بارونات التهريب في تونس

ترتفع الخسائر السنوية التي تتكبدها تونس بفعل تهريب السجائر، إلى نحو 40% من إيرادات قطاع التبغ الذي يوفر لميزانية الدولة 1.3 مليار دينار سنويا. ويعتبر تدفق السجائر المهربة إلى تونس قد تراجع بنسبة 35% في عامي 2015 و2016، مدفوعا بالسياسات التي اعتمدتها الحكومة لمكافحة التجارة الموازية والتهريب ومراقبة الشاحنات عبر الحدود. ويمثل تصنيع التبغ وتجارة السجائر المواد الأساسية المدرّة للضرائب المباشرة لخزينة الدولة، غير أن توسّع نشاط المهربين في هذا المجال أفقد تونس القدرة على السيطرة على هذه التجارة.
رفع الطاقة الانتاجبة

وقد رفعت وكالة التبغ والوقيد طاقتها الإنتاجية بنحو 40 % منذ السنة الماضية، ولديها برنامج لتوسيع طاقة التصنيع، عبر تركيز سلسلة إنتاج جديدة.كما أن قدرة التصنيع ارتفعت من 17 مليون علبة شهريا إلى 26 مليون علبة في الشهر حالياً. و 75% من سعر السجائر هو ضرائب مباشرة تذهب إلى خزينة الدولة، وبالتالي فان تراجع الإقبال على السجائر المحلية يعني نقص الإيرادات المباشرة للخزينة

ويعتبر خبراء الاقتصاد أن فقدان الدولة السيطرة على تجارة والسجائر دليل على أن القوانين الحالية لم تعد قادرة على حماية القطاع، ما يستدعي مراجعة شاملة لهذه القوانين بهدف مزيد من التحكم في مسالك التوزيع. ورغم الحرب الشاملة التي تشنها الجمارك على مهربي السجائر، إلا أن وضع الأسواق يوحي بأن لا شيء تغيّر، فمجمل الأكشاك وحتى الباعة على قارعة الطرقات يوفّرون، على مرأى ومسمع من سلطات الرقابة، السجائر المهربة التي تجد رواجا واسعا في السوق التونسية لتواضع أسعارها. ويعتبر عامل السعر محدد أساسي في مدى إقبال التونسيين على السجائر مجهولة المصدر في بعض الأحيان، بالرغم من إدراك المستهلكين عدم خضوعها للمراقبة المسبقة ومخاطرها على الصحة.

بارونات الحدود

ولا يتوانى بارونات التهريب الذين ينشطون على الحدود التونسية، عن اقتحام المعابر بين الفينة والأخرى مخلّفين حالة من الفوضى والانفلات، فيما تقف مصالح الديوانة عاجزة أمامهم، وخاصة أن  عصابات التهريب تستخدم الأسلحة ووسائل الإرهاب. وحذرت "نقابة أعوان الديوانة" التونسية من اختراقات بارونات التهريب، التي قالوا إنها تتحكّم في المعابر، كما تتحكم في الاقتصاد.

ورغم أن قيمة الواردات التونسية تبلغ سنوياً أكثر من 42 ألف مليون دينار  إلا أن الديوانة لا ترفد خزينة الدولة إلا بمقدار 800 مليون دينار  وهو ما يدل على ضعف منظومة الديوانة التونسية وعدم قدرتها على استخلاص الرسوم الجمركية للسلع الموردة بسبب عبور أكثر من نصفها عبر مسالك التهريب.وقد اقر عدد من اعضاء نقابة اعوان الديوانة ان المنظومة الديوانية مخترقة من قبل بارونات التهريب .وتعتبر الاختراقات داخل الديوانة  متشعبة وتشمل العديد م الأطراف..ويعود ذلك الى ضعف الإمكانيات المادية والبشرية للمصالح الديوانية وهو ما يسهّل اختراق المعابر وعمليات التهريب التي تهدّد الاقتصاد التونسي. و يؤثر ذلك  بشكل كبير على تعبئة الموارد المالية للدولة، وهو ما يضطرها إلى الاقتراض الخارجي لسداد العجز في ميزانيتها.