أزمة ارتفاع الأسعار في تونس

فوجئ التونسيون مؤخرًا بارتفاع مهول في أسعار الموز، إذ ارتفع من 3.200 دينار إلى 5 دنانير، وتأتي تلك الزيادة، بالنظر إلى ارتفاع حجم الواردات خلال الأشهر الأولى من العام الجاري، الذي وصل إلى 10.6 مليون دينار، بزيادة بنسبة 20 في المائة تقريبًا في الفترة نفسها من العام الماضي..

وليس الموز النوع الوحيد من الغلال الذي قفزت أسعاره خلال تلك الفترة، التي تحاول فيها الحكومة التونسية الضغط على الأسعار وتوقيع اتفاقيات مع المهنيين ومع المساحات التجارية الكبرى بهدف التخفيض في أسعار عدد من المواد الاستهلاكية، فالفراولة التي تنتجها تونس والتي كان سعر الكلغ الواحد منها يصل خلال إلى دينار وأحيانًا أقل، ما زال ثمنها مرتفعًا ويقدر بـ2.400 دينار، وكذلك الشأن بالنسبة إلى الخوخ والمشمش والتي تعتبر كلها غلال صيفية...

معاناة المواطن
وشهدت أسعار المواد الاستهلاكية، وخاصة منها المواد الغذائية، ارتفاعًا كبيرًا في تونس، وهو ما عمّق معاناة المواطن التونسي حيث شمل هذا الغلاء أغلب المواد الأساسية على غرار اللحوم الحمراء والبيضاء ومنتجات الخضر والغلال، وفي المقابل تراجعت المقدرة الشرائية بشكل كبير، وأصبح المواطن غير قادر على مجابهة هذا الارتفاع. 

 وما يثير حيرة وتساؤلات المواطن التونسي هو أن الأسعار في مختلف أنحاء العالم تتحرك في الاتجاهين "نحو الانخفاض والارتفاع"، على عكس ما هو معروف من صعود دائم وعدم العودة إلى الوراء، هذا بالإضافة إلى أن التونسي كثيرًا ما يسمع أن صابة الزيت قياسية ومنتج الحليب في ذروته، إلا أنه لا يلمس انخفاضًا في تلك المواد ولو بمليم واحد... 

اتفاق بين الصناعيين والتجار
ومن أهم أسباب ارتفاع الأسعار، هو التهريب إلى الدول المجاورة كما أن المستهلك يتحمل أكثر من 50 في المائة من المسؤولية في الارتفاع المشط للأسعار، حيث أنه يشتكي ولكنه مع ذلك يشتري يوميًا جميع المواد، في حين أن من واجبه الإمساك ولو لمدة محددة عن الشراء، لعل ذلك يساعد في تراجع الأسعار، كما أنه على إدارة المراقبة متابعة المضاربين بجدية للحد من الإخلالات والتجاوزات التي تقع على كاهل المواطن. 

ويعد الارتفاع المشط في الأسعار، بمثابة البركان الذي يهدد حياة المواطن خاصة أمام تدهور مقدرته الشرائية، هذا ما ذكره نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، سليم سعد الله، مبرزًا أن صعود الأسعار دون تراجعها يعود إلى عدم شفافية آليات السوق، وبالتالي فإن قاعدة العرض والطلب لا تحدد الأسعار، بل هي تخضع لاتفاق الصناعيين والمضاربين الذين أصبحوا المتحكمين في الأسعار بعد الثورة، حيث يقوم "السماسرة" في مجال الخضر والغلال مثلًا بالتزود من الفلاح مباشرة دون فاتورات وبأزهد الأسعار ثم يتولون توزيعها على بقية نقاط البيع بأسعار مرتفعة، ما جعل أكثر من 2.5 مليون من التونسيين عرضة للجوع والفقر. 

وأشار سليم سعد الله، إلى أن 50 في المائة من المواطنين يلجؤون لاقتناء الملابس المستعملة لعدم قدرتهم على مجاراة نسق الحياة، واصفًا غلاء أسعار المحروقات حاليًا بكونه غير مبرر، ما جعل منظمة الدفاع عن المستهلك تصدر بيانًا في الغرض، وفيما يخص أسعار الحليب والزيت، فإن المواطن لم يلمس أي انخفاض لها، وهو ما يؤكد أن أسعار تلك المواد لا تحكمها آليات السوق، وإنما المضاربون وكذلك الاتفاقيات بين المصنعين الذين يحددون الأسعار والمطلوب من الحكومة تصويب هذا الوضع، محذرًا  من خطورة تداعيات أي زيادة في أسعار المواد الأساسية والمحروقات والغاز ورفع الدعم عن عدد منها في الظروف الحالية ..