المفوضية الأوروبية

 رفضت المفوضية الأوروبية مجددًا، امس الأربعاء، مشروع ميزانية 2019 الذي قدمه الائتلاف الشعبوي الحاكم في إيطاليا، والخارج إلى حد كبير عن المعايير الأوروبية، ممهدة بذلك الطريق لفرض عقوبات مالية على روما، فيما قال مسؤول بارز بحركة "خمس نجوم" الإيطالية، أن الحكومة الإيطالية لن تُغيِّر خطط إنفاقها، حتى بعدما رفضت المفوضية رسميًا مشروع الموازنة.

وأعلن نائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس، أنه "مع ما وضعته الحكومة الإيطالية على الطاولة، نرى خطراً من أن يغرق هذا البلد في عدم الاستقرار"، مؤكدًا أن بدء إجراءات العجز المفرط استناداً إلى الدين مبرر، في إشارة إلى العملية الرسمية للاتحاد الأوروبي لمعاقبة الدول الأعضاء على الإفراط في الإنفاق.

ولفت دومبروفسكيس إلى أنه بناء على تحليل المفوضية، فإن هناك ما "يبرر" فرض إجراءات تأديبية على العجز المفرط ضد إيطاليا، لعدم التزامها بخفض دينها العام، والذي يقدر حاليا بأكثر من 130 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقال المفوض المكلف شؤون المالية بيير موسكوفيتشي، "إن إطلاق العقوبات يحتاج لموافقة الدول الأعضاء "ولكن باب الحوار يبقى مفتوحاً بالطبع مع الإيطاليين"، وفقًا لكلامه.

وذكرت المفوضية أن 10 دول أعضاء في الاتحاد قدمت مشروعات موازنات تتوافق مع معايير ميثاق الاستقرار والنمو، بينما هناك موازنات 5 دول لا تتوافق تمامًا، أما إيطاليا، فهي وفقًا لبروكسل لا تزال بعيدة تمامًا عن المعايير المحددة.

وتؤكد المفوضية أن إجراءات العقوبات ستتم، بناء على رفض إيطاليا خفض الدين العام في موازنتها خلال العامين القادمين، ولم يكن القرار مفاجئاً؛ لأنه يأتي بعد رفض المفوضية مشروع ميزانية 2019 الشهر الماضي، في خطوة هي الأولى من نوعها للاتحاد الأوروبي؛ لكن إيطاليا تمسكت بالميزانية بعد رفض بروكسل لها، ممهدة الطريق أمام الرأي النهائي في المفوضية. 

ولا تلتزم الميزانية الإيطالية بتدابير خفض التكاليف التي تم الاتفاق عليها مع الحكومة السابقة؛ بل تعد بمزيد من الإنفاق، ومنها مدخول أساسي شهري للعاطلين عن العمل، وزيادة معاش التقاعد، ونددت المفوضية، الأربعاء، بما اعتبرته "تراجعًا ملحوظًا" عن إصلاحات سابقة "وبخاصة فيما يتعلق بإصلاحات التقاعد.

وأمام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الآن أسبوعان، لاتخاذ قرار بشأن السماح للمفوضية بتفعيل إجراء العجز المفرط، وهي عملية تستغرق أشهراً ويمكن أن تؤدي إلى غرامات.

ويفتح القرار الباب أمام إجراء عقابي محتمل وربما غرامات، ويمنح تفعيل تلك الإجراءات روما فرصة للتفاوض وتصحيح طرقها، قبل أن تفرض بروكسل عقوبات يمكن أن تصل إلى 0.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لإيطاليا.

ويُشار إلى أن "الإجراءات التأديبية" هي عملية تحدد مواعيد نهائية مالية حاكمة، وأهدافاً ضد الدول الأعضاء التي تنتهك القواعد المالية لمنطقة اليورو. وإذا ما وافقت الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي على ما ذهبت إليه المفوضية، فسيتم تفعيل هذه الإجراءات ضد إيطاليا.

وقال وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني، عقب إعلان بروكسل، "إن إيطاليا تشارك في موازنة الاتحاد الأوروبي، وتستحق "الاحترام" من جانب بروكسل".

وكتب سالفيني على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي، في رده على رفض المفوضية الأوروبية لمشروع الموازنة الإيطالية "أطالب أوروبا بأن تحترم الشعب الإيطالي، بما أننا سنوياً ندفع ما لا يقل عن 5 مليارات يورو؛ أكثر مما نحصل عليه من الاتحاد الأوروبي".

وأضاف سالفيني "تقديم خطط الموازنة الإيطالية، يماثل إعطاء الإيطاليين حق العمل وحق الصحة والتعليم وخفض الضرائب، ومزيدًا من الأمن"، وأوضح "نحن ماضون في خططنا، أحبكم يا أصدقائي".

وأكد فرانسيشكو أوفا، الذي يقود نواب حركة "خمس نجوم" في مجلس النواب، أن قرار إيطاليا بزيادة نسبة العجز لا ينتهك أي من قواعد الاتحاد الأوروبي.

وكتب على صفحته على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي "لا نعلم سبب فتح المفوضية الأوروبية الباب أمام اتخاذ إجراء عقابي ضد إيطاليا، التي طالما احترمت القواعد على عكس دول أخرى".

وأضاف "نحن نقول للمواطنين، لا تخافوا؛ لأننا لن نتراجع. لم يتم انتخابنا لكي نواصل السياسات التدميرية نفسها التي تبنتها الحكومات السابقة".

وأصدر مكتب الإحصاء الإيطالي، أمس، في غضون ذلك، توقعات أكثر تشاؤمًا بشأن النمو الاقتصادي؛ حيث توقع نمو الاقتصاد الوطني بنسبة 1.1 في المائة هذا العام، و1.3 في المائة في 2019. وكان مكتب "إيستات" توقع في مايو /أيار الماضي، نمو الاقتصاد بنسبة 1.4 في المائة في 2018، وأشار المكتب إلى أنه منذ توقعاته السابقة، فإن الاتجاهات السلبية في التجارة العالمية أدت إلى تخفيض توقعات النمو بالنسبة لإيطاليا، التي يعتمد اقتصادها على التصدير