ارتفاع استهلاك الطاقة في المناطق السكنية السعودية

 يمثل ارتفاع استهلاك الطاقة في المباني السكنية خلال فصل الصيف، أزمة كبيرة في السعودية، إذ تُصنف البلاد ضمن قائمة أعلى ثلاث دول في حجم هدر الطاقة على مستوى الشرق الأوسط، بحسب الدكتور عادل عبد المنعم عبده الأستاذ المشارك في قسم الهندسة المعمارية بكلية تصاميم البيئة بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، خلال لقاء أقامته الهيئة السعودية للمهندسين، أمس، بمدينة الدمام.

وذكر عبده لـ"الشرق الأوسط"، أن استهلاك الطاقة في السعودية مرتفع مقارنة بمعدلات الاستهلاك العالمي، مشيراً إلى أن أجهزة التكييف تلتهم النسبة الأكبر من الاستهلاك السكني، وبالتالي هي أكثر الأجهزة المنزلية استخداماً واستهلاكاً للطاقة الكهربائية خصوصاً خلال فصل الصيف، بما يفوق 70 في المائة، مع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة. وأضاف أن معدل استهلاك الطاقة في المساكن السعودية يقدر بـ24 ألف كيلوواط بالساعة، معظمها يُهدر من أجهزة التكييف، والنسبة المتبقية للإضاءة واستخدام الأجهزة المنزلية الأخرى، والسبب الرئيسي هو المناخ القاسي صيفاً، مما يرفع حجم استهلاك الطاقة بصورة كبيرة، ويزيد الحاجة للبحث في سبل ترشيد استهلاك الطاقة في المباني السكنية.

ولفت إلى أن المنطقة الجنوبية هي الأعلى في استهلاك الطاقة السكنية في السعودية، تليها المنطقة الغربية ثم الوسطى ثم الشرقية، وهو ما عزاه إلى ارتفاع عدد الأبنية السكنية على حساب الصناعية في جنوب البلاد. وشدد على ضرورة الالتزام بكود البناء السعودي. وتابع يقول: "البعض يرون في إضافة العزل الحراري تكاليف عالية، إلا أنه على المدى الطويل يسهم بشكل كبير في خفض تكلفة الطاقة".

وأكد الخبير الهندسي خلال محاضرته، ضرورة تحسين الأداء الحراري للمباني السكنية وتقليل استهلاكها للطاقة، قبيل التفكير في استخدام الطاقة المتجددة. وأشار إلى أهمية سلوك المستهلك في منع هدر الطاقة داخل المساكن، مؤكدا أن لذلك أثراً كبيراً في خطط ترشيد استهلاك الطاقة. وتابع: "صحيح أننا نقلل استهلاك الطاقة باستخدام العازل الحراري وتخفيض تشغيل التكييف، لكن هذا يتطلب أيضاً الوعي بكيفية استهلاك بقية الأجهزة الكهربائية المنزلية".

وتضمنت المحاضرة التي تحدث فيها عدد من المختصين بالشأن الهندسي، محاور عدة من بينها نبذة عن استهلاك الطاقة في المباني السكنية السعودية، والمباني ذات استهلاك طاقة قريب من الصفر، وتطوير نموذج لمسكن "فيلا" قائم بالحاسوب ومحاكاة استهلاك الطاقة، واستخدام الطاقة المتجددة، وأحدث أساليب قياس ومراقبة استهلاك الكهرباء في المباني السكنية.

وبحسب المركز السعودي لكفاءة الطاقة، فإن قطاع المباني (سكني، حكومي، تجاري) يستهلك نحو 23 في المائة من الطاقة المستهلكة في المملكة، وبلغ استهلاك القطاع من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة في المملكة أكثر من 75 في المائة، وبمعدل نمو سنوي يصل إلى نحو 7 في المائة، ويعزى ذلك إلى سببين رئيسين؛ الأول انخفاض كفاءة استهلاك الطاقة في الأجهزة الكهربائية المستخدمة، والثاني افتقار غالبية المباني للعزل الحراري.

أمام ذلك، نفذ البرنامج الوطني لترشيد استهلاك الطاقة مجموعة برامج فرعية لترشيد استهلاك الكهرباء في المباني، شملت تحديث المواصفة القياسية لأجهزة التكييف، والأجهزة المنزلية الأخرى، وكذلك مواصفات قياسية للإنارة المنزلية، وأجهزة التكييف ذات السعات الكبيرة. كما شملت هذه البرامج معالجة واقع افتقار أكثر من 70 في المائة من المباني السكنية القائمة إلى العزل الحراري، وما أدى إليه هذا الواقع من زيادة استهلاك الطاقة المستخدمة في أجهزة التبريد بنحو 250 مليون برميل مكافئ تقريباً خلال السنوات الخمس الماضية.

ونظراً لمساهمة العزل الحراري في خفض استهلاك الطاقة في المباني بنسبةٍ تتراوح بين 30 إلى 40 في المائة، عمل البرنامج على تسريع تنفيذ الأمر السامي، الصادر قبل سبع سنوات، بتطبيق العزل الحراري بشكلٍ إلزامي على جميع المباني الجديدة، عبر تحديث المواصفات القياسية لمواد العزل الحراري، وتحديد قيم معامل الانتقال الحراري للمباني ومراقبة تنفيذهما.