وزير المال والاقتصاد المغربي محمد بوسعيد

تضمنت الموازنة الحكومية المغربية لسنة 2017 الكثير من الإجراءات الجديدة المقرر أن يشملها ميثاق الاستثمار الجديد، والتي جرى إدراج معظمها خلال مناقشة الميزانية في البرلمان في شكل "تعديلات مقترحة" من طرف الحكومة. رغم أن المراجعة الشاملة لميثاق الاستثمار المغربي ما زالت قيد الإعداد

فمن أبرز الانتقادات الموجهة لميثاق الاستثمار الحالي أنه لا يأخذ بعين الاعتبار السياسات القطاعية الجديدة التي اعتمدها المغرب، خاصة صناعات السيارات والطائرات وباقي "المهن العالمية"، إضافة إلى سياسة التسريع الصناعي، كونها أطلقت في وقت لاحق على اعتماد ميثاق الاستثمار.وتهدف مراجعة ميثاق الاستثمار إلى أخذ هذه السياسات بالاعتبار من أجل إعادة توجيه الاستثمارات نحو القطاعات ذات الأولوية.في هذا السياق، أقر قانون الموازنة لسنة 2017 منح الشركات الصناعية الحديثة النشأة إعفاء كليا من الضريبة على الأرباح خلال السنوات الخمس الأولى من عمرها، ابتداء من تاريخ بداية نشاطها الفعلي.

غير أن هذا الامتياز مشروط بالاستثمار في قطاعات وفروع محددة حسب الأولويات الحكومية والتي ستكون موضوع قانون تطبيقي تصدره وزارة التجارة والصناعة لاحقا.غير أن الامتيازات التي جاء بها قانون الموازنة الجديد لا تقتصر على التشجيع على إحداث شركات صناعية جديدة، بل تشمل أيضا الاستثمارات التوسعية الكبرى للشركات القائمة. لذلك عمم على هذه الاستثمارات التوسعية بعض الإجراءات التي كانت مخصصة لإطلاق مشاريع جديدة بهدف تفادي لجوء هذه الشركات القائمة إلى إطلاق شركات فرعية جديدة كلما تعلق الأمر بالاستثمار في مشاريع جديدة بغرض الاستفادة من هذه الامتيازات.

وفي هذا الصدد، نص قانون الميزانية الجديد على إعفاء الاستثمارات التوسعية التي تفوق قيمتها 100 مليون درهم (10 ملايين دولار) من الضريبة على القيمة المضافة لمدة 36 شهرا. إضافة إلى ذلك نص قانون الموازنة على أن أجل الاستفادة من هذا الإعفاء يبتدئ من تاريخ أول عملية استيراد للتجهيزات الاستثمارية مع إمكانية تمديده لمدة 24 شهرا إضافية، حتى لا تستنفد مدة 36 شهرا قبل إتمام العمليات الاستثمارية.ومن أبرز مستجدات قانون الموازنة الجديد توسيع مفهوم المنطقة الحرة للتصدير ليشمل المجموعات الصناعية المصدرة الكبرى، حتى عندما تكون منشآتها الإنتاجية خارج المناطق الصناعية الحرة المحددة جغرافيا.

 وأصبح بإمكان الصناعيين الكبار الاستفادة من الامتيازات الجبائية (الضريبية) الخاصة بالمناطق الصناعية الحرة دون أن يكونوا مجبرين على إقامة منشآتهم داخلها. وفي نفس السياق تم أيضا توسيع مفهوم الشركة المصدرة ليشمل المصدرين غير المباشرين. ففي السابق، عندما تبيع شركة معينة إنتاجها في السوق الداخلية لشركة أخرى تستعمل هذا الإنتاج كمكون أو مادة أولية في تصنيع منتجاتها الموجهة للتصدير، فإن الشركة الأولى لا تستفيد من الامتيازات الخاصة بالتصدير. أما من الآن فصاعدا، فستتم معاملات هذه الشركات على أنها شركات مصدرة في حدود حصة إنتاجها التي تبيعها للشركات الصناعية المصدرة، وبالتالي ستستفيد من كل الامتيازات الموجهة لتشجيع الصادرات.وتتوخى الحكومة من هذا الإجراء تشجيع الاستثمارات المحلية في المكونات والأجزاء التي تستعملها الصناعات المصدرة، وكذلك الرفع من حصة المكون المحلي في الصادرات الصناعية.وتشكل هذه الإجراءات الجديدة طلائع ميثاق الاستثمار الجديد الذي تعهدت الحكومة بإخراجه للوجود خلال المائة يوم الأولى من ولايتها. ومن بين أبرز الإصلاحات المرتقبة في هذا الصدد تجميع هيئات ترويج الصادرات وتشجيع الاستثمار في هيئة واحدة تحمل اسم الوكالة المغربية لتشجيع الاستثمار والتصدير.ورغم أن الامتيازات الممنوحة للقطاع الصناعي تصدرت قانون موازنة 2017.

 بخلاف السنوات السابقة التي تصدر فيها قطاع العقار، فإن هذا الأخير كان حاضرا بقوة من خلال الكثير من التدابير والإجراءات الجبائية، والتي تعلق جزء منها بالسكن الاجتماعي والاقتصادي، وتعلق جزء آخر منها بالتوجهات الجديدة للسياسة الحكومية في هذا المجال.ومن أبرز الإجراءات الجديدة المتعلقة بالعقار إقرار امتيازات كبيرة لفائدة هيئات التوظيف الجماعي العقاري، وهي عبارة عن صناديق استثمار مشتركة موجهة للاستثمار في البناء واقتناء عقارات مخصصة حصريا للإيجار. ورغبة في تشجيع الادخار الطويل الأمد وتوجيهه لتمويل قطاع الإيجار العقاري الموجه للاستعمال المهني من خلال هذه الصناديق، قررت الحكومة منحها الإعفاء الدائم من الضريبة على الشركات فيما يخص الأرباح المحققة من طرفها والمطابقة للعائدات المتأتية من كراء العقارات المبنية المعدة لغرض مهني. كما منحتها الإعفاء الدائم من الضريبة على الأرباح بالنسبة للمبالغ المقتطعة من الأرباح لاسترداد أسهم أو حصص مشاركة صادرة عنها. إضافة إلى الإعفاء الدائم من الضريبة على الشركات على الربائح المقبوضة من طرفها والفوائد المدفوعة لها.وفي مجال مواكبة التحولات التي يعرفها القطاع العقاري في سياق الأزمة التي اجتازها في السنوات الأخيرة، تضمن قانون الموازنة إجراءات جديدة تقر الحياد الضريبي بالنسبة لبيع الثنيا، وهو عقد يتم بموجبه بيع العقار مع إمكانية إعادة شرائه من طرف البائع بعد انصراف مدة محددة. وفي انتظار أول إصدار للصكوك الإسلامية من طرف الحكومة بعد دخول قانون التمويلات التشاركية حيز التنفيذ، تضمنت الموازنة الجديدة إجراءات جبائية خاصة تهدف إلى المساواة بين الصكوك والسندات التقليدية في هذا المجال.