الاستثمارات بين موريتانيا والعرب

يمر التكامل بين الدول العربية في المجالات السياسية، وبناء كيان عربي موحد وقوي ويمتلك مقومات الصمود في وجه التحولات، حتمًا من بوابة التعاون الاقتصادي والتنموي، وهو تكامل يلبي حاجة بلد عربي مثل موريتانيا، ويحتاج تدفق رؤوس أموال واستثمارات مصدرها حكومات ورجال أعمال ومستثمرين من بلدان شقيقة، لتمويل مشاريعه التنموية، خصوصًا في ظل برامج ومشاريع استثمارية واعدة تركز على تنمية قطاعات اقتصادية حيوية في طور النمو والانتعاش مثل البنى التحتية والمرافق الخدمية، والمشاريع الاستثمارات في الموارد الطبيعية التي يعتمد عليها الاقتصاد الموريتاني مثل الزراعة والصيد البحري والثروة الحيوانية.

ونظرًا لمزايا تدفق الاستثمارات العربية على موريتانيا التي تفوق في إيجابياتها تلك الأموال والاستثمارات التي مصدرها جهات أجنبية سواء كانت مؤسسات تمويل دولية "البنك وصندوق النقد الدوليين"، أو حكومات أجنبية قد تكون استثماراتها تتطلب الاستجابة لشروط مجحفة، وحتى مضرة بالاقتصاد والمسار التنموي للبلد، فإن موريتانيا كانت سباقة للمصادقة على مشروع قانون يلبي شروط تدفق رؤوس الأموال العربية إلى البلد، أو ما يعرف بالاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية، والتي صادق عليها البرلمان الموريتاني في دورته الصيفية الأخيرة، مما يعني إشارة الضوء الأخضر لمزيد من تدفق رؤوس أموال عربية إلى موريتانيا للمساهمة في جهود التنمية ولوضع لبنة في صرح التكامل بين الأشقاء العرب.

وتزداد أهمية هذه الاتفاقية في ظل وجود مشاريع استثمارية عربية في موريتانيا بدأت العمل فعلًا خلال الأعوام الأخيرة أهمها مشروع "الراجحي الزراعي"، الذي يستهدف استصلاح أراضي زراعية خصبة في الجنوب الموريتاني تحقيقًا لهدف الاكتفاء الذاتي في مجال الحبوب وخاصة من مادة الأرز، وهي مشاريع تستمد أهميتها من خصائص مناطق الجنوب الموريتاني الواقعة على ضفة نهر السنغال، والتي تعرف بخصوبتها وصلاحيتها للزراعة، حيث مكن المشروع البلد من تحقيق حوالي 80% من حاجياته في مجال الغذاء خلال العام الماضي.

وينتظر أن تؤسس الاتفاقية لتدفق أكثر لهذه الاستثمارات، خصوصًا من الأشقاء الخليجيين من رجال أعمال ومستثمرين الذين كان لهم الفضل خلال الأعوام الأخيرة في إنعاش الاقتصاد الموريتاني من خلال الدعم المالي للعديد من برامج ومشاريع التنمية.
وتنص اتفاقية تدفق رؤوس الأموال العربية التي صادق عليها البرلمان الموريتاني في دورته الصيفية المختتمة في آب / أغسطس2015 على السماح لرؤوس الأموال بالتنقل بحرية بين الدول الأطراف في هذا الاتفاقية بما يعود بالنفع على الدولة المضيفة من جهة وعلى المستثمر العربي من جهة أخرى، كما تسهل الدولة المضيفة "وفق هذه الاتفاقية" للمستثمر العربي ما تحتاجه استثماراته من أيدٍ عاملة عربية، ومن خبرات عربية وأجنبية وفقًا لقوانينها السارية في هذا الشأن، على أن تكون الأولوية في توظيف العمال والخبرات لمواطني الدولة المضيفة في حال توفر المؤهلات المطلوبة.