صندوق النقد الدولي

قرر صندوق النقد الدولي منح الدفعة الثانية من القرض المستحق لتونس، بعد أشهر من تعطيله بسبب بطء الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية في تونس، في وقت تعهد رئيس الحكومة التونسية المضي في حربه ضد الفساد التي أطلقها الشهر الماضي. واستكمل المجلس التنفيذي للصندوق "المراجعة الأولى للبرنامج الاقتصادي الذي يدعمه في إطار تسهيل الصندوق الممدد"، ما سيمكّن تونس من الحصول على 314 مليون دولار (787 مليون دينار تونسي) وفق ما أعلن الصندوق مساء أول من أمس.

وبحصول تونس على هذا المبلغ ترتفع قيمة التمويل الذي حصلت عليه إلى 628.8 مليون دولار من أصل قرض تبلغ قيمته 2.9 بليون دولار (نحو 7 بلايين دينار تونسي)، بهدف تنفيذ إصلاحات اقتصادية وهيكلية يشترطها المقرضون الدوليون على الحكومة التونسية. وأوضحت المديرة العامة للصندوق كريستين لاغارد، أن الإفراج عن الدفعة الثانية من القرض جاء "إثر ملاحظة جدية لاتجاه تونس إلى تنفيذ إصلاحات لمس الصندوق نتائجها، خصوصاً بعد عودة إنتاج الفوسفات وتحسن مؤشرات القطاع السياحي وأرقامه"، وفق ما نقلت إذاعة "موزاييك" المحلية. واعتبرت أن قرار منح تونس الجزء الثاني من القرض "سيكون إيجابياً على تونس في علاقتها ببقية المؤسسات المالية العالمية، فضلاً عن قرار ألمانيا اختيار تونس من بين 5 بلدان أفريقية في منتدى العشرين الكبار، والذي سيساهم في توفير فرص عمل للشباب التونسي".

ورأى متابعون أن إفراج الصندوق عن الدفعة الثانية، هو نتيجة تقدم الحكومة في مجال مكافحة الفساد، خصوصاً أن المؤسسة الدولية دعت في غير مناسبة إلى محاربة الاقتصاد غير النظامي في تونس. وشدد رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد في تصريح الثلاثاء، على أن "لا تراجع عن مقاومة الفساد وسنذهب فيها إلى النهاية". وأعلن أن سياسة مكافحة الفساد "هي أحد بنود وثيقة قرطاج التي اتفقت عليها الأحزاب والمنظمات الاجتماعية المساندة للحكومة". ولفت إلى أن "هذه السياسة أسفرت حتى الآن عن حجز مضبوطات من التجارة غير النظامية قيمتها 300 مليون دولار (ما يعادل القسط الثاني من قرض الصندوق) على امتداد الأشهر التسعة الماضية. ولفت إلى "دعم الجهاز القضائي بانتداب مئات القضاة وإرساء المحاكم لدعم جهود الدولة في مكافحة الفساد".

وكانت السلطات التونسية أطلقت حملة اعتقالات شملت رجال أعمال بارزين ومهربين وموظفين في أجهزة الجمارك، للاشتباه بعلاقتهم بالفساد والتآمر على أمن الدولة، ووُضع المعتقلون تحت الإقامة الجبرية بمقتضى قانون الطوارئ الساري في البلاد. وأمّمت الحكومة أملاك وأرصدة كل من شفيق الجراية (أحد ممولي حزب "نداء تونس" الحاكم) وياسين المنوفي منجي بن رباح وكمال بن غلام فرج ونجيب بن اسماعيل وعلي القريوي وهلال بن مسعود بشر ومنذر الجنيح، ويمارس هؤلاء نشاطات اقتصادية مشبوهة وتهريباً وكسباً غير مشروع، وفقاً لما أعلنت لجنة المصادرة.