مجمّعات تجاريّة في العراق

أكّد اقتصاديون عراقيون أنَّ طرح الأسواق المركزية للاستثمار يعدُّ حلاً جذريًا لمشاكل عدة، أهمها تفعيل واقع الأسواق المركزية، وتشغيل أكبر عدد ممكن من الشباب العاطلين عن العمل، فضلاً عن أنَّ استثمار الأسواق سوف يفتح الأبواب على مصراعيها لاحتضان عدد كبير من الشركات العربية والعالمية، وزجّها في سوق العمل العراقي، فيما حذّرت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي، النائب عن ائتلاف "العراقيّة"، نورة سالم من اندثار الأسواق المركزيّة، وتحويلها إلى مجمّعات تجاريّة، موضّحة أنَّ ذلك سيؤثر سلباً على الطبقات الفقيرة، التي لا تستطيع التبضع من المراكز التجاريّة لارتفاع  الأسعار فيها.
وأوضحت النائب نورة سالم، في حديث إلى "العرب اليوم"، أنَّ "الوضع الأمني في العراق أدى إلى عزوف الكثير من الشركات الكبيرة العالمية عن الاستثمار في أسواقه، ما فتح المجال أمام التجار العراقيين"، مشيرة إلى أنَّ "بعض من حملوا صفة مستثمرين في السوق العراقي دخلوا المنافسة بأسماء وهميّة، ومن بينهم مسؤولون في الدولة".
ولفتت سالم إلى أنَّ "المجمعات التجارية تستهدف شرائح المجتمع ذات الدخل العالي، فيما تقدم سلعًا مجهولة المصدر، وبمواصفات رديئة، عكس ما كانت عليه الأسواق المركزية العراقية، التي كانت مخصصة لذوي الدخل المحدود، تقدّم بضائعًا بمواصفات عالية الجودة، وأسعار تتناسب مع دخل الفئة المستهدفة"، مرجّحة عدم تحوّل الأسواق المركزيّة إلى مجمعات تجارية، للأسباب سالفة الذكر.
وبيّنت أنَّ "مقارنة سريعة بين عدد المشاريع المعلنة، وندرة الإقبال عليها، على الرغم من التسهيلات المقدّمة، تكشف عن خلل واضح في تسويق القطاع الاستثماري في البلاد"، مشدّدة على "ضرورة وجود خبراء متخصصين في مجال الاستثمار، بغية إدارة العملية الاقتصادية".
واتّهمت عضو لجنة الاستثمار عن القائمة "العراقية" جهات سياسية بـ"التقاعس عن افتتاح إو إعادة إحياء الأسواق المركزية في بغداد، لأسباب مجهولة"، مفترضة أنَّ "مسؤولين كبار يتعاقدون مع مستثمرين صغار في الخفاء، بغية إنشاء المجمعات التجاريّة، التي تؤدي إلى الربح السريع، دون مراعاة الجودة، والمعايير السوقية".
وحمّلت النائبة، وزارة التجارة مسؤولية تعطيل عمل الأسواق المركزية، وطالبتها بـ"إعادة عمل الأسواق المركزية، بغية المساهمة في النشاط الاقتصادي".
وفي سياق متّصل، أكّد مدير عام الأسواق المركزية إقامة دعوة قضائية ضد مستثمر "مول المنصور"، الذي هرب إلى خارج العراق، عقب اختلاس أموال المجمع التجاري، فضلاً عن اتّهامه بقضايا "إرهابية"، وتوقف المشروع بكامله.
وبيّن مدير عام الأسواق المركزية حسن محمد قاسم، في تصريح إلى "العرب اليوم"، أنَّ "الأسواق المركزية مازالت تقوم بنشاطها التجاري، وتتعامل مع شركات القطاع العام، لبيع منتجاتها، بموجب عقود رسمية، وإحالة أسواق (الشعب والصالحية)، إضافة إلى (سوق الثلاثاء)، إلى الاستثمار، كمجمعات تجاريّة".
وأشار قاسم إلى أنَّ "وزارة التجارة تسعى إلى استثمار خمسة مجمّعات مركزية في بغداد، على غرار (مول المنصور)، الذي شغّل نحو 6 آلاف عامل"، متوقعًا ارتفاع القدرة الشرائية للعراقيين، إلى نحو 12 ألف دولار، موضحًا أنَّ "الأسواق المركزية تتمتع بمواقع متميزة، ومساحات جيدة، ما يجعل الترويج لاستثمارها ليس بالأمر الصعب".
ويعود تاريخ إنشاء الأسواق المركزية، التابعة لوزارة التجارة، إلى مطلع سبعينات القرن الماضي، حيث كانت توفر البضائع للمواطنين بأسعار مدعومة، وانحسر نشاطها في العام 1990، نتيجة فرض العقوبات الاقتصادية على العراق، بعد غزوه للكويت.
وينص قانون الاستثمار رقم 13 لعام 2006، وتعديلاته في عام 2009، على توفير إعفاءات جمركية وضريبيّة للمستثمر، فيما يعدُّ طرح الأسواق المركزية للاستثمار، وعودتها، وما تشكله من تحسن على المستوى المعاشي للعائلة العراقية، وعلى المستوى الاقتصادي الكبير للبلاد، وواقع الاستثمار، الحل الصحيح والأمثل.