البورصة

لا شك أن إعلان اللجنة الوزارية المسؤولة عن برنامج الطروحات الحكومية، تأجيل تنفيذ طرح حصة إضافية تبلغ 4.5% من أسهم شركة "الشرقية للدخان"، تسبب في حالة واسعة من الجدل بين خبراء أسواق المال، بشأن مدى تأثير القرار على أسواق المال، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هو الآلية التي ستعوض بها الحكومة المصرية، المكاسب التي كانت ستُجنيها من وراء برنامج الطروحات.

يرى محمد جاب الله، خبير أسواق المال، أن الحكومة من الأفضل لها أن تلجأ للقيمة العادلة للأسهم محل الطرح، مشيرًا إلى أنه بمجرد تحديد سعر عادل لسهم شركة محل الطرح سيعود بالإيجاب على تحركات ذلك السهم في السوق، مضيفًا أن البدائل أمام الحكومة محدودة للغاية، في ظل تقلبات الأسواق الناشئة، وأن الطرح وفقًا لآلية متوسط التداول في الشهر الأخير مرهونة بتحقيق انتعاشة قوية في البورصة، وهي أمر غير منتظر في الفترة الراهنة.

وأوضح "جاب الله"، أن القيمة العادلة هي المعيار الوحيد الذي يُتيح الحقيقة بشأن وضعية الشركة محل الطرح، ومن ثم توفر الفرصة للمستثمر لاختيار قراره وفقًا لخطوات مدروسة، لافتًا إلى أن البديل الأبرز أمام الحكومة في الوقت الراهن، هو اللجوء لتحديد القيمة العادلة لأسهم الشركات الـ 5، مع امكانية طرحها بنسبة خصم، لضمان نجاح الاكتتاب والحفاظ على السيولة المستهدفة.

واستطرد خبير أسواق المال، أنه كان من الأفضل الإعلان منذ اليوم الأول لبرنامج الطروحات الحكومية اللجوء للقيمة العادلة للسهم، على أن يتم تحديد سعر الطرح بناءًا عليها سواءً بالخصم أو بالطرح وفقًا للقيمة العادلة، مقترحًا تخصيص جزء من الطروحات الحكومية للشركات المتداولة، لطرحه لمستثمر مالي أو استراتيجي بالسعر العادل للشركة، على أن يتم طرح الجزء المتبقي للجمهور العام بنسبة خصم محددة ومعلنة سلفًا.

ويقول وائل عنبة، المحلل الاقتصادي، إن نجاح أي طرح يجب أن تتوافر فيه التوقيت الجيد وهو ما كان متوافرًا في البورصة خلال عام 2017، والشرط الثاني هو التسعير والتي يجب أن يتم طرح شركات غير مدرجة، فكان لابد تسعيرها بقيمة عادلة وليس بسعر السوق، والشرط الثالث هو الترويج من خلال اختبار مروج جيد.

وأضاف المحلل الاقتصادي، أن اختيار الشرقية للدخان لبداية برنامج الطروحات لم يكن جيدًا , بخاصة أن تسعير السهم كان بناء على سعر السوق، وهو السبب الرئيسي لعدم البدء في برنامج الطروحات وإرجاؤه إلى أن تتحسن قيم التداولات بالبورصة، مشيرًا إلى أن الشركات الحكومية محل الطرح لديها القدرة على جذب المستثمرين الماليين والاستراتيجيين للاستحواذ على حصص مؤثرة بها، ومن ثم فإن طرحها لهم بسعر عادل لن يُمثل عائق أمام تدفق استثماراتهم للاكتتاب في تلك الطروحات.

ونقلت نشرة انتربرايز  في تقرير لها، أن الحكومة ما زال أمامها وقت لبدء برنامج الطروحات قبل نهاية العام المالي الجاري في 30 يونيو/ حزيران 2019، مشيرًا إلى أن الحكومة يمكنها جمع المستهدف البالغ 10 مليارات جنيه من طرحي الشرقية للدخان وأبو قير للأسمدة فقط، من إجمالي 5 طروحات كانت تعتزم طرحها قبل نهاية 2018.

وكانت الحكومة قد اضطرت نهاية الأسبوع الماضي إلى تأجيل برنامج الطروحات المرتقب منذ شهور عديدة بسبب تقلبات السوق، وكان من المقرر طرح 4.5% من الأسهم المملوكة للشركة القابضة للكيماويات في الشركة الشرقية للدخان خلال الأسبوع الجاري لتفتتح بها الحكومة برنامج الطروحات الحكومية التي كان من المتوقع أن يدر حصيلة لخزينة الدولة تقدر بنحو 10 مليارات جنيه خلال العام المالي الجاري، إلا أن تأجيل الطرح قد يحول دون خفض عجز الموازنة، ويضطرها إلى التوجه سريعًا إلى الأسواق الدولية لإصدار سندات. 

ورأى هاني فرحات، كبير الاقتصاديين لدى سي آي كابيتال، أنه لو كانت الحكومة قررت عدم التأجيل، لفشلت الشرقية للدخان في تغطية الطرح عند قيمة مناسبة، وهو ما قد يؤدي إلى رد فعل سلبي سياسيًا، ومن الممكن أن يهدد مستقبل البرنامج بالكامل، كما ذكر مصدر حكومي رفيع المستوى في وقت سابق من هذا الأسبوع أن من الممكن إطلاق برنامج الطروحات في مارس المقبل، أو العام المالي المقبل , وفيما يخص المخاطر، قال وائل زيادة رئيس شركة الاستثمار "زيلا كابيتال"، والرئيس السابق لقطاع البحوث في المجموعة المالية هيرميس، إن الخطر الذي يواجه الحكومة نتيجة تأجيل الطروح هو أن أزمة الأسواق الناشئة قد تتفاقم خلال العام المقبل.