البنك الدولي

أكد نائب مدير البنك الدولي للنزاهة، ليونارد مكارثي أن البنك الدولي قطع أشواطا طويلة في تحقيق الهدف من تأسيس المكتب، وأن البنك يجد تعاونا من الحكومات ومن القطاع الخاص، ويحرص على تقديم خدماته في كل أنحاء العالم بالصورة التي ليس فقط تخدم أهداف البنك الإنمائية والتعميرية والتطويرية، ولكن، أيضا، بالصورة التي تحافظ على سمعة البنك.
 وأشار مكارثي إلى أن بعض مقاولات البنك تعرضت إلى عمليات خداع وتزوير، وأن البنك، بحكم المحافظة على استقامة هذه المقاولات، صار يدقق أكثر فيها قبل أو بعد التوقيع على هذه المقاولات. ثم يقدم المخالفين إلى الجهات الحكومية في كل بلد.
وبشأن جهود البنك الدولي للمحافظة على نزاهة عملياته، قال مكارثي في العام 2001 تأسس مكتب نائب الرئيس للنزاهة، بسلطات للتحقيق، والردع، ومنع الغش، ووقف الفساد في ما يؤثر على المشاريع التي نمولها. ومنذ ذلك الوقت شهد المكتب نموا كبيرا، بما في ذلك توسيع سلطاته لتشمل العمل الوقائي المسبق لمنع وقوع الفساد. وفي العام2010 تأسست وظيفة جديدة لمراقبة التزام الشركات المحرومة من التعاون معنا بقوانيننا.
وعن كيفية المراجعة والتحقيق والتجريم، والعقاب لمن يرتكب هذه الأعمال المخالفة للقوانين، أوضح مكارثي تسهل شراكة قوية مع حكومة دولة معينة، ليس فقط في تحقيقاتنا، ولكن، أيضا، في المساهمة في زيادة أهمية القانون في تلك الدولة. عندما يقودنا تحقيق إلى التأكد من أن قوانين دولة معينة قد خرقت، ننقل النتائج إلى السلطات المختصة في تلك الدولة. نقدر نحن على منع شركة، أو شخص، من المشاركة في المشاريع المستقبلية التي نقدمها، وذلك عن طريق العقوبات التي نفرضها. لكن، تتبع التحقيقات الجنائية للسلطات المحلية في الدولة المعنية. وخلال السنة الماضية، من بين الإحالات التي قدمناها إلى حكومات مختلفة، صارت عشر منها قضايا تحقيقات قانونية.
وأضاف من خلال التحقيقات، نتأكد إذا مارست شركة أو شخصية واحدة من الممارسات الخمس الآتية التي تستوجب عقوبات: التواطؤ، عرقلة التحقيقات، الإكراه، الغش، الفساد. ولأن التحقيق إداري في طبيعته، يكون معيار الإثبات أقرب إلى «توازن الاحتمالات»، وبالتالي، أقل من المعيار الجنائي الذي هو «من دون أي شك معقول». نحن، لهذا السبب، يجب أن نثبت أن احتمال سوء السلوك، حدث أكثر أم لم يحدث. وإذا وجدنا ما يكفي من الأدلة لإثبات هذه الاتهامات نعتبر الاتهامات مؤكدة. ونعتبر الاتهامات لا أساس لها من الصحة إذا لم تكن هناك أدلة كافية لإثباتها، أو دحضها.
وقال صارت كثير من الدول تستخدم بنجاح «إي غفرنمنت» (الحكومة الإلكترونية) للحد من فرص الفساد.مثلا: في الهند، ساعد برنامج «بي إتش أو أو إم إي» الإلكتروني، الذي وفرناه لهم، على وضع ما يقرب من 20 مليون سجل ملكية أراض في الكومبيوتر. وبالتالي، على حماية صحة وسلامة سجلات لصالح قرابة سبعة ملايين مزارع هندي في مقاطعة كارناكاتا. أيضا، في واحد من تحقيقاتنا، اعتمدنا على صور الأقمار الفضائية لالتقاط صور شكلت، في وقت لاحق، أدلة مهمة ضد واحدة من الشركات التي عاقبناها.
وأضاف في الوقت نفسه، طورنا «انتغرتي أب» (مطبق النزاهة في الإنترنت) لتسهيل الإبلاغ عن الشكاوى، ولوضع برامج تفاعلية لتوجيه المسؤولين خلال تحقيقاتنا، ولوضع برامج تسمح للمحققين الوطنيين في دولة معينة وموظفي البنك (في واشنطن) بتبادل الأدوار في تصميم نموذج مشروع، وفي التحقيق فيه.
