أن اختيار أي مسؤول أو وزير معياره هو الكفاءة وليس الجنس، ما يعني أن المرأة ربما لا تحصل على فرص مشاركة أكبر، ليس لقلة كفاءة المرأة وإنما لإعطاء هذه المعايير الأولوية عن معيار كونها النوع الاجتماعي". وعن تشكيل اللجنة فقد أكد منصور أن "المعيار الأساسي هو ضمان تمثيل طوائف المجتمع كافة، وأن يختار كل طيف بنفسه من يمثله، ولم نتدخل في عملية الاختيار من قريب أو بعيد"، موضحًا أن الإعلان الدستوري نص على أن تكون الأطياف الاجتماعية ممثلة في هذه اللجنة.
وفي قراءة الوضع الأمني والاقتصادي الراهن، يقول المنتدى "من خلال قراءته للوضع الأمني، يتضح أن منصور يعي جيدًا الأخطاء التي ارتكبها سابقوه، ممن كانوا في سدة الحكم، فيما يتصل بالحالة الأمنية، لاسيما ما يتعلق بجهاز أمن الدولة سابقًا، أو الأمن الوطني، حيث أكد على أنه لم يعد للشرطة أي دور سياسي، مشيرًا إلى أن جهاز الأمن بات دوره يقتصر على حفظ الأمن وحماية المواطنين بالوسائل كافة، التي تتفق مع مبادىء حقوق الإنسان، وأن فرض حالة الطوارىء لم يكن أمرًا سهلاً، وأن الأحداث والهجمة الشرسة أكدت أنه ليس هناك بديلاً آخر، وأن الشرطة تعمل على الحفاظ على ثقة الشعب بها، وربما أراد منصور أن يوجه هذه العبارة لوزير الداخلية أو لأفرادها، بأن عودة الشرطة لسابق عهدها أمر مرهون بثقة الشعب في ممارساتها الأمنية كافة تجاهه".
ويبدو أن المستشار عدلي منصور وفي حديثه بشأن الوضع الاقتصادي الراهن، أراد أن يقدم كشفًا اقتصاديًا مدعومًا بالأرقام لأسباب عدة، منها أن يطالع الشعب المصري على حجم المشكلات والمسؤوليات الاقتصادية لهدفين، الأول وهو إبراز ما قدمته الأنظمة السابقة للاقتصاد المصري، وبيان حجم التضخم والدين الخارجي والداخلي وغيرها، أما الثاني فهو تبرير غير مباشر لأحد أسباب ثورة "30 يونيو"، والخاصة بتراجع مصر اقتصاديا على الصعيدين الداخلي والخارجي، أيضًا أراد منصور من خلال كشف الأرقام الذي قام بإعداده، أن يلزم نفسه أمام الشعب المصري بتقديم الوسائل والأطروحات والحلول كافة، التي من شأنها دعم الاقتصاد المصري في الفترة المقبلة، معلنًا عن رغبته في مصارحة الشعب المصري بمشكلاته الآنية، للخروج من الأزمة الاقتصادية، والتي عبر عن البدء في مواجهتها بعرضه عدد من الإنجازات التي ربما استرجع أرقامها دون مطالعة أوراقه، منها ما يتعلق بالمصانع المتعثرة، حيث كشف عن 570 مصنعًا سجلوا تعثرهم في وزارة الصناعة، معلنًا أنه تم بالفعل معالجة أوضاع 110 مصانع، وجاري بذل الجهود لمعالجة أوضاع المصانع الأخرى.
وفي حديثه بشأن العلاقات الخارجية المصرية، أراد منصور أن يتناول الدور العربي، قبل أن يعرض مواقف الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوربي من ثورة "30 يونيو"، حيث أشار إلى أن الموقف العربي كان له دور محوري في مساندة طموحات هذا الشعب، لافتًا إلى وجود شبه إجماع عربي على مساندة طموحات وتطلعات الشعب المصري، وخص بالذكر المملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة والأردن والبحرين، مؤكدًا على أن مصر تسعى لأن يستمر الخليج العربي لكونه عربي الهوية والتوجه والقرار.
وفي شأن موقف الولايات المتحدة الأميركية من ثورة "30 يونيو"، قدم منصور انتقادًا غير مباشر لإدارة الرئيس أوباما، حيث أكد أن الموقف الأميركي لا يزال في حاجة إلى بعض الإضاحة، الأمر الذي يعني تخبط القرار والرأي الأميركي بشأن "30يونيو"، كذلك سعى منصور للتأكيد على أن سماح مصر للوفود الغربية، وعلى رأسها وفود الاتحاد الأوربي، إنما جائت لتقوم بنوع من الوساطة، في إطار حل الأزمة السياسية الأخيرة، وأن يكون الاتحاد الأوربي جزء من الحل، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك، الأمر الذي يعني أن اليد الطولى والقرار الأخير هو للشعب المصري، وعلى الأطراف الأخرى أن تقدم تنازلات، ويؤكد ذلك تصريح منصور بأن الموقف المصري ثابت، ولن يسمح بالتدخلات الخارجية، وعن الطلب الأوروبي للإفراج عن الرئيس المعزول، وأعضاء جماعة "الإخوان المسلمين"، قال إن القضاء المصري مستقل، وعلى الجميع أن يحترم أحكام القضاء في الداخل والخارج.
وفي شأن الموقف التركي، طرح المستشار عدلي منصور سؤالاً، ربما كان غامضًا، وربما قصد به كيفية تعامل الحكومة التركية مع الغضب الشعبي والحركات الاحتجاجية الأخيرة، فيسأل "نحن نتتظر ماذا ستفعل الإدارة التركية في القريب العاجل"، ذلك بعد تأكيده على أن المواقف التركية الرسمية تعكس قصور في النظر، وتغلب اعتبارات شخصية وحزبية على الاعتبارات الوطنية، وأن غالبية الشعب التركي تشاطر المصريين دهشتهم من الموقف الرسمي التركي.أما بشأن العلاقات المصرية مع الشرق الأقصى، فقد اعتمد منصور في حديثه على عبارة "الشعب الروسي"، وأسهب في حديثه عن الدور التاريخي للشعب الروسي والاتحاد السوفييتي تجاه القضايا السياسية والاجتماعية المصرية، منها دوره خلال ستينيات القرن الماضي، وتحويل كثير من القطاعات المصرية من زراعية إلى صناعية، وكذلك دوره في معركة بناء السد العالي، وأيضًا الدور التاريخي للشعب الروسي في معركة "العزة والكرامة"، حرب أكتوبر 73، على حد تعبيره.
كذلك إشارته على أن الصين طالما تثبت توطيد علاقتها مع مصر لتحقيق طموحات شعبها.
وعن القضية الفلسطينية، فقد نحّى منصور "أزمة حماس" مع الشعب المصري جانبًا، أو لعله تخطاها، ليؤكد أن العلاقات المصرية الفلسطينية تعد من الثوابت التاريخية، وأن مصر قدمت الكثير للقضية الفلسطينية، وستظل تقدم لتحقيق طموحات الشعب الفلسطيني، ولاعتباره رجل قانون فقد قرن منصور التزام مصر بإتفاق السلام مع الكيان الإسرائيلي لالتزامها بالالتزامات والتعاقدات الدولية كافة.