العملة الإلكترونية "بيتكوين"

كشف الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية طلعت حافظ، توسع انتشار عملة "البيتكوين" الإلكترونية، محذرًا من التعامل بها وغيرها من العملات غير النظامية سواء محليًا أو خارجيًا.

وأوضح حافظ في تصريح صحافي، أن عملة "البيتكوين" هي عملة افتراضية ليس لها وجود فيزيائي أو وجود ملموس يمكن رصد حركته في النظام النقدي أو المصرفي، باعتبارها عملة افتراضية يُجرى تداولها بين الأفراد أو الشركات والمؤسسات عبر الشبكة العنكبوتية "الإنترنت" التي تعتمد تعاملاتها على ما يعرف مصطلحًا بمبدأ الند بالند، وهذه العملة هي نتاج ورقة بحث علمي قُدمت من قبل أحد الباحثين في عام 2008 وبدأ رواج استخدامها في بعض دول العالم وبشكل محدود بين الأفراد وقطاع الأعمال في عام 2009".

وكانت مصادر مطلعة كشفت وجود شركات عالمية متخصصة في مجال صرف العملة الإلكترونية "بيتكوين"، تحاول حاليًا اختراق القطاع المالي في السعودية من بوابة التعاملات الرقمية، وتعتزم العمل بجدية لدخول البلاد خلال العام المقبل 2015. خاصة بعد أن أوجدت لها مكاتب تمثيلية في إحدى الدول الخليجية أخيرًا، في حين أبدت جهات مصرفية سعودية تخوفها من هذه العملة الحديثة عالميًا، على اعتبار أنها تبعث على القلق ولا تتمتع بالموثوقية الكافية.

وحول وضع هذه العملة الإلكترونية في السعودية، أكد حافظ أن النظام المالي والنقدي بما في ذلك المصرفي لدينا، يتعامل داخل وخارج بلدنا فقط بالعملات الرسمية المعترف بها نظاميًا وقانونيًا ولا يتعامل بالعملات الافتراضية بتاتًا، مثل عملة "البيتكوين" وغيرها من العملات الافتراضية البديلة.

وبيّن حافظ، كما هو معروف في المصارف السعودية وغيرها من الجهات المالية والتجارية تتعامل داخل المملكة بالعملة الرسمية وهي الريال السعودي، وفيما يتعلق باستبدال العملات العالمية الأخرى "بيعًا وشراءًا" على مستوى محلات الصرافة المرخص لها فهي أيضًا تتعامل فقط في البيع والشراء والصرف بالعملات العالمية النظامية والقانونية المعروفة على مستوى العالم، مثل الدولار والجنيه الإسترليني واليورو وغير ذلك من العملات الرئيسية المعروفة على مستوى العالم، ولا تتعامل بالتالي مع أي من العملات الافتراضية.

وكانت مؤسسة النقد العربي السعودي قد حذرت منذ نحو ثلاث أشهر من العملة الإلكترونية الجديدة المعروفة باسم "بيتكوين"، التي غزت الأسواق العالمية والرقمية في الآونة الأخيرة، إلا أن هذه التحذيرات لم تحد من جهود بعض الشركات العالمية التي تروّج لهذه العملة الافتراضية وتحاول اختراق التعاملات المالية في السعودية.

ويرد المسؤول عن تطوير الأعمال والاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لشركة "آي غوت" المتخصصة في مجال صرف عملة "بيتكوين" فيجنيش رجا، على تحذيرات مؤسسة النقد العربي السعودي، قائلًا: المؤسسة حذرت، ومن المألوف أن تصدر الحكومات تنبيهات مماثلة لأنها تسعى لحماية المواطنين من خطر التعرض للاحتيال في المعاملات النقدية، وهذا ببساطة من مهام الحكومات، لكننا على ثقة بأنهم سيعيدون النظر إلى فوائد عملة "بيتكوين" في الأشهر المقبلة وسيغيرون موقفهم بخصوصها".