وبشأن وجود أنواع كثيرة من هذه المخالفات القانونية، قال مكارثي، تلقى واحد من فرق المشروعات التي نمولها شكاوى كثيرة تتعلق بمشتريات مشروع رئيس للطاقة في دولة معينة. ولحسن الحظ تدخلنا في الوقت المناسب، ووجدنا أن هذا المشروع واجه عددا من المشاكل، منها، أولا:وجود عقدين منفصلين متطابقين لتنفيذ عمل معين.
ثانيا:وجود شركتين يفترض أن تتنافسا، لكنهما خططتا، سرا، لتكون واحدة متعاقدة من الباطن للأخرى.
ثالثا:مستشار في مجال الإشراف واجه تهديدات من الشرطة المحلية عندما زار موقع المشروع.
وهكذا، اقترح فريق الخدمات الوقائية التابع لنا حلولا سريعة، وفعالة، ولا تكلف كثيرا. وهكذا، استغنينا عن خدمات واحدة من الشركتين، ووفرنا قرابة ستة ملايين دولار هنا فقط.
وقال مكارثي يمكن التغلب على مثل هذه المخالفات بتحركات شاملة ومنسقة، على الصعيدين الدولي والوطني.وتساعد التحقيقات التي نقوم بها، وتقوم بها حكومات الدول، في حماية أموال البنك الدولي.وفي توفير معلومات عن كيفية منع مشاكل مماثلة في المستقبل. وفي توصيل بعض التحقيقات إلى المحاكم. وفي فرض عقوبات على الذين يخالفون نظمنا ومبادئنا. وفي منع المشاكل قبل حدوثها. وطبعا هذا الأخير أفضل من مواجهة المشكلات بعد وقوعها.
وأوضح في الوقت نفسه، العقوبات مهمة، لأنها تساعد في الحفاظ على التوازن في أخلاقيات العمل. ولأنها تخيف الذين يريدون ارتكاب مخالفات.
وبشأن عقاب الشركات والمؤسسات بعد التأكد من مخالفاتها، قال مكارثي، في السنة المالية لعام 2013 قاطعنا 47 شركة ومؤسسة، وفروعها، ومنعناها من المشاركة في المشاريع والأنشطة التي سنمولها في المستقبل. والعام الماضي، شملت هذه التحقيقات المشتركة112 عقدا، تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 998 مليون دولار. هذا بالمقارنة مع 84 عقدا تبلغ قيمتها الإجمالية 178 مليون دولار في العام قبل الماضي.
وعن الأساليب الأخرى التي يمكن أن تستخدم في محاربة هذه الأعمال غير القانونية، قال أولا:إشعال مشاركة المواطنين في حملة عار ضد المخالفين. وليس هناك شك في أن شعور الناس بالمسؤولية والملكية يشكل دافعا قويا لتعزيز ثقافة النزاهة.
ثانيا:استخدام أقوى لآليات تبادل وتطبيق المعلومات حول كيفية عمل المؤسسات والشركات بنزاهة أكبر. وحول مواجهة الرياح التي غالبا ما تأتي مع التغيرات السلبية في الحكومة أو المجتمع.
ثالثا:تحويل معادلة مخاطر القطاع الخاص إلى إيجابية (حتى لا ينظر إلينا وكأننا ضد القطاع الخاص). وتأكيد أن الشركات التي تتحاشى خرق قوانيننا تحقق انخفاضات في تكلفة رأس المال، وتجذب أفضل المواهب، وتعزز سمعتها.
رابعا:تشكيل نظام دولي لإجبار مرتكبي المخالفات المالية ليس فقط على دفع غرامات جنائية، ولكن، أيضا، لدفع تعويضات عن الأضرار التي تسببوا فيها.
خامسا:في مجال البيئة، تجبر الشركات الملوثة ليس فقط على تنظيف البيئة، ولكن، أيضا، على تعويض المجتمعات التي تأثرت لهذا، ويمكن أن يكون هناك نظام تعويضات مماثل في قضايا المخالفات المالية.
يذكر أن رئيس البنك الدولي في العام 2008، روبرت زوليك، اختار ليونارد مكارثي "من جنوب أفريقيا"لتولي رئاسة إدارة النزاهة المؤسسية التابعة للبنك الدولي، وكان مكارثي نال تقديرات دولية كثيرة لجهوده أثناء ترؤسه لإدارة عمليات التحقيقات المالية في جنوب أفريقيا.
وفي ذلك الوقت، قال زوليك «هذه هي المرة الأولى التي يتولى فيها إدارة النزاهة المؤسسية مديرُ بدرجة نائب لرئيس البنك، وسيجلب مكارثي إلى هذا المنصب خبرات مجرّبة ومهارة أصقلتها الممارسة العملية، هذه الوظيفة لها أهمية بالغة بالنسبة لعمل البنك، وسمعته، وواجباته الائتمانية. وأنا على يقين من أنه سيجلب معه مهارات قيادية فعالة، وسيعزز التزامنا بحماية أصول البنك الدولي».