الريال اليمني


فرضت الميليشيات الحوثية هذا الأسبوع قيودًا جديدة على تداول العملة من شأنها أن تعمق من حدة الأزمة التي وصل سعر الريال فيها إلى القاع  , وذلك في الوقت الذي رفضت الميليشيات في صنعاء والمناطق الخاضعة لها اتخاذ أي إجراء مساند لجهود الحكومة الشرعية من أجل وقف تدهور سعر العملة المحلية (الريال) أمام العملات الأجنبية،.

الحكومة تقترح إجراءات للحد من تهاوي الريال اليمني

واقترح رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر اتخاذ عدد من الإجراءات التي قال إنها ستضع حدًا لاستمرار تهاوي سعر العملة الوطنية وارتفاع الأسعار، وذلك خلال كلمته التي ألقاها الإثنين في الرياض خلال الاجتماع الخليجي اليمني الداعم لمرجعيات التفاوض مع الميليشيات الحوثية لإحلال السلام.

المليشيات الحوثية تمنع نقل العملة المحلية من مناطق سيطرتها

وأفادت مصادر مصرفية وتجار بأن الميليشيات الحوثية أمرت بمنع أي نقل للعملة المحلية من مناطق سيطرتها إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، كما تضمن الأمر عدم السماح بتداول الطبعة النقدية الجديدة التي أصدرها البنك المركزي اليمني من مقره في العاصمة المؤقتة عدن.

وتتضمن وثيقة مسربة في صنعاء الأوامر الحوثية الجديدة الموجهة من جهاز الأمن القومي التابع لها إلى كل النقاط الأمنية وحواجز التفتيش على الطرق المتجهة إلى عدن ومأرب وبقية مناطق سيطرة الحكومة الشرعية , ونصت التوجيهات الحوثية على منع الأفراد من نقل أي مبالغ نقدية باتجاه مناطق الشرعية والقيام بمصادرتها واعتقال من يحملها وتسليمه إلى جهاز أمن الميليشيات حيث يتم التنكيل به.

المليشيات الحوثية تمنع تداول الطبعات الجديدة للعملة اليمنية

ونصت أوامر الميليشيات على منع تداول أي مبالغ مالية من الطبعات النقدية الجديدة للعملة اليمنية ومصادرتها في النقاط الأمنية واعتقال من يحملها، في سياق عدم اعتراف الجماعة الحوثية بهذه الطبعة الحديثة من قبل الحكومة الشرعية وقصر التعاملات على الفئات النقدية المطبوعة قبل الانقلاب.

ويرجح مراقبون أن الميليشيات الحوثية تحاول من خلال إجراءاتها هذه تعميق أزمة العملة المحلية وسط استمرارها في التهاوي، لجهة مضاربة عناصر الجماعة بها وقيامهم بإرباك السوق المصرفية عبر حملة مكثفة لشراء العملات الصعبة من أجل تكديسها وتهريبها إلى الخارج.

حملات من الحكومة لإغلاق محلات الصرافة غير المرخصة

وكانت الحكومة الشرعية شنت حملات مكثفة لإغلاق محلات الصرافة غير المرخصة في عدن ومأرب وتعز، في محاولة للحد من انهيار العملة، ورفضت الميليشيات في صنعاء اتخاذ أي إجراء بحق تجار العملة والمحلات غير المرخصة في مسعى منها لمفاقمة الوضع الاقتصادي نكاية بالحكومة الشرعية , وعلى رغم قيام الحكومة والبنك المركزي اليمني بعدد من الإجراءات من بينها دعم الاستيراد للسلع الأساسية وتزويد التجار بالعملة الصعبة بسعر أقل من السوق السوداء، اعتمادًا على الوديعة السعودية المليارية إلا أن الأمر بقي على ما هو عليه.

وكان البنك المركزي في عدن أعلن قبل أيام أنه سيتدخل في شكل مباشر لإنقاذ سعر العملة المحلية وإعادة الاستقرار إليها عبر ضخ العملة الصعبة إلى السوق، غير أن هذا الإجراء لم يثبت فاعليته، في ظل وصول الدولار الواحد أمس إلى نحو 570 ريالًا، مسجلًا بذلك أعلى قيمة له على الإطلاق أمام الريال اليمني.