وأضاف رجا، "نتطلع إلى القيام بذلك قريبًا، خلال عام 2015، موضحًا الناس يظنون أن العملة المشفرة خطرة لأنها غير مدعومة من قبل الحكومات، لكننا على يقين بأن كل هذا سيتغير في السنوات المقبلة ونولي اهتمامًا كبيرًا للتوعية حول خصائص هذه العملة، كما ندعو الجميع لحضور الندوات والورش التي تقام حول هذا الموضوع والبحث على الإنترنت مثلًا لفهم آلية العمل بهذه العملة.

وأفاد رجا بأن عدد من يتعاملون حاليًا بهذه العملة يقدر بعشرات الآلاف في منطقة الشرق الأوسط، مضيفًا: نلاحظ ارتفاعًا في نسبة الأشخاص ونثق بأن الشركات سوف تلتحق بالركب قريبًا، وسنة 2015 ستكون سنة مهمة بالنسبة إلى "بيتكوين".

وتابع رجا: "مع إدراك المزيد من الناس لمزايا العملة الإلكترونية من حيث السرعة والتكلفة والسهولة في استخدامها، ستصبح متداولة بصفة يومية، "بيتكوين" ستغير طريقة عمل الخدمات البنكية وسوق التحويلات النقدية".

ووفقًا للمعلومات، فإن شركة "آي غوت" ومقرها في أستراليا، تعمل الآن في 40 بلدًا حول العالم، وفتحت أخيرًا مكتبًا تمثيليًا في دبي، ليكون بمثابة منصة لتبادل عملة "بيتكوين" الوحيدة في الإمارات، في حين تضع أنظارها حاليًا على سوق التعاملات المالية في السعودية الذي تخطط لدخوله خلال العام المقبل 2015.

وجاءت انطلاقة هذه المنصة الإلكترونية لعملة بيتكوين في دبي يوم 31 من شهرآب/ أغسطس الماضي، لتسجل خلالها الحضور الأول خليجيًا، وتفيد الشركة بأنها تجاوزت المليون درهم من حيث حجم المعاملات في دبي وحدها، في حين أن معدل النمو الشهري الإجمالي للعملة يتراوح بين 40 و50 في المائة خلال الـ9 أشهر الماضية، ومعدل النمو وصل إلى 477 في المائة في الربع الثالث من العام مقارنة بالربع الثاني.

في حين يعود حافظ، مشكلة البيتكوين أنها عملة غير رسمية وغير معترف بها من قبل البنوك المركزية على مستوى العالم، مما يفقدها الشرعية والقانونية ونظامية التعاملات بما في ذلك الغطاء، وتبعًا لذلك فسعر صرفها متذبذب للغاية، حيث يقال إنها بدأت بسعر صرف بمبلغ 30 سنتًا أميركيًا لكل وحدة بيتكوين وارتفع سعر الصرف ليصل وفقًا لأحد التقارير إلى 14 ألف دولار أميركي في شهر حزيران/يونيو 2013".

وأردف حافظ، تكمن مشكلة البيتكوين في أنها عملة افتراضية ليس لها وجود ملموس، مجهولة الهوية لعدم الاعتراف بشرعيتها وقانونيتها ونظاميتها، كما أنها تبعث بالقلق لدى الجهات التشريعية على مستوى العالم لعدم القدرة على متابعة حركتها ورصد تداولاتها لا سيما في حال استخدامها في تمويل عمليات غير مشروعة وغير قانونية مثل عمليات تبييض الأموال وخلاف ذلك".

ورغم التحذيرات الاستباقية التي أطلقتها جهات مصرفية في السعودية، فإن ذلك لم يحد من طموحات أصحاب العملة الإلكترونية بيتكوين الذين يروجون لها بكونها تسهل خدمات دفع الفواتير، بالإضافة إلى تقديم خدمات تجارية من أجل تسهيل قبول بيتكوين كوسيلة للدفع في محلات التجزئة، وعبر التطبيقات في الوسائط المحمولة الذكية وعبر الإنترنت، وهو ما يعني أن هناك حربًا ضروسًا تشنها شركات عالمية تجاه السياسات النقدية المعترف بها دوليًا، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.