المفوضية الأوروبية

تنظر الحكومة السويسرية الفيديرالية بقلق، إلى احتدام المعارك الديبلوماسية بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي. إذ على بريطانيا أن تدفع مستحقاتها لمصلحة هذه الدول، قبل خروجها من الاتحاد، علماً أن إرادة الشعب البريطاني قضت وفقاً للتحليلات السويسرية، على روابط تاريخية متينة مع الدول الأوروبية المجاورة. ولم يكن على حكومة لندن إلا احترامها والتقيد بها.

واستنادًا الى المعلومات المتوافرة لدى المحللين السويسريين، فإن المفوضية الأوروبية في بروكسل تنوي أن ترسل الى حكومة لندن "فاتورة" قيمتها نحو 60 بليون يورو، تتعلق بسلسلة من برامج التمويل الدولية التي أقرّتها دول الاتحاد الأوروبي حتى عام 2023. ويبدو أن بريطانيا تعارض بشدة أي مسألة متعلقة بدفع هذه الفاتورة.

صحيح أن خروج بريطانيا من دول الاتحاد الأوروبي محتمل حصوله عام 2019. لكن حكومة لندن تنوي الخروج من دون دفع أي مبلغ لجيرانها الأوروبيين، بما أنها لا تعتقد أنه يتوجب عليها قانوناً أي انهماك في تسديد فواتيرها العالقة، حتى تلك العائدة إلى الاتفاقات المبرمة بين رئيس الوزراء السابق دافيد كاميرون وحلفائه الأوروبيين عام 2013.

ويشكك الخبراء في المرصد الاقتصادي في العاصمة السويسرية، في أن تتمكن المفوضية الأوروبية من تحصيل مستحقاتها من بريطانيا، بما أن موقعها المالي لا يزال قوياً. وفي حال كانت حكومة تيريزا ماي ذكية، فإن ضرورة التوصل الى حل في شأن القضايا المالية العالقة تُعتبر أمراً حيوياً، بما أن بريطانيا ستحتاج الى مواصلة دخول أسواق الاتحاد الأوروبي من دون معوقات. وإلا ستتحول الى ألبانيا جديدة، ما سيحض حتى العمال البريطانيين على الهجرة بحثاً عن وظائف.

وعلى صعيد سويسرا، يمكن القول إن العلاقات مع بريطانيا لم تتأثر بعد بردود الفعل الناجمة عن دول الاتحاد الأوروبي. لكن المحللين في الأسواق المالية المحلية، يرجحون أن تسحب المصارف السويسرية الكبيرة جزءاً من نشاطاتها اللندنية ما عدا تلك المنوطة بإدارة الثروات (ويلث مانجمنت)، المقدرة ببلايين الدولارات. بالطبع، سيؤثر هذا الانسحاب في عدد العاملين في فروع هذه المصارف. وهنا، يتوقع كثير منهم أن تسرّح هذه المصارف ما لا يقل عن 40 في المئة من موظفيها في لندن.

وثمة 10 الى 20 في المئة من القوة اللندنية العاملة لمصلحة هذه المصارف، ستُستدعى للعمل في سويسرا. ولا تأتي قرارات المصارف السويسرية من منطلق الادخار أبداً، انما يعتمد أصحاب القـــرار فــي المصارف السويسرية، على واقع جديد ستعيشه بريطانيا، لن يكون تنافسياً أبداً على كل الصعد ولسنوات.