وزير المال السعودي الدكتور إبراهيم العساف

أكد وزير المال السعودي الدكتور، إبراهيم العساف، أنَّ الوزارة أنهت إعداد ميزانية الدولة للعام المالي المقبل، موضحًا أنَّه تم عرضها على المجلس الاقتصادي الأعلى تمهيدًا لعرضها على مجلس الوزراء في القريب العاجل.

وأشار إلى أنَّه بالرغم من أن الميزانية أُعدت في ظل ظروف اقتصادية ومالية دولية تتسم بالتحدي إلا أن المملكة العربية السعودية ومنذ سنوات طويلة اتبعت سياسة مالية واضحة تسير عكس الدورات الاقتصادية بحيث يستفاد من الفوائض المالية المتحققة من ارتفاع الإيرادات العامة للدولة في بناء احتياطيات مالية وتخفيض الدين العام ما يعطي عمقا وخطوط دفاع يستفاد منهما وقت الحاجة.

وأوضح أنَّه تم تنفيذ هذه السياسة بنجاح كبير عندما تعرض العالم للأزمة المالية في عام 2008م وما تبعها من انخفاض كبير في الإيرادات في عام 2009م وكانت المملكة في حينها من أقل الدول تأثرا بتلك الأزمة.

وأضاف أنَّ هذه السياسة ستستمر في الميزانية المقبلة وما بعدها ما سيُمَكّن الحكومة من الاستمرار في تنفيذ مشاريع تنموية ضخمة والإنفاق على البرامج التنموية خاصةً في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية إضافة لتغطية الاحتياجات الأمنية والعسكرية متوقعا تحقيق نمو اقتصادي إيجابي نتيجة لهذا الإنفاق والدور الحيوي للقطاع الخاص.

وفي ظل هذه التطمينات التي أطلقها وزير المال أكد مختصون اقتصاديون أن المملكة بدأت تجني ثمار سياستها المالية ذات العلاقة ببناء الاحتياطيات وتقليص الدين العام، لافتين إلى أن بناء الاحتياطيات المالية الضخمة ساعد الحكومة على مواصلة الإنفاق التنموي خاصةً في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية.

وأوضح المستشار الاقتصادي فضل البوعينين أنَّ تصريحات وزير المال جاءت متناسقة مع رؤية الخبراء والمختصين بمتانة الاقتصاد السعودي وقدرته على تجاوز الأزمات الطارئة، والتعامل معها بكفاءة، وهي تصريحات مهمة كان الجميع ينتظرها لمعرفة رؤية الحكومة المستقبلية تجاه الموازنة العامة ومشاريع التنمية وحجم الإنفاق الذي يؤثر بشكل رئيسي في الاقتصاد.

وأضاف أنَّ إعداد الموازنة في مثل هذه الظروف لا يخلو من التحديات الكبرى، لاسيما مع عدم استقرار أسعار النفط، وعدم وضوح الرؤية تجاه الطلب العالمي الذي يعتمد بشكل كبير على تعافي الاقتصادات العالمية، وتجاوزها تداعيات الأزمات الماضية.

ونوه أنَّ بناء الاحتياطيات المالية الضخمة ساعد الحكومة على مواصلة الإنفاق التنموي خاصةً في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، وهي القطاعات الأكثر أهمية للمواطن.

واشر إلى أنَّ عدم المساس بمشاريع التنمية أمر جيد، إلا أن ضبط النفقات وترشيدها غاية في الأهمية، فالتكيف مع الأوضاع الطارئة بالتدرج خير من الاستمرار على وتيرة الإنفاق التوسعي، معتقدا أن وزير المالية يتحدث عن خطط التنمية الرئيسة، التي لا يمكن الاستغناء عنها.

ويرى البوعينين أنَّ الربط بين الإنفاق والنمو، يمكن أن يكون منطقيا في اقتصاد ريعي يحتاج دائمًا إلى الإنفاق الحكومي لتحقيق النمو المستهدف، وهو مطلب عالمي قبل أن يكون مطلبا محليا بشكل عام، حيث أن المملكة السعودية بدأت تجني ثمار سياستها المالية ذات العلاقة ببناء الاحتياطيات وتقليص الدين العام، متمنيًا أن تواصل الحكومة إصلاحاتها الاقتصادية وبما يساعد على التوسع في قطاعات الإنتاج، وتنويع مصادر الدخل.

وأضاف "ما أتمناه أن تنعكس هذه التصريحات المطمئنة على ثقة المستثمرين والمتداولين في سوق الأسهم، التي باتت تتعرض إلى هزات عنيفة غير مبررة، بالرغم من ربحية شركاتها، ومتانة الاقتصاد، وسلامة الوضع المالي، إضافة إلى الأمن والاستقرار الذي تعيشه المملكة".

من جهته بيَّن مدير الأبحاث والمشورة في شركة البلاد للاستثمار، تركي فدعق، أنَّ تصريحات وزير المال أزالت المخاوف لدى رجال الأعمال والمجتمع الاقتصادي من تخفيض الإنفاق الحكومي والذي ينعكس بشكل كبير على بيئة الأعمال، منوها بأنَّ استمرار الإنفاق الحكومي جاء نتيجة بناء الاحتياطيات المالية للدولة.

ودعا إلى أهمية أنَّ يكون هذا الإنفاق بحدود، مشيرًا إلى أنَّ انخفاض أسعار النفط لهذه المستويات يدق أجراس الخطر بأهمية اتخاذ خطوات سريعة لتنويع مصادر الدخل القومي بشكل سريع مع أهمية تغيير استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة داخليًا وخارجيًا بما يؤدي إلى تنويع مصادر الدخل بشكل أكبر.