منتدى "حوارات الأطلسي"

تحتاج أفريقيا إلى 80 مليار دولار لتمويل مشاريع البني التحتية، غير أن المبلغ الذي تمت تعبئته لم يتجاوز 45 مليارا، حسب فراني ليوتيي، مؤسسة مجموعة فيزمبات، التي قالت إن أكثر من 280 مشروعا للبني الأساسية توجد حاليا قيد الإنجاز في القارة الأفريقية.

وأوضحت ليوتيي، التي كانت تتحدث خلال ندوة حول تمويل البني التحتية في أفريقيا في إطار منتدى "حوارات الأطلسي"، الذي ينظمه مركز الأبحاث والدراسات التابع للمجمع الشريف للفوسفات في مراكش، أن الصناديق الاستثمارية العالمية الكبرى ما زالت مترددة في تمويل البني التحتية في أفريقيا. غير أنها أشارت إلى أن 57 صندوقا استثماريا متوسطا وصغيرا صارت تساهم في هذا التمويل، من بينها صندوق الدار البيضاء أفريقيا 50. وقالت لوتيي: "الفجوة كبيرة جدا بين ما هو متاح من التمويلات وما تحتاجه أفريقيا. والسؤال هو لماذا نستمر في هذا الوضع رغم كل التحولات التي عشناها في السنوات الأخيرة؟".

وأضافت: "لدينا في أفريقيا مشاريع جيدة وقابلة للتمويل، لكن ما ينقصنا هو كيفية تسويق أفريقيا. كما أننا في حاجة إلى شركات وساطة لإعداد المشاريع والترويج لها لدى الممولين".

أما بالنسبة لدومينيك لافون، رئيس "لافون أفريكا كربوريشن"، الذي اشتغل في 45 بلدا أفريقيا في مجال تمويل البني التحتية، فإن الأمور تحسنت كثيرا في أفريقيا مقارنة بما كانت عليه قبل 15 عاما. ويقول لافون: "في بداية 2000 كان هناك عزوف تام لدى المستثمرين عن تمويل البني التحتية في أفريقيا، حتى عندما تكون المشاريع مربحة وذات مردودية عالية فإنها لم تكن تجد من يمولها. لدرجة أننا كنا نجد أنفسنا وحيدين عندما تعرض الدول الأفريقية صفقات. أما اليوم فهناك إقبال كبير على تمويل المشاريع في القارة". والسبب في هذا التحول حسب لافون هو معدلات النمو القوي التي حققتها أفريقيا في السنوات الماضية في سياق ارتفاع أسعار المواد الأولية، إضافة إلى الأثر الإيجابي لمجيء الاستثمارات الصينية، التي حسنت كثيرا من جاذبية أفريقيا للاستثمارات.

ويضيف لافون "لقد كذبت أفريقيا العديد من التوقعات السلبية. فأنا شخصيا كنت دائما أتخوف من عدم التزام الحكومات الأفريقية بمعاهدات منح الامتياز الخاص بالاستثمارات في البنى الأساسية. لكنني اليوم أعترف بأنني كنت مخطئا. ففي 15 ميناء التي مولناها، بالإضافة إلى العديد من مشاريع البنى التحتية المختلفة الأخرى خلال العقد الماضي، لم نصادف حتى الآن أي مشكلة من هذا القبيل".

ويرى لافون أن الصعوبة الحقيقية التي صادفها في أفريقيا تكمن في الحكامة. ويضيف: "هنا لا أتكلم عن الحكامة بمفهوم الرشوة والفساد، فعلى هذا المستوى، بالعكس، عرفت الأمور تحسنا ملحوظا. ما أتكلم عنه هو الحكامة فيما يتعلق بمسلسل اتخاذ القرار ووضوح الرؤية الاستراتيجية التي تقف خلف المشروع".

وأوضح لافون أن القرارات تتخذ في البلدان الأفريقية على مستوى الرؤساء، وعند تغيير الرئيس بعد ولاية من خمس سنوات، غالبا ما تتغير الأولويات. المسألة الأخرى، حسب لافون، تتعلق بكون العديد من القرارات الاستثمارية في البنى التحتية لا تتخذ في ارتباط وبتنسيق مع باقي المشاريع. فمثلا قد يتخذ قرار بناء ميناء دون التفكير في الربط بالسكك الحديدية وشبكة الطرق، أو إنشاء منطقة نشاط اقتصادي. ويكتشف بعد الانتهاء من إنجاز الميناء أن عليه أن ينتظر خمس أو ست سنوات قبل أن تنجز المشاريع الأخرى ذات الصلة، كالطرق مثلا. كما يمكن أن تتخذ قرارات بخصوص مشاريع على الحدود دون التنسيق مع البلد الجار.