ارتفاع أسعار البنزين

أشار تقرير اقتصادي يتناول أسواق السلع الأساسية في العالم، إلى أن قطاع الطاقة شهد تداولات مستقرة، حيث ساعد ارتفاع أسعار البنزين، جرّاء المخاوف من إعصار "هارفي" على الساحل الأميركي، في التعويض عن الخسائر الصغيرة التي تكبّدتها أسعار النفط الخام. بينما اتسمت تداولات المعادن الثمينة بالهدوء، وسعى الذهب لتخطي المقاومة الرئيسية بانتظار التأثيرات اللاحقة للاجتماع السنوي لمسؤولي البنوك المركزية في "جاكسون هول"» بولاية "وايومينغ" الأميركية.

وكان مكتب السلامة والبيئة بالولايات المتحدة أوضح أول من أمس أن نحو 25 في المائة من إنتاج النفط بخليج المكسيك توقف بسبب الإعصار هارفي. وتوازي النسبة نحو 428 ألف برميل من النفط يوميا، من إجمالي نحو 1.75 مليون برميل تضخ كل يوم من المنطقة. كما أشار المكتب إلى أن هارفي تسبب في وقف نحو 26 في المائة من إنتاج الغاز الطبيعي بخليج المكسيك، أي ما يساوي نحو 835 مليون قدم مكعبة يوميا.

ويرى أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع لدى "ساكسو بنك"، في تقرير صدر أمس حول السلع، أن معظم التداولات تركزت من جديد على المعادن الصناعية، وبقيادة الزنك والألمنيوم، حيث لامس مؤشر "بلومبيرغ" للمعادن الصناعية أعلى مستوياته منذ ديسمبر/كانون الأول عام 2014، وارتفع الآن في 8 من الأسابيع العشرة الماضية. كما ارتفعت أسعار البنزين مع شروع المصافي على ساحل خليج المكسيك في إيقاف عملياتها قبيل وصول إعصار هارفي الذي كان متوقعا مساء الجمعة. وارتفعت أسعار فول الصويا والقطن استناداً إلى المخاوف من احتمال ترافق أول إعصار يضرب سواحل تكساس منذ عقد مع زخات مطرية غزيرة تصل إلى متر في المناطق الأكثر تضرراً.

وأشار هانسن في تحليله إلى أن أسعار السكر انتعشت مع تراجع أحد الصناديق قصيرة الأجل، استجابة للأخبار التي مفادها أن الحكومة البرازيلية ستفرض ضريبة بنسبة 20 في المائة على واردات الإيثانول التي تتخطى الحصة السنوية. وقد يدعم ذلك الإنتاج المحلي من الإيثانول، مما يحوّل قصب السكر بعيداً عن إنتاج مواد التحلية. 

بينما في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، وصلت العقود الآجلة لتداولات الذرة بمجلس شيكاغو للتجارة، خصوصا القمح، إلى أدنى مستوياتها قبل أن تدعم صفقات المقايضة عملية انتعاش من ظروف الإفراط في البيع. وانتعش الفارق بين أسعار القمح والذرة بعد انهياره الشهر الماضي.

- تحركات الصين تقود زيادة المعادن
وأشار التحليل إلى أن ازدياد وتيرة ارتفاع أسعار المعادن الصناعية أدى إلى دفع الصين نحو الاكتتاب على مزيد من أسهمها. وشكلت المساعي الصينية لإغلاق مصانع الصهر ذات مستويات التلوث المرتفعة للحد من تلوث الهواء، الدافع وراء الزيادة المفاجئة لأسعار المعادن طيلة شهر، وليس أقلها الألمنيوم والزنك. وقد ساعد الجمع بين تخفيض حجم العرض وتصاعد مستوى الطلب في إطلاق موجة مضاربة في بورصات العقود الآجلة في الصين وحول العالم.

ويقول رئيس استراتيجية السلع لدى "ساكسو بنك": تنتشر عمليات التداول التي تتسم بقدر كبير من المضاربة في الصين؛ واضطر المشرّعون مرة أخرى للتدخل واتخاذ التدابير المناسبة، مثل تقليص حدود المراكز والهوامش الأعلى للقضاء على التعاملات المضاربة، وتشجيع المستثمرين على توخي الحيطة والحذر والتصرف بعقلانية. بينما نجح النحاس في الاستفادة من الارتفاع ولامس أعلى مستوياته منذ عامين تقريباً على التبادلات في نيويورك ولندن. وأصبحت الصناديق المضاربة على الأسعار الأكثر ارتفاعاً في النحاس عالي الجودة الآن أكثر انكشافاً منذ أن بدأت السجلات في عام 2006.