احتجاجات غاضبة في عدن بسبب ارتفاع الأسعار

وشهدت مدينة عدن وبعض المناطق الخاضعة إلى الحكومة الشرعية احتجاجات غاضبة تواصلت أمس، وفق ما أفاد شهود لجهة استمرار العملة في التهاوي وارتفاع الأسعار في الوقت الذي ظلت الرواتب الحكومية كما هي دون زيادة تعادل الارتفاع المتصاعد في أسعار السلع , وفي آخر تشخيص حكومي لأسباب الأزمة الحالية، وطرح المقترحات التي يجب العمل بها لإعادة الاستقرار لسعر العملة، قال رئيس الحكومة الشرعية أحمد عبيد بن دغر، إنه يلزم اتخاذ إجراءين عاجلين لإنقاذ الريال اليمني من الانحدار إلى قاع الكارثة، ووقف تدهوره، بخاصة وقد بلغ سعره اليوم 560 ريالًا أمام الدولار الواحد، وهو الأمر الذي ينذر - على حد قوله - "بكوارث اجتماعية وسياسية وإنسانية بدت بوادرها واضحة في الشارع اليمني".

دعا بن دغر إلى أول إجراء خلال كلمته أمام اجتماع الرياض لدعم مرجعيات الحوار مع الحوثيين، هو "أن تتخذ إجراءات عاجلة من كل المعنيين بإدارة المناطق المحررة لضمان التعامل مع البنك المركزي اليمني بدلاً عن الصرافين وسماسرة العملة" , وقال بن دغر "نحن هنا نتكلم عن مئات الملايين من الدولارات الأميركية، وإن إجراء كهذا سيمنع بالتأكيد المضاربة والتعامل غير المشروع بالعملة المحلية، ثم سيمنع تهريب هذه العملات الصعبة من الوصول إلى خزائن الحوثيين" , أما الإجراء الآخر الذي اقترحه رئيس الحكومة اليمنية فهو "الترتيب لتحويل أموال المغتربين اليمنيين عبر البنك المركزي، والبنك الأهلي كما كان معتادًا قبل سنوات"، إذ إن استمرار منع المغتربين من التحويل عبر البنك المركزي - على حد قوله -، كان واحدًا من أسباب انهيار سعر الصرف.

وأكد رئيس الحكومة اليمنية أن الإجراءين المقترحين بالإضافة إلى ما سبقهما من إجراءات سعودية ممثلة بالوديعة المليارية والمشتقات النفطية لمحطات الكهرباء، كفيلة – وفق تصوره - بوقف تدهور الريال اليمني، وبخاصة أن هذين الإجراءين المشار إليهما لا يتطلبان أي أعباء مالية جديدة على أي طرف كان.

وعود بزيادة الرواتب للموظفين الحكوميين

ووعد بن دغر بزيادة رواتب الموظفين الحكوميين وقال: "إننا في الحكومة وبعد موافقة الأخ الرئيس سنقوم بإجراءات مصاحبة في مجالات عديدة هي من مسؤوليتنا، سوف تشمل إجراءات تجاه الكماليات من السلع غير الضرورية ولو مؤقتًا، كما أننا ندرس القيام بإجراءات أخرى منها تحريك الأجور والمرتبات بنسبة تتوافق مع المتغيرات القيمية في سعر الريال".

وأشار أن حكومته تدرك "حجم الاحتقان في الشارع ولدى الفئات الأكثر فقرًا في المجتمع، وبخاصة الموظفين العاملين في قطاعات التربية والصحة والنظافة والأشغال العامة والزراعة والأسماك والقطاعات الحكومية الأخرى، داعيًا كل الأطراف المعنية بإدارة المناطق المحررة التعاون في مجالات الأمن والاقتصاد وإدارة الشأن العام وإعطاء الناس ومعيشتهم الأولوية فيما يتخذ من إجراءات.

يذكر أن سلوك الجماعة الحوثية على صعيد نهب الموارد والمضاربة بالعملة واكتناز العملات الأجنبية وتهريبها لشراء الأسلحة هو المتهم الأول - وفق المراقبين - في تدهور الأوضاع الاقتصادية وإفشال جهود الحكومة الشرعية.

و أمر رئيس مجلس حكم الجماعة الانقلابي مهدي المشاط الإثنين , في مسعى من الجماعة لتهدئة حدة السخط في مناطقها، بصرف نصف راتب للموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الجماعة، قبيل عيد الأضحى، إلا أن الجماعة استثنت جميع الموظفين غير الخاضعين لها والرافضين للعمل تحت إمرتها، تحت مبرر أنهم غير مستحقين لنصف الراتب.

وأدى تدهور العملة اليمنية المتسارع خلال الأسبوعين الأخيرين إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية، بما فيها الأرز والقمح والحليب، والوقود، حيث وصلت إلى مستويات قياسية، بعد أن بلغت نسبة الزيادة ما بين 30 و40 في المائة.