سكان "السامري"

لا يخطر ببال المتجول في أسواق مدينة نابلس وأزقتها التاريخية أنَّ هذه المدينة المشهورة بمحافظتها على العادات والتقاليد تحتضن داخلها طائفةسامرية تعود أصولها إلى الديانة اليهودية، تتعايش معها بكل محبة وسلامزوبعد أنَّ تقطع طريق طويل ومتعرج إلى قمة جبل جرزيم، تنتهي بيوت أهالي مدينة نابلس لتستقبلك أشجار سرو مترامية على مداخل الحي السامري.

والحي بمساحته حي من أحياء مدينة نابلس، لكنه شعب بحد ذاته رغم عدده الذي لا يتجاوز 750 نسمة، يسكنون جبل جرزيم "الجبل الجنوبي في مدينة نابلس" ومثلهم من السامرين يسكنون منطقة حولون قرب مدينة تل أبيب في الداخل المحتل.

وذكر مدير مركز الدراسات السامري، خضر الكاهن: "نحن نؤيد سياسة السلطة الفلسطينية ومطالبها بإقامة دولة على حدود العام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وأنني كسامري أسكن مدينة نابلس أعتبر نفسي مواطنًا فلسطينيًّا، والسامري الذي يسكن في حولون يعتبر نفسه مواطن إسرائيلي".

ويضيف خضر، والذي يعمل في فك السحر والتنجيم: "خلافنا الرئيسي مع اليهود الإسرائيلين هو مدينة القدس التي لم تذكر في التوراة، فهيكل يوشع بن نون تلميذ سيدنا موسى عليه السلام كان على جبل جرزيم، ولا يعلم أحد بمكانه الآن وقد يكون مدفون في الجبل ذاته".

ومن الملفت للنظر أنَّ أبناء الطائفة السامرية يعتقلون في سجون الإسرائيلية كباقي أبناء المدينة بسبب مقاومتهم للاحتلال؛ ومن أبرزهم الشاب نادر السامري المحكوم بالسجن المؤبد لثلاث مرات، والأسير المحرر منذ عدة سنوات كريم السامري، وخضر الكاهن، عضو حركة فتح، ويشارك في انتخابات الإقليم للحركة في مدينة نابلس.

ويقف الكاهن حسني واصف السامري أمام المجموعات السياحية الوافدة لمتحف الطائفة ليحدثهم عن أمور كثيرة من بينها الزواج، فكما في أي دين فإنه لدى السامريون رباط مقدس معقود على الولاء والإخلاص بين الذكر والأنثى، وفي حفل الزفاف الذي يرأسه الكاهن الأكبر بحضور اثنان من الشهود، ويمر مثل الزواج الإسلامي بثلاث مراحل، خطبة وعقد قران ثم زواج، ومهر مؤجل ومعجل، والطلاق التعسفي غير محلل في دينهم في حين أنَّ تعدد الزوجات مسموح بشرط العدل بينهم.

إلا أنَّ نسبة الذكور إلى الإناث في الطائفة هو اثنان إلى واحد، أي أنَّ عدد الذكور ضعف عدد الإناث، مما خلق لديهم مشكلة، إذ يمنع الزواج من خارج الدين للذكر والأنثى، فيذكر الكاهن حسني مازحًا: "هذا الأمر زاد من احترام المرأة لدينا، فإنَّ ذهبت زوجة أحدهم فمن الصعب أن يجد غيرها".

وكحل لمشكلة الزواج في المجتمع السامري، أصدر الكاهن عبدالمعين فتوى يبيح فيها الزواج من خارج الدين، لأن الزواج هو نصف الدين، على شرط أنَّ يدخلن في الدين السامري بعد ذلك، فبعض الشباب يصل أعمارهم إلى 37 عامًا وأكثر وهم غير قادرين على إيجاد فتيات ليتزوجوهن.

ويؤكد الكاهن على أنَّ الزواج يتم بالمبادلة، فلا توافق عائلة الفتاه على زواج ابنتها حتى يجد المتقدم عروسًا لأخيها، وهذا اضطر بعض العائلات إلى 
تأخير زواج بناتهن حتى يجدوا عرائس لأولاهم.

والمرأة الحائض أو النفاس ممنوعة من الاختلاط الطبيعي في العائلة السامرية، وممنوعة من القيام بأعمال منزلها، أو إعداد الطعام لأبنائها.

وتنتشر بعض مكاتب السحر التابعة للسامريين في مدينة نابلس كباقي المكاتب الخاصة، إذ أكد خضر أنه يعمل بالسحر واستطلاع المستقبل إلى جانب مهنته كمحاسب، معللاً أنَّ ما يصنعه السامريون من "حجابات" هي للتقارب والمحبة والرزق ليس إلا، وكل عملهم هذا مستقى من التوراة السامرية وما ذكر فيها عن عصا سيدنا موسى علية السلام وما كتب عليها من حسابات فلكية توارثت من جيل لآخر.

وأركان الدين السامري هي أنَّ الله واحد لا شريك له، والنبي الواحد هو موسى ابن عمران عليه السلام، وكتابهم هو التوراة- العهد القديم ذو الخمسة أسفار، وقبلتهم هي جبل جرزيم، وخامس أركان دينهم هو الإيمان بيوم الدين يوم الحساب والعقاب.

وكما تذكر الكتب السامرية ومنشوراتهم التعريفية فهم بقايا الشعب الإسرائيلي الذي خرج من مصر في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، بقيادة النبي موسى عليه السلام.

وبقي الشعب الإسرائيلي موحدًا ما يقارب 260 عامًا بعد دخولهم الأراضي المقدسة، ثم إنقسم إلى مملكتين، وهما: مملكة الشمال وعاصمتها نابلس، 
للسامرين، ومملكة الجنوب وعاصمتها القدس لليهود.

ومن العادات السامرية المهمة قدسية يوم السبت والتعطيل التام عن جميع الأعمال، والصوم لكل السامريين كبارًا وصغارًا تحت كل الظروف، وختان المولود الذكر في اليوم الثامن للميلاد.