- البنزين يعوض خسائر النفط
وعلى مدار الشهر الماضي، حافظ ارتفاع حجم الإنتاج وانخفاض مستوى المخزونات على أسعار خام غرب تكساس الوسيط حول 48.50 دولار للبرميل. وحتى الآن خلال شهر أغسطس/آب الحالي، ضاق نطاق التداولات ليتراوح حول 48.50 دولار للبرميل بالاتجاه التصاعدي والمتوسط المتحرك لمدة 50 يوماً نحو الاتجاه الهبوطي، ليصل حالياً إلى 46.70 دولار للبرميل. ومع اقترابنا من شهر سبتمبر/أيلول، تبدو ثنائية المخاطرة المكافأة متحيزة بشكل متزايد نحو الجانب الهبوطي.

ويمكن أن يدفع التحول نحو الاتجاه التصاعدي الأسواقَ نحو إعادة النظر في سعر 50 دولارا للبرميل، مما قد يؤدي إلى زيادة أنشطة التحوط من المنتجين الأميركيين، فيما قد تنطوي مخاطر التحول نحو الاتجاه الهبوطي على مخاطر قد تسبب موجة بيع رابعة من الصناديق التي تحتفظ بأكبر قدر من صافي العقود على المدى البعيد في خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط منذ 14 مارس/آذار، بحسب التقرير، الذي أكد أنه ينبغي أيضا النظر في السلوكيات الموسمية؛ حيث تظهر ذروة السوق عادة خلال الأسبوع الأول من سبتمبر قبل دخول السوق إلى موسم الطلب المنخفض.

وبناء على هذا الافتراض، تتجلى أكبر المخاطر في تدهور التوقعات من فنزويلا وفرض عقوبات أميركية تهدف إلى معاقبة الحكومات، فيما يواصل الرئيس نيكولاس مادورو تقويض حق الشعب الفنزويلي في تقرير مصير البلاد. ويمكن لأي عمل يحد من قدرة فنزويلا على تصدير النفط الخام أن يوفر بعض الدعم على المدى القصير.

الذهب يستقر منتظراً المؤشرات
وفي ما يتعلق بالمعادن الثمينة، خاض الذهب أسبوع تداولات هادئة الأسبوع الماضي لم تخل من التوتر في نطاق ضيق نسبياً بين 1280 و1295 دولارا للأونصة (الأوقية). وقد أدى الإخفاق حتى الآن في تحقيق خرق مستدام فوق أعلى المستويات للعام إلى تشكيل حالة من التخوف لدى صناديق التحوط والمتداولين من إمكانية إطلاق عملية تصحيح بعد ذلك.

ورغم ذلك، فإن هانسن يرى أنه حتى الآن، حظيت السوق بالدعم المعتاد تقريباً، الذي وفرته البيانات والتصريحات التي أطلقها الرئيس الأميركي. وقد ساعدت تهديدات ترمب بتعطيل عمل الحكومة - ما لم يتم إيجاد الأموال الكافية لبناء الجدار الحدودي مع المكسيك - في إعاقة انتعاش المخزونات وأسعار الدولار. ويتابع أنه في الاجتماع السنوي لمسؤولي البنوك المركزية في جاكسون هول بولاية وايومينغ يوم الجمعة، لعبت الكلمات التي ألقتها جانيت يلين، رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وماريو دراغي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، دوراً مهماً في الحفاظ على تحديد نطاق أسعار الذهب، وتترقب السوق الأدلة على وتيرة التشديد النقدي في الولايات المتحدة الأميركية ومنطقة اليورو. 

ولا تزال النظرة الفنية للذهب واضحة جداً. ومن المرجح أن يؤدي حصول اختراق مستدام للأسعار فوق عتبة 1295 دولارا للأونصة إلى ارتفاعها بشكل أكبر وفوري، فيما قد ينطوي حصول اختراق أقل من الاتجاه التصاعدي منذ يوليو/تموز الماضي إلى مخاطر تدفع نحو تخفيض جديد للعقود طويلة الأجل، مما ينعكس سلباً على الأسعار.