مجموعة "البريكس"

 مع انتهاء أعمال قمة "بريكس" في مدينة "شيامن" الصينية، يتضح محاولات التكتل الذي يشكل عدد مواطنيه نحو نصف سكان العالم، لوضع خطوط عريضة لنظام جديد للاقتصاد العالمي، لكن اللافت على هامش القمة كان الاهتمام البارز الذي توليه دول التكتل، وعلى رأسها الصين، بدور الدول العربية في التحولات المقبلة. وأطلق قادة دول "بريكس" ما أطلقوا عليه اسم العقد الذهبي الثاني مرتكزا على أربعة محاور أساسية تشمل السعي نحو تحقيق نتائج عملية في التعاون الاقتصادي، ودعم الاندماج في استراتيجيات التنمية، وجعل النظام العالمي أكثر عدالة ومعقولية، وتعزيز التبادل بين الشعوب.

وبينما أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ على أن مبادرة "الحزام والطريق" ليست أداة جيوسياسية، لكنها منصة للتعاون العملي، شدد كذلك على أن البلدان العربية أصبحت من الشركاء المهمين في بناء الحزام والطريق، مثمنا التعاون الأوسع نطاقا والإنجازات التي تم تحقيقها بين الجانبين. وفي كلمته أمام قادة بريكس، أشار جينبينغ إلى أن دول التكتل أصبحت بؤرة جديدة في الاقتصاد العالمي خلال عشر سنوات من التنمية، ومن المتوقع أن تستمر في أن تلعب دورا حاسما، ولهذا يتعين على دول بريكس إنجاز مهام كبيرة لنمو اقتصادياتها وخلق العقد الذهبي من التعاون.

وخلال القمة، تمت مناقشة الدفع بأدوات جديدة في النظام الاقتصادي العالمي، مثل إمكانية إطلاق "عملة بريكس" مشفرة بديلا لأدوات الدفع الأخرى، وكذلك إمكانية إقامة مؤسسات تصنيف للدول النامية، وبخاصة لدول بريكس، لتكون بديلا عن مؤسسات التصنيف الغربية، مثل "موديز" و"فيتش"، وغيرها.

وتأتي هذه القمة تتويجا لجهود الصين الدؤوبة نحو تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة ودعم الاقتصاديات النامية والأسواق الناشئة في ضوء استضافتها لقمة العشرين العام الماضي ومنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي في مايو/أيار الماضي في بكين.

وتعد مبادرة الحزام والطريق المشروع الصيني الاستراتيجي الضخم الذي يهدف إلى إحياء مفهوم وروح طريق الحرير القديم عن طريق إنشاء شبكة تجارة وبنية تحتية من طرق وموانئ وجسور وخدمات اتصالات ونقل وغيرها لتصل الصين مع آسيا وأوروبا وأفريقيا، حيث من المتوقع أن يغطي أكثر من 60 من بلدان العالم ليشمل هذا المشروع نحو 65 في المائة من سكان العالم، وثلث الناتج الإجمالي العالمي، وربع البضائع والخدمات التي تتحرك في العالم.

العلاقات الصينية ـ العربية

وبينما من المنتظر إصدار تقرير عملية تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والدول العربية لعام 2016 على هامش القمة، أوضح المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة المصري، أن التعاون الصيني العربي يشهد تقدماً ملموساً، وبخاصة في ظل توجه الكثير من الدول العربية نحو تعزيز نطاق التعاون المشترك مع الصين، مشيرا إلى أن عدد الدول العربية التي أقامت علاقات شراكة استراتيجية مع الصين ثماني دول حتى نهاية عام 2016.

وترأس قابيل وفد مصر في قمة أعمال الصين والدول العربية 2017، التي عقدت بالعاصمة الصينية بكين تحت عنوان "نحو تنمية متكاملة" بمشاركة عدد كبير من المسؤولين وممثلي كبريات الشركات الصينية والعربية. من جانبه، أعرب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية للشؤون الاقتصادية، كمال حسن علي، عن ثقته التامة بأن معرض الصين والدول العربية 2017 سيكون له دور كبير في تعزيز العلاقات بين الصين والعالم العربي.

وقال على هامش حضور المعرض، إنه يتطلع دائما إلى المزيد من الثمار للعلاقات الودية بين الصين والدول العربية، مشيرا إلى أن الصين تمثل اليوم مكانة متميزة وسامية في المجتمع الدولي، وأخذت مكانتها هذه تزداد في ظل التطورات التي تطرأ حاليا على الساحة الدولية، اقتصاديا وسياسيا وثقافيا.

واستطرد قائلا، إن العلاقات العربية الصينية تطورت ونمت في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، ولا سيما بعد تأسيس منتدى التعاون العربي - الصيني في عام 2004، حيث تضاعف حجم التبادل التجاري عشرات المرات خلال السنوات العشر الماضية، ووصلت العلاقات العربية الصينية إلى المستوى الاستراتيجي منذ عام 2010... وقضى منتدى التعاون العربي - الصيني حتى اليوم ثلاثة عشر عاما، تم خلالها تنظيم عدد كبير من الفعاليات وتحقيق كم هائل من الإنجازات المثمرة، وقد أصبح المنتدى منارة للتعاون الجماعي بين الجانبين.

وأضاف الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، أن الجهود المشتركة التي أدت إلى إنشاء منتدى التعاون العربي الصيني ليست بداية التعاون بين الجانبين، لأن التعاون بينهما يمتد في جذوره عبر التاريخ إلى آلاف السنين، بل إن مرحلة المنتدى ما هي إلا مرحلة وضع العلاقات في أطر مؤسسية واضحة وثابتة وقابلة للتطور في جميع مجالات التعاون بما يخدم مصلحة الجانبين العربي والصيني.

ونوّه بمبادرة الحزام والطريق، قائلا إن «العالم العربي أصبح ضمن أولويات هذه المبادرة الكبيرة؛ كونه ملتقى لطريقي الحرير البري والبحري»، وأشار إلى أن العالم أصبح يوجه أنظاره إلى العالم العربي ويتسابق إلى كسب موضع قدم سياسي أو اقتصادي في هذه المنطقة ولكن يبقى الاهتمام الصيني مرحبا به لأنه وعبر التاريخ ارتبطت الصين والدول العربية بعلاقات متميزة سلمية قائمة على أساس الاحترام والمنفعة المتبادلة.