الأسواق في شمال سورية

كشف رجال أعمال وخبراء الاقتصاد عن أن "المنطقة الآمنة" في الشمال السوري، يمكنها أن تحقق دخلاً من المعابر والنشاط الصناعي والزراعي والتجارة الداخلية والخارجية بأكثر من 100 مليون دولار شهريَّا.
وبحسب ما أبرزه تقرير اقتصادي صادر عن مجموعة رجال أعمال معارضين، فكان من المفترض أن تمتد هذه المنطقة من مدينة جرابلس إلى أعزاز الحدوديتين مع تركيا، لتكون ملجأً آمنًا للسوريين من الصراع الدائر في البلاد ومن ضربات الطائرات الحربية التابعة للقوات الحكومية وهجمات تنظيم داعش المتطرف.

وبحسب التقرير، يمكن للمنطقة الآمنة أن تخلق فرصًا لتشغيل العاطلين عن العمل، وإعادة عجلة التنمية الاقتصادية ولو بالحد الأدنى، لاسيما لو توسّعت هذه المنطقة لتشمل منطقة الشيخ نجار الصناعية في حلب.
وتعد الشيخ نجار من أهم المدن الصناعية في سورية والأكبر في المنطقة، وتضم معامل ضخمة في مجالات النسيج والغذائيات والصناعات التحويلية، لكنها تضررت بشدة بسبب الحرب وتوقف كثير من المصانع وانتقلت خارج سورية، وعاد بعضها  للعمل بعد سيطرة القوات الحكومية عليها ولكن بوتيرة إنتاج ضعيفة.

وقدَّر التقرير أن عمل المنطقة الآمنة يحتاج كادرًا إداريًّا مؤهلًا مدنيًّا ووطنيًّا بعيدًا عن المحاصصات والولاءات، بحيث تُدار المنطقة الآمنة بأعلى معايير الشفافية والمهنية، وفي هذا السياق يمكن الاستفادة من خبرة المجالس المحلية المنتخبة، ومن العاملين السابقين والحاليين في مؤسسات الدولة السورية.
وأشار التقرير إلى وجود اتفاق دولي بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية حول المنطقة الآمنة شمال سورية، وطلب هاتين الدولتين من القوى الدولية تقديم العون والمساعدة لتركيا حتى تستطيع القيام بهذا المشروع.

وأوضح التقرير أن هناك تصورين لهذا الاتفاق حول المنطقة الآمنة المزمع إقامتها، الأول هو التصور التركي الذي يتماشى مع مطالب السوريين المعارضين لحكم الرئيس بشار الأسد بشرائحهم المختلفة، والثاني هو التصور الأميركي الغربي الذي لا يزال يسميها المنطقة الخالية من تنظيم "داعش".
وتشمل المنطقة 448 مدينة وقرية وتجمعًا سكنيًّا، و3 معابر حدودية (الراعي، جرابلس، وباب السلام)، و3 صوامع لتخزين الحبوب (اخترين، منبج، وجوبان بيك) و3 بحيرات وسدًا واحدًا ومحطة قطار واحدة.

ونوه التقرير إلى أن مشروع المنطقة الآمنة لو قدر له أن يتحقق بحماية جوية حقيقية ودعم ميداني وسياسي حقيقيين، سيكون خطوة جدّية تجاه نُصرة الشعب السوري الذي يبحث عن ملاذ آمن داخل وطنه بعيدًا عن ذل التشرد واللجوء والعوز، ويخفف عبء اللجوء عن دول العالم.
وقدّر التقرير أن المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها، يمكن أن تكون بطول 110 كلم وعرض 65 كلم، ويمكنها استيعاب ما لا يقل عن مليون ونصف، وفي الحد الأقصى 2.5 مليون مواطن سوري، وأن وجود المنطقة الآمنة سيوفر مناخًا مناسبًا لكل المنظمات الدولية الإغاثية كي تقوم بإدخال المعونات الإغاثية الطبية والغذائية والتعليمية وغيرها لتلك المنطقة، والتي قد تفوق سنويًّا أكثر من مليار دولار.

وحول الموقف التركي من المشروع، ذكرت مصادر تركية أن أنقرة لن تقوم بعمليات برية لإيجاد هذه المنطقة، بل ستقوم بعمليات دعم جوي ومدفعي مكثف لقوات المعارضة من أجل السيطرة على الأراضي المطلوبة لإقامة هذه المنطقة الآمنة.
كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال في وقت سابق، إن حلفاء تركيا في المعركة ضد تنظيم داعش يقتربون من فكرة إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري، وأنه توجد تطورات إيجابية بشأن منطقة آمنة يحظر فيها طيران وتجرى فيها عمليات جوية.

ويرى مراقبون للوضع السوري أن مشروع المنطقة الآمنة قد انتهى فعليًّا بعد حادث استهداف الطائرات التركية لقاذفة روسية وإسقاطها ومقتل أحد طياريه؛ حيث توعدت موسكو بإسقاط أيّة طائرة تهدد سير عملياتها العسكرية في شمال سورية، مما سيحرم الفصائل المعارضة من الدعم الجوي التركي الذي ساعد سابقًا في استعدادة مساحات كبيرة من قبضة تنظيم داعش أو من مجموعات مسلحة معادية لتركيا كحزب العمال الكردستاني